رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وصهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر.(أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وصهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر.(أرشيف)
الثلاثاء 24 أكتوبر 2017 / 19:52

مرحلة تهيئة الأجواء

حن الان في مرحلة تهيئة المناخ النفسي والسياسي لاستئناف المفاوضات، وهنالك حديث عن مفاوضات سرية تجري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ومصر وأمريكا ليستا بعيدتين عن هذه الفعالية السرية

كثرت في الأيام الأخيرة، التصريحات والتسريبات التي تتحدث عن استئناف وشيك للمفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية، تحت رعاية مصرية وأمريكية.

ورغم عدم تبني المؤسسات الرسمية عند جميع الأطراف المعنية لهذه التسريبات والتصريحات، إلا أنها تبدو واقعية تماماً إذا ما وضعنا في الاعتبار التطور الجديد في طريقة العمل الأمريكية بشأن التسوية.

وطريقة العمل تشير أيضاً إلى تغيير في المضمون، حيث أدركت إدارة ترامب أن أحد الأسباب الرئيسة لفشل المحاولات الأمريكية الكثيرة، هو استبعاد قوىً مؤثرة عن العملية السياسية، وفي أفضل الأحوال إطلاعها على ما يجري، كما لو أنها مجرد مستشار فني يؤخذ أو لا يؤخذ بمشورته.

ترامب يريد لكل من يستطيع المساهمة في صفقة القرن أن يشارك، وبدل أن يكون الأمر مجرد فلسطيني- إسرائيلي تذروه رياح الاهواء الإقليمية المتناثرة، فإنه سيحصن هذا المسار بتسوية إقليمية فيها اغراء جدي للإسرائيليين، وهو التطبيع العربي والإسلامي، وفيها ضمانات أكثر لنجاح الجهد الأمريكي لبلوغ تسوية أساسها المسار الفلسطيني- الإسرائيلي.

نحن الان في مرحلة تهيئة المناخ النفسي والسياسي لاستئناف المفاوضات، وهنالك حديث عن مفاوضات سرية تجري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ومصر وأمريكا ليستا بعيدتين عن هذه الفعالية السرية، وتسريبات حول ذلك تتحدث عن قرب موعد لقاء محتمل يدعو له الرئيس ترامب بين طرفي المسار الفلسطيني- الإسرائيلي نتانياهو وعباس، وإذا ما ربطنا الأمور برابط منطقي بين أنشطة متناثرة هنا وهناك، نجد أنها جميعاً تؤيد هذا الاحتمال، فالدعم الأمريكي للجهد المصري في المصالحة وفتور رد الفعل الإسرائيلي عليها، والإجماع الدولي الذي نشأ حولها وعلى نحو غير مسبوق، يؤكد أن الامر ليس مجرد تعاطف مع حياة أهل غزة أو جمع قبيلتين فلسطينيتين متناحرتين، بقدر ما هو مقدمات ضرورية للدخول في محاولة سياسية أكثر جدية من كل ما مضى.

ودعونا نفترض أن هذا التحليل هو صحيح وله أرجل تمشي على أرض الواقع ، فإن ذلك لا يعني استبعاد المعوقات التي يمكن أن تنشأ إمّا على طاولة المفاوضات أو في مرحلة دخول بعض نتائجها مرحلة التنفيذ، فالمطالب الإسرائيلية إذا ما ظل الائتلاف الحكومي الحالي كما هو، أو أفرزت أي انتخابات قادمة تكريساً للإئتلاف اليميني ، وإذا ما ضعفت إدارة ترامب أكثر وهي في سبيلها إلى ذلك ، وإذا ما جاءت شروط صفقة القرن مجحفة أو غير قابلة للتعايش معها، فساعتئذ يمكن رؤية المآلات بصورة أكثر وضوحاً مما نراها استنتاجاً في مرحلة تهيئة المناخ .

في كل الأحوال فإن تحريك المياه الراكدة هو أمر إيجابي في حد ذاته، ودخول الدول العربية إلى المعادلة بتنسيق أمريكي هو كذلك، وتغيير العنوان والمضمون من سلام فلسطيني إسرائيلي تعثر وانهار، الى سلام إقليمي يمكن ان يحمي ويشجع الأطراف على المضي فيه ، كل ذلك قد لا يصمد أمام الجشع الإسرائيلي القائم على مبدأ الحصول على كل شيء دون إعطاء أي شيء وهذا يجعل من كل ما هو موضوعي ومنطقي، مجرد محاولة تملك إسرائيل قدرات مشهودة على تقويضها.

وهذا ينبغي اذا ما أراد الرئيس ترامب أن ينجح، أن يروّض الجانب الإسرائيلي نحو اعتدال يفتح الأبواب ولا يغلقها، وهذه مسألة لا نستطيع الجزم بنجاحه فيها وربما ... ولا هو كذلك.