الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.(أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.(أرشيف)
الجمعة 23 مارس 2018 / 13:33

بريطانيا تتراجع.. بوتين ينجو مجدداً

24- زياد الأشقر

رأى الباحث إميل سمبسون في مجلة "فورين بوليسي" أن الحكومة البريطانية تراجعت على ما يبدو في مواجهة روسيا في قضية الجاسوس المزدوج سيرغي سكريبال، معتبرة أنها خطوة خاطئة، وكان على الحكومة البريطانية أن ترد بشكل أقوى، ولا يزال في إمكانها فعل ذلك.

على لندن أن تدفع في اتجاه معالجة نقاط الضعف في أنظمة العقوبات الحالية ضد روسيا في ما يتعلق بإصدارات ديون سيادية جديدة

وسبق للمملكة المتحدة أن طردت 23 ديبلوماسياً روسياً، وأصدرت بياناً مشتركاً مع فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة اعتبرت فيه أن محاولة القتل على الأراضي البريطانية لسيرغي سكريبال، الجاسوس الروسي السابق، وابنته يوليا، باستخدام مادة من غاز الأعصاب في 4 مارس (آذار) هو عما "يرجح جداً" أن تكون روسيا قد ارتكبته. وقال سمبسون إن هذا كان يمكن أن يكون بداية رد جدي، مترافقاً مع إجراءات أقسى تعتمد على رد الفعل الروسي.

تحدّ روسي
ولكن رد الفعل الروسي، كما بدا، شكل تحدياً. فالعنوان كان قرار الكرملين بطرد 23 ديبلوماسياً بريطانياً، وإغلاق المجلس الثقافي البريطاني في روسيا، والقنصلية البريطانية في مدينة سان بطرسبرغ. والخطوة التي حظيت بانتباه أقل، على رغم أهميتها، كانت الانتهاك الفاضح لنظام العقوبات الغربية المفروض على روسيا منذ 2014 بسبب ضمها شبه جزيرة القرم وبسبب نشاطها المزعزع للاستقرار في شرق أوكرانيا. إذ أنه في خضم النزاع الديبلوماسي البريطاني-الروسي، أصدرت روسيا أربعة مليارات دولار باليوروبوند، نصفها تم شراؤها في المملكة المتحدة.

نقطة ضعف
ولفت الباحث إلى أن الفشل في فرض عقوبات على إصدار ديون سيادية روسية جديدة، هو نقطة ضعف رئيسية في عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لسببين على الأقل: الأول، أن العقوبات الحالية تستهدف المصارف وشركات الطاقة التي توجد علاقة بينها وبين الكرملين ولا تستهدف الدولة الروسية نفسها، التي يبقى في إمكانها شراء ديون سيادية بواسطة الاتحاد الأوربي والكيانات الأمريكية.

وبينما الدين العام الروسي في مستويات منخفضة نسبياً (122 مليار دولار الدين المحلي و38 مليار دولار باليوروبوند مع نهاية الربع الثالث لعام 2017)، فإن روسيا لا تزال في حاجة إلى إصدار عملة أجنبية للوفاء بالتزامات الدين الخارجي. والسبب الثاني، يكمن في أنه بينما يمنع نظام العقوبات المصارف وشركات الطاقة من إصدار ديونهم الخاصة في الأسواق الأوروبية والأمريكية(مع بعض الاستثناءات القليلة للديون ذات الأجل القصير)، فإن المصارف التي تخضع للعقوبات مثل مصرف "في تي بي"، كان المصدر الرئيسي للدين السيادي الروسي الذي يمكن شراؤه في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

عزلة ديبلوماسية
وذكّر الباحث بأن مجلس الأمن القومي الروسي قد اجتمع الثلاثاء لتقرير الخطوات التالية التي يجب اتخاذها، بينما كانت العزلة الديبلوماسية تضرب إنجلترا، مع تهنئتي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمفوض الأوروبي جان-كلود يونكر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إعادة انتخابه لولاية رئاسية رابعة. وصباح الأربعاء، أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستطلب مزيداً من الإجراءات ضد الدولة الروسية، وبينها عقوبات تستهدف الدائرة الضيقة حول بوتين وأموالهم القذرة في المملكة المتحدة وإجراءات ضد الرحلات الخاصة، لكن كل ذلك ليس من شأنه أن يسبب قلقاً لهؤلاء.

الأموال القذرة
ورأى أن المشكلة في الرد البريطاني هي أنه يحاول أن يستخدم أجهزة إنفاذ القانون العادية في مواجهة التهديد الروسي. وبالطبع يتعين على الحكومة التحرك في مواجهة الأموال القذرة لروسيا في المملكة المتحدة.

نقاط الضعف
واعتبر الباحث أن جوهر المشكلة يكمن في أن الحكومة البريطانية تخطئ عندما تظن أن بإمكانها الرد على التهديد الروسي من خلال التركيز بشكل ضيق على الممارسات الخاصة بحاشية بوتين. وهذا نابع من حقيقة واضحة أن هؤلاء الأشخاص يشغلون مناصب أساسية في الدولة الروسية والشركات المرتبطة بهم. ومن أجل مواجهة التهديد الروسي، يتعين على المملكة المتحدة وشركائها الغربيين الرد على الدولة الروسية نفسها. وعلى المدى المنظور، وبينما من الواضح أن لا عقوبات جديدة، على لندن أن تدفع في اتجاه معالجة نقاط الضعف في أنظمة العقوبات الحالية ضد روسيا في ما يتعلق بإصدارات ديون سيادية جديدة.