الإثنين 18 ديسمبر 2017 / 12:14

فضيحة أردوغان تهدد حلف شمال الأطلسي

كتب براد باتي من مجموعة الدراسات الأمنية وهي مؤسسة رأي أمريكية أنّ سفيرة واشنطن إلى الأمم المتحدة نيكي هالي شرحت كيف عملت طهران على مخططات متعددة من أجل تفادي القيود المفروضة عليها حول شحن الصواريخ. ويشير باتي إلى أنّ شهادة هالي تزامنت مع مسار قضائي يدور في محكمة فيديرالية أمريكية يظهر أنّ إيران كانت تعمل على تجنّب هذه القيود منذ فترة طويلة. لكنّ هذه المحاكمة أظهرت أنّ إيران كانت تفعل ذلك بمساعدة حليف أمريكي، وهو تركيا.

خلال فترة العقوبات الدولية، زار أردوغان برفقة وفد كبير السلطات الإيرانية، ومع أنّ الجانبين لم يتطرقا بشكل علني إلى التجارة حينها، فإنّ هنالك كل سبب ممكن للاعتقاد بأنّه ذهب لمباركة العمليّة

لا يكمن الخطر هنا في إمكانية ضرب التحالف بين تركيا والولايات المتحدة وحسب لكن أيضاً في التأثير على وحدة حلف شمال الأطلسي نفسها. ويضيف باتي أنّه لسبب معيّن، تتعامل الحكومة الأمريكية مع هذه المسألة على أنها محاكمة جنائيّة عادية بدلاً من تعاملها معها، كما هي في الواقع، على أنّها أزمة ديبلوماسيّة حقيقية.

حين زار أردوغان طهران

في سنة 2013، بدأت الشرطة التركية تشنّ حملة مداهمات حول ما أمكن أن يثبت وجود مخطط "النفط مقابل الذهب" والذي صُمم لتفادي العقوبات الأمريكية والدولية على إيران. وخلال التحقيقات تم العثور على أشرطة تظهر تورط رئيس الوزراء التركي حينها رجب طيب أردوغان وحكومته في القضية. وإذا بات أخيراً للعدالة الأمريكية فرصة لتحميل مصرفيين متورّطين المسؤولية المناسبة، فإنّ الكاتب يذكّر بأنّ عمليات كهذه، في أنظمة تسلطية كتركيا وإيران، لا تمرّ من دون تورط حكومي على أعلى المستويات. خلال فترة العقوبات الدولية، زار أردوغان برفقة وفد كبير السلطات الإيرانية، ومع أنّ الجانبين لم يتطرقا بشكل علني إلى التجارة حينها، فإنّ هنالك كل سبب ممكن للاعتقاد بأنّه ذهب لمباركة العمليّة.

كيف جاء رد إدارة أوباما؟
يضيف باتي أنّ وسائل الإعلام التركية والإيرانية غطت الزيارة، ورجّح أنّ وكالات المخابرات الأمريكية كانت مطلعة عليها هي الأخرى. لكن من الواضح أنّ إدارة أوباما قررت أن تتعامل مع المسألة على أنّها قضية جنائية ذات أهمية ضئيلة ولا تؤثر إلا على بضعة مصرفيين، بينما هي تهديد لأهم حلف عسكري تنتمي الولايات المتحدة إليه. فهنالك قرارات داخل حلف شمال الأطلسي تُتخذ بالإجماع، لذلك، إذا قررت تركيا أن تمارس تصويتها داخل الناتو على طريقة الفيتو أو حق النقض فإنّ هذا الحلف سيصبح غير فعال، تماماً كما هي الحال مع مجلس الأمن الدولي. وعلى الرغم من أنّ الأخير قوي من حيث الأساس، تبقى قوى تسلطية مثل روسيا والصين قادرة على إيقاف أي تحرك. وهذا الفيتو هو الذي جعل مجلس الأمن بلا فاعلية بالنسبة إلى القضايا الحسّاسة التي طُرحت أمامه. وإن أصبحت تركيا عبارة عن حق نقض تسلطي داخل الناتو، فإنّ الأخير سيصبح بلا فاعلية أيضاً.

تركيا تسلح عصابات مجرمة في ألمانيا

إنّ الخطر يتضاعف لأنّ حكومة أردوغان بدأت منذ فترة تبتعد عن الولايات المتحدة. فمنذ 2003، استغلّ حزب العدالة والتنمية قيادته للحكومة التركية لمنع قوات التحالف من فتح جبهة شمالية في الحرب على العراق. وترفض حكومة أردوغان القيم الغربية مثل حرية الفكر والبحث. ويذكّر الكاتب بأنّ آلاف الأكاديميين تمّ منعهم من العمل في الوقت الذي شدّد أردوغان قبضته على الحكومة، فتمّ تطهير الآلاف من الشرطة والجيش بسبب وجهات نظرهم السياسية. ونقل عن تقرير مخابراتي مسرّب أنّ الحكومة التركية تسلح عصابات مجرمة في ألمانيا.

مساءلة ديبلوماسية أوباما

قد يكون أردوغان يعمل على تهيئة تركيا لمغادرة الناتو. فقد قالت مصادر تركية للكاتب إنّ الرئيس التركي حضّر قصة تتمحور حول احتمال وقوف المخابرات الأمريكية وراء محاولة الانقلاب عليه بالتعاون مع فصائل تابعة للداعية التركي فتح الله غولن. تشير هذه الحياكة إلى أنّ حكومة أردوغان تخلق شرخاً بين المواطنين الأتراك والأمريكيين بطريقة علنية. وهذا لا يمكن أن ينعكس بطريقة إيجابية على العلاقة المتدهورة أصلاً بين البلدين.

يضيف باتي أنّه من الواجب مساءلة الديبلوماسية الأمريكية في عهد أوباما والتي غضّت الطرف عن إفساد إيران لدولة حليفة للولايات المتحدة. لقد جعل الرئيس السابق من التوصل إلى الاتفاق النووي قاعدة جوهرية لسياسته حتى ولو سمح ذلك بتهديد الناتو نفسه. وطالب الكاتب الإدارة الجديدة في نهاية مقاله بتصحيح المسار السابق.