الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الجمعة 20 أكتوبر 2017 / 11:35

العلاقات الأمريكية-التركية...من أزمة إلى أخرى!

قبل أسبوع، أدت توترات قديمة في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا إلى أزمة ديبلوماسية كاملة، بعدما علقت السفارة الأمريكية في أنقرة جميع خدماتها لمنح تأشيرات زيارة لغير المهاجرين، في جميع مقارها الديبلوماسية في تركيا. وسارعت أنقرة إلى الرد بإجراء مماثل.

قرار تعليق إصدار تأشيرات، وهو ناتج عن قضايا معقدة بين الحكومتين، سيكون له تبعاته الحقيقية على أشخاص عاديين في كل من تركيا والولايات المتحدة، وسوف يؤثر على مستقبل العلاقات بين البلدين الحليفين

وكان السبب المباشر لانفجار تلك الأزمة إلقاء القبض على موظف تركي يعمل لدى القنصلية الأمريكية في إسطنبول، بتهمة التواصل مع شبكة فتح الله غولن.

ولفت جوشوا ووكر، مسؤول سابق عن القضايا التركية لدى وزارة الخارجية الأمريكية، وسلمى برداقجي، زميلة تركية لدى أطلس كوربس، إلى أن هذا الخلاف الديبلوماسي، وهو الأول بين حليفين قديمين في الناتو، يعني أنه مع كل يوم جديد تبقى فيه القضية دون حل، فإن مزيداً من الضرر سيلحق بالعلاقات الثنائية بين البلدين.

وكان السجال المفاجئ بدأ بتصريحات نشرت عبر تويتر، قبل أسبوع، للرئيسين رجب طيب أردوغان ودونالد ترامب، والتي دلت على أن العلاقات الشخصية الدافئة التي ظهرت بين الزعيمين، خاصة عند زيارة أردوغان في الشهر الماضي إلى نيويورك، لم تحل دون حدوث تحول سريع في التحالفات الجيوسياسية في المنطقة.

تلاشي النبرة الإيجابية

ويلفت ووكر وبرداقجي  في مقالهما في مجلة "ناشونال إنترست" إلى تلاشي النبرة الإيجابية التي تبناها أنصار أردوغان حيال ترامب، حيث يشعر عدد منهم بأنهم خدعوا بشأن تحولات سابقة تبين لهم اليوم أنها كانت مجرد خطاب فارغ، وخاصة بعدما طرد مايكل فلين، أحد حلفائهم القدامى من الإدارة.

وحمل أردوغان مسؤولية أزمة التأشيرات الأخيرة للسفير الأمريكي السابق لدى تركيا، جون باس، الذي تحول إلى كبش فداء، وهو في طريقه لتسلم مهامه كسفير لأمريكا لدى أفغانستان. وعبر تجنبه ذكر اسم ترامب، أبدى أردوغان رغبة بعدم الإضرار بعلاقته الشخصية الإيجابية مع الرئيس الأمريكي. وعوضاً عنه، حرصت جوقة مقربة من الحكومة التركية على اتهام البيروقراطية الأمريكية بأنها معادية لتركيا، وبأنها جزء من "الدولة العميقة" المنخرطة مع شبكة غولن، أو المتعاطفة معها.

تجنب مواجهة مباشرة

ويقول الكاتبان إنه من المفهوم سبب امتناع الحكومة التركية عن خوض مواجهة مباشرة مع ترامب، لإدراكها أن رده سيكون قاسياً. وقد ذهبت أزمة التأشيرة أبعد من مجرد سوء فهم ديبلوماسي بسيط، أو اعتبارها قضية تقنية قنصلية وحسب، بل أكدت الحاجة الماسة لإعادة تقويم العلاقات الثنائية.

ومنذ الحملة الانتخابية لترامب، أبدى أردوغان وإدارته تفاؤلاً حيال العلاقات مع الولايات المتحدة، رغم خلافات حول قضايا أساسية، كدعم أمريكا لفصائل كردية تقاتل في سوريا والعراق. ورأى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بزعامة أردوغان، في انتخاب ترامب فرصة لبداية جديدة للعلاقات، بعد خيبة أمل مع أوباما، بسبب دعمه للأكراد ورفضه تسليم فتح الله غولن لتركيا.

رسائل مختلطة
ويشير ووكر وبردقجي إلى أن أنقرة تعوّدت على تلقي رسائل متفاوتة ومواقف مختلفة من واشنطن، عند كل تغيير في الإدارات الأمريكية. ولكن قرار تعليق إصدار تأشيرات، وهو ناتج عن قضايا معقدة بين الحكومتين، سيكون له تبعاته الحقيقية على أشخاص عاديين في كل من تركيا والولايات المتحدة، وسوف يؤثر على مستقبل العلاقات بين البلدين الحليفين.

وبرأي الكاتبين قد يؤدي الشجار السياسي إلى زيادة العداء تجاه أمريكا في الداخل التركي. فقد أظهرت دراسة، أجراها مركز بو للأبحاث، أن 13٪ فقط من الأتراك لديهم نظرة إيجابية حيال أفكار أمريكية، وقرابة 72٪ منهم يشعرون بأنهم مهددون من قبل النفوذ والقوة الأمريكية.