(أرشيف)
(أرشيف)
الإثنين 25 سبتمبر 2017 / 10:08

الجزيرة القناة التي فقدت صوتها

الأيام البحرينية - سعيد الحمد

مبكراً خرجت الجزيرة من المشهد وما عادت كما كانت، فمع بدء حراك الدول الأربع الداعمة لمكافحة ومحاربة الإرهاب وخلال الأيام الأولى من بدء الحراك انفض المشاهد العربي عن الجزيرة وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة التي تؤكد شكوكه وهواجسه وسلبية مشاعره وموقفه من الجزيرة التي كان كل مواطن عربي وخليجي خصوصاً يحمل حولها علامات استفهام كبيرة ويسعى لتفكيك هذه العلامات والأسئلة، فقد كانت برامج الجزيرة وتقاريرها الاخبارية تفوح منها الشبهات المريبة والروائح الغربية.

في بداية 2011 فترة الخريف العربي وتصاعد عنفوانه بدأت الجزيرة تكشف عن وجهها الحقيقي ونواياها التي ظلت تداريها قدر الامكان منذ العام 1996، فالخريف العربي كان مشروعها الذي حفرت له وانتظرته طويلاً ومهدت له كثيراً وبالضرورة ستكون في القلب منه وستغدو الناطق المعتمد باسمه، وهو ما كشف الجزيرة وأزاح الغطاء عنها، فبدت على حقيقتها المجردة من كل تزويق وتلوين ومخاتلة.

وإذا كان أهل الخريف العربي ومن أشعلوه قد نبذهم الناس وانفضوا من حولهم وأبعدوهم عن دائرتهم نتيجة ما اقترفت أيديهم بحق أوطانهم ومواطنيهم بعد انكشاف لعبة ذلك الخريف المشين فإن قناة الجزيرة كانت الخاسر الأكبر منذ انكشاف غطاء الخريف العربي ثم تضاعفت الخسارة وزاد الخسران العظيم بعد أن بدأت سلسلة الخفايا والأدوار المشبوهة التي أدارتها تلك القناة في الظهور تباعاً لتجيب على كل علامات الاستفهام والشكوك والهواجس التي كان المواطن العربي والخليجي خصوصا لأنه اكتوى بنار تقارير وبرامج الجزيرة سنوات طوالا وكذلك الشعب المصري الذي ظلت الجزيرة وما زالت تهاجم وتشوه بلاده وتنال من نظامه ومن سمعة مصر بعد تهاوي الخريف.

واليوم والجزيرة ما زالت تصل الى كل بيت خليجي ومصري لم يعد احد من المواطنين حريصاً أو معنياً بمتابعتها ومشاهدة برامجها والانصات لتقاريرها كما السابق بعد أن سقط القناع عن القناع.

فالجزيرة وإن تسللت يوماً بقناع فقد سقط هذا القناع عن القناع، وظهر وجه الجزيرة الشائن والمشين وشاهت وجوه مذيعين ومقدمين لبرامجها من يسري فوده مروراً بأحمد منصور وفيصل القاسم وصولاً إلى خديجة بن قنة التي ما زلنا نتذكر كيف اختار يوسف القرضاوي أن يبعث لها برقية تهنئة خاصة قبل سنوات مضت حين وضعت الحجاب، وكأنها أول امرأة تتحجب في الاسلام لتستحق تهنئته...!!.

والجزيرة اليوم في وضع لا تحسد عليه، وكما السفينة حين تغرق يتقافز منها المتقافزون، فقد قفز من الجزيرة مذيعون ومذيعات ومعدون ومراسلون لم يعلن تفصيلاً عن أسمائهم وأعدادهم، وبدأ البعض منهم بتحويل مدخراته إلى بنوك في الخارج كما تواترت أنباء وتسربت معلومات.

والجزيرة في كل الأحوال أبداً لن تعود كما كانت، وهذه حقيقة إعلامية لا يمكن أن يتجاهلها إعلامي محترف ومهني، فبعد ان جرى لها ما جرى وبعد أن مرت مياه كثيرة من تحتها وانكشف ما انكشف من أمرها لن تعود كسابق العهد بها ولن يمر شعارها "الرأي والرأي الآخر".

ولن تستطيع قناة عزمي بشاره التي تبث من لندن أن تحل محلها وأن تقوم بدورها، فهي قناة ولدت ميتة واحترقت إعلامياً وجماهيرياً بسبب من عزمي نفسه الذي احترق "كارته" ومصيبته أنه ما زال يناور لأسباب لا تخفى على اللبيب بل على الجميع، فلا عزاء للجزيرة فقد اختارت هكذا نهاية تستحقها.