جنديان عراقيان يوقفان عنصراً من داعش.(أرشيف)
جنديان عراقيان يوقفان عنصراً من داعش.(أرشيف)
الجمعة 24 نوفمبر 2017 / 12:49

"الجهاز الأمني".. ذراع داعش الاستخباراتي لا يزال خطيراً

خلال معركة الموصل، دخلت مجموعة من الجنود العراقيين إلى حي آمن في المدينة، وأخذت تبحث عن سيارات مفخخة وقنابل يدوية الصنع، وقواعد خاصة بداعش، مع ملاحقة عناصر في التنظيم الإرهابي، مختبئين داخل المدينة. وكان مصدر تلك المعلومات مدنيين داخل منطقة خاضعة لسيطرة داعش.

 وعلى الجانب الآخر من المعركة، جرت نفس العملية، لكن بصورة معاكسة، وبصورة بالغة التعقيد. ويعود ذلك لقوة مكتب داعش الاستخباراتي، ويسمى الأمني، وهو لا يزال يمثل تحدياً كبيراً، رغم تفكك التنظيم.

حرب المعلومات
وكتب في مجلة "فورين أفيرز"، كل من فيرا ميرنوفا، باحثة لدى مركز بلفر التابع لجامعة هارفرد، وإيكاترينا سيرغاستكوفا، صحفية أوكرانية، وكرم الحمد، صحفي سوري حر أن توفير مدنيين بعض المعلومات حول داعش للسلطات العراقية، مثل السبيل الوحيد لمقاومة وضع بائس. وبالفعل قال ضابط استخبارات عراقي: "تعاون عدد كبير من سكان الموصل معنا لأنهم أرادوا الانتقام من داعش الذي قتل أقارب لهم". وبالنسبة إلى آخرين، كانت المعلومات مقابل مبلغ مالي يزيد أو يقل حسب المعلومات المقدمة.

حيل
لكن، كما يذكر الباحثون، لم يكن توفير المعلومات أمراً سهلاً. فقد لجأت مخبرة للاختلاط بعناصر من داعش. وخوفاً من لفت الأنظار إليها، كانت تسير برفقة بنات وأبناء أختها الصغار. وعملت امرأة أخرى مصففة شعر، حيث تجسست على قادة داعش من خلال زوجاتهم اللاتي كن يترددن على الصالون.

مهمة شاقة
ويشار، في هذا الصدد، لصعوبة إيصال المعلومات التي تم جمعها. فقد كانت المنطقة التي سيطر عليها داعش محاطة بقوات عراقية وحليفة لها، ولذا استحال نقل المعلومات شخصياً. ورغم بقاء بعض مقاهي الانترنت عاملة في تلك المناطق، لكن داخل الموصل، على الأقل، وبحسب سكان المدينة "كان جميع العاملين في تلك المقاهي من عناصر" الأمني" التابع لداعش، كما هو الحال بالنسبة لمرتادي تلك المقاهي".

وبحسب الكتاب الثلاثة، ارتاب داعش بحاملي جميع الأجهزة الإلكترونية المعقدة. وقيل إنه في اليوم الأول لاستيلائه على الموصل، اعتقل مدنياً بتهمة التجسس لأنه كان يحمل ساعة رياضية مزودة بتقنية جي بي إس.

أجهزة بسيطة
ورغم حمل بعض المخبرين لأجهزة هاتفية تعمل بالأقمار الصناعية، كانت هواتف نقالة عادية هي الوسيلة الرئيسية لنقل المعلومات. ولكن داعش منع حمل الهواتف النقالة، ولذا كان على المخبرين ابتكار حيل لإخفائها. وكانت المخبرات تخفين الموبايلات داخل ثيابهن، أو فوق أشجار، أو داخل عبوات خاصة بالأطعمة في مطابخن، وبين قطع الأثاث. وقال أحد العراقيين أنه صنع حفرة في حديقته وأخفى داخلها هاتفه، حيث كان يخرجه مرة واحدة في الأسبوع من أجل إرسال معلومات.

دور رئيسي
وعلى رغم صعوبة نقل المعلومات، وحيث تعرض أصحابها للقتل أو التعذيب، واصل مخبرون عملهم، ولعبوا دوراً رئيسياً في التحضيرات للحرب على داعش، وخلال العمليات الرئيسية، كمعركة تحرير الموصل.

ولكن، وكما تشير الباحثة، تدفقت معلومات من الجهة الأخرى، من قبل متعاطفين مع داعش يقيمون خارج مناطقه، وحيث أرسلوا رسائل لقادة داعش. وكانت طريقة هؤلاء في جمع المعلومات متطورة نسبياً، ليس لأنهم استفادوا من خبرات عراقيين عملوا مع أجهزة استخبارات صدام حسين، بل مع مقاتلين أجانب قدموا من مختلف البلدان.

تعقب
وقد تركزت مهام استخبارات داعش "الجهاز الأمني" على تعقب من اعتبرهم "خونة وكفار وجواسيس" لأجل إنزال أشد العقوبات بحقهم وترهيب المدنيين عبر تعذيبهم وقتلهم بشتى الوسائل الوحشية.

لكن تشديد سبل المراقبة المعقدة على سكان مناطق داعش، قاد لانتشار حالات من ضعف الثقة بين صفوف التنظيم وقيادته، ما أدى لنشوب صراعات داخلية ولسقوط داعش في نهاية الأمر.

ويرى الباحثون أن حل مشكلة استخبارات داعش يتطلب من القوات العراقية أن تكسب ثقة سكان محليين، مع رفع درجة التعاون الأمني بين مختلف البلدان المجاورة. وسيكون من الأسهل ضبط مخبر يخدم داعش إن تقاسمت هيئات استخباراتية مختلفة المعلومات بين أفرادها، وخاصة لضبط مقاتلين أجانب قبل هروبهم خارج العراق وسوريا إلى أوروبا.