رجل أمن عرافي في ضريح النبي يونس في الموصل.(رويترز)
رجل أمن عرافي في ضريح النبي يونس في الموصل.(رويترز)
الثلاثاء 7 نوفمبر 2017 / 13:22

إرث داعش يمنع مصالحة سياسية في العراق وسوريا

اعتبر الباحث دانيال ديبيتريس أن مدينة الرقة السورية تجسد صورة حية ومؤلمة للحرب الواسعة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش الإرهابي. فبعد حملة مكثفة استغرقت أربعة أشهر وشملت مئات الضربات الجوية الأمريكية والقتال البري، باتت الرقة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ولكنها دمّرت بالكامل.

اللهفة للانتقام بين الميليشيات الشيعية التي اعتمدت عليها بغداد منذ بداية الحرب ومعاناة الأشخاص العاديين من حكم داعش خلال السنوات الأربع الماضية لا يؤذن بمصالحة سياسية ضرورية

ويشير الباحث، في مقال نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، أن الخراب والدمار هما إرث داعش بعد كل هذه السنوات، والفترة التي تلي تحرير المدن والبلدات العراقية والسورية ستكون صعبة (كما كان الوضع أثناء محاربة داعش) بسبب الدمار الهائل وحجم المفقودين، فضلاً عن العداوة المكبوتة لدى المجتمعات المتعددة في سوريا والعراق والتي قد يستغرق تجاوزها أجيال.

إرث داعش
والواقع أن اللهفة للانتقام بين الميليشيات الشيعية التي اعتمدت عليها بغداد منذ بداية الحرب ومعاناة الأشخاص العاديين من حكم داعش خلال السنوات الأربع الماضية لا يؤذن بمصالحة سياسية ضرورية في حال كان العراق وسوريا يطمحان إلى مستقبل لائق.

وبحسب الباحث من الصعب في هذه المرحلة تحديد مستقبل داعش. وبعد سقوط الموصل هذا الصيف والحويجة في الشهر الماضي وكذلك الرقة قبل أسابيع، يمكن أن يسجل التاريخ أن داعش جماعة إرهابية فاشلة حاولت بناء دولة وقهر الآخرين، ولكن بدلاً من ذلك كان مصيرها القتل والسجن. والداعشيون الذين كانوا يتفاخرون بوحشيتهم ويذبحون الرهائن أمام الكاميرات ويهددون بضرب الغرب، باتوا الآن قيد الاحتجاز ويتوسلون للحصول على الرحمة.

داعش على خطى القاعدة

ويحذر الباحث من أن منطقة الشرق الأوسط تعاني الكثير من المشاكل السياسية، وداعش سوف يعود في نسخة أخرى أكثر تطرفاً. ويجب أن يتوقع مسؤولو مكافحة الإرهاب الأمريكيون والأوروبيون أن داعش سوف يكرر ما فعله تنظيم القاعدة في العراق بعد أن تم القضاء على قيادته في غارة أمريكية عراقية مشتركة خلال عام 2010. وهذا يعني الاختباء في الصحراء وبين السكان المحليين وإجراء تفجيرات انتحارية وهجمات بالأسلحة الصغيرة على القوات العراقية والسورية ووحدات الميليشيات المعادية لداعش، والعودة إلى ابتزاز الشركات للحصول على الإيرادات، فضلاً عن استغلال الخلافات الطائفية الحتمية وإشكاليات الحكم والركود الاقتصادي الذي سيقود الشعب إلى الغضب واليأس، وكلها أمور لا تنتهي بشكل جيد.

الولايات المتحدة باقية في العراق وسوريا

ويلفت الباحث إلى أن بقاء الولايات المتحدة في العراق وسوريا سيكون مطلوباً لضمان دحر داعش وحتى تكون القوات العراقية وقوات سوريا الديمقراطية قادرة بما يكفي على الاحتفاظ بالأراضي التي حرّرت. وكما أشار مسؤولون كبار في البنتاغون فإن القوات الأمريكية سوف تظل في العراق لفترة غير محددة لمساعدة بغداد ومنع حدوث انهيار آخر في الجيش العراقي.

وعلى امتداد الحدود في شمال سوريا، تفيد التقارير أن وزارة الخارجية الأمريكية ستساعد قوات سوريا الديمقراطية في إزالة الأنقاض في الرقة وكذلك الألغام الأرضية والأجهزة المتفجرة المتناثرة على الطرق والمباني وتهيئة الظروف التي تسمح للمدنيين بالعودة إلى ديارهم.

إعادة الإعمار
ويرى الباحث أن الدعم المادي الأمريكي، مهما كان مقداره، والتدريب والخبرة لن يحدث فرقاً في المخطط الكبير للأشياء إذا لم تتوافر لدى القيادات السياسية في المنطقة قوة الإرادة والرغبة في تغيير نهجهم في حكم شعوبهم ونبذ الفساد وسوء المعاملة والحكم الطائفي، وذلك من أجل الحؤول دون توافر الظروف الملائمة لعودة ظهور التنظيمات الإرهابية مثل داعش.

ويحض الباحث في ختام مقاله واشنطن على المشاركة في إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع وبناء القدرات. ويقترح أن تتولى إدارة ترامب تنظيم مؤتمر دولي للمانحين في واشنطن أو بروكسل أو الرياض لجمع الأموال لإعادة إعمار العراق والمناطق التي تم تحريرها في سوريا، وبخاصة لأنه ثمة حاجة ماسة لإعادة بناء المدارس والمستشفيات وتسديد رواتب الموظفين المدنيين من خلال المساعدات المالية العربية والغربية.