مقاتل سوري بين الركام في الغوطة (أرشيف)
مقاتل سوري بين الركام في الغوطة (أرشيف)
الخميس 12 أبريل 2018 / 13:49

ثلاثة خيارات سيئة للولايات المتحدة في سوريا

كتب ماكس فيشر، في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أنه على الرغم من توعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برد قوي على الهجوم الأخير بالأسلحة الكيماوية على الغوطة الشرقية، فإن سياسة ترامب إزاء سوريا بالكاد تختلف عن سياسة سلفه الرئيس باراك أوباما؛ إذ تعتمد على شن الغارات الجوية العقابية المحدودة ضد نظام الأسد التي لا تقود إلى تغيير واضح في سوريا.

على الرغم من تصرفات الأسد الوحشية فإن جميع الخيارات المتاحة "سيئة"، ولا خيار عسكرياً عملياً سوى الانهيار الفعلي لنظام الأسد وإعادة تصعيد الحرب الأهلية

وانتقد فيشر أوباما الذي تخاذل عن تنفيذ تهديده بشن ضربات عقابية ضد نظام بشار الأسد منذ عام 2013 بعد تجاوز الأخير للخطوط الحمراء، لافتاً إلى أن تنفيذ تلك التهديدات كان من شأنه أن يسفر عن ردع الأسد عن استخداماللأسلحة الكيماوية مستقبلاً، وتغيير مسار الحرب، وربما أيضاً الإطاحة بنظام الأسد.

ثلاثة خيارات
ويشير فيشر إلى أن بعض الإشكاليات (مثل الحرب السورية) لا يمكن إصلاحها بحلول منخفضة الكلفة والمخاطرة، وهو الأمر الذي اعتاد عليه الأمريكيون في الفترة القصيرة للهيمنة الأمريكية العالمية عقب الحرب الباردة، مشيراً إلى أنه يمكن تصنيف الردود الأمريكية المحتملة على الهجوم الكيماوي إلى ثلاثة خيارات، وينطوي كل منها على تحديات صعبة تتعلق بهيكلية الحرب السورية، وهي:

هجمات عقابية محدودة

ويتمثل الخيار الأول في شن هجمات عقابية محدودة ضد نظام الأسد كان يتم الضغط على الرئيس أوباما لتنفيذها، ولكن الرئيس ترامب هو الذي نفذها خلال العام الماضي. ويستهدف هذا التحرك توجيه رسالة مفادها أنه لن يتم التسامح مع استخدام الأسلحة الكيماوية مستقبلاً، وفي الوقت نفسه لا ينطوي هذا الخيار على المخاطرة بتغيير مسار الحرب أو انتهاج اتجاهات غير متوقعة مثل تورط الولايات المتحدة في صراع أكبر وانهيار نظام الأسد، الذي ربما يؤدي إلى نشر الفوضى.

ولكن فيشر يرى أن الضربات السابقة من هذا النوع قد فشلت في تحقيق أهدافها؛ حيث أن حسابات بشار الأسد لا تتغير، وبخاصة لأن الحرب بالنسبة للأسد هي قضية بقاء شخصي ووطني، وإذا كان الأسد يعتبر أن الأسلحة الكيماوية ضرورية لبقائه، فإنه لن يتخلى عنها إلا إذا حدث تهديد وجودي لبقائه، ولا ترغب الولايات المتحدة في فرض مثل هذا التهديد لما ينطوي عليه الأمر من مخاطر. وعلاوة على ذلك، فإن حلفاء الأسد (روسيا وإيران) يساعدونه بسهولة على استيعاب الخسائر المحدودة التي تتسبب بها تلك الضربات.

تسليح المعارضة
ويصف فيشر الخيار الثاني بأنه السياسة التي كان يفضلها أوباما ويتمثل في اتخاذ إجراءات لجعل الحرب أكثر كلفة بالنسبة للأسد، مثل تسليح المعارضة من أجل الضغط على الأسد للامتثال للمطالب الأمريكية. وقد زود أوباما المعارضة بصواريخ TOW المضادة للدبابات التي تم استخدامها على نحو واسع ضد قوات نظام الأسد.

بيد أن إشكالية هذه الاستراتيجية تتمثل في أن حلفاء الأسد (روسيا وإيران) قادرون على التصعيد أيضاً؛ فعندما يزود الأمريكيون المعارضة بالبنادق يعمد الإيرانيون إلى دعم الأسد بإرسال لواء قتالي، وعندما يرسل الأمريكيون الصواريخ يقوم الروس بإنشاء وحدة مدفعية. ويرى بعض المحللين أن تزويد المعارضة بالصواريخ المضادة للدبابات قد دفع روسيا في عام 2015 إلى التدخل العسكري في سوريا، ويعني ذلك، بحسب كاتب المقال، أن نهج أوباما لم يخفق فقط، وإنما كانت نتائجه عكسية، والمحصلة هي حرب أكثر دموية والمزيد من المعاناة للشعب السوري، وكلها أمور ليس لها أي تأثير على حسابات بشار الأسد.

تدخل عسكري كامل

ويرى فيشر أن الخيار الثالث هو شن هجمات تتجاوز قدرة روسيا وإيران، ويعني ذلك على الأرجح التدخل العسكري بشكل كامل أو شن ضربات تهدد وجود نظام الأسد، ولن تحقق تلك الضربات النتائج المرجوه إلا إذا أثارت اثنين من المخاطر التي تسعى الولايات المتحدة إلى تجنبها، وأولهما انهيار نظام الأسد (ربما يقود ذلك إلى الفوضى وإطالة أمد الحرب)، وثانيهما دخول الولايات المتحدة في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا (قوة مسلحة نووياً ولديها القدرة على تصعيد الأعمال القتالية بسرعة في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية)، وعلى الأرجح أن ذلك سيعرض ملايين الأشخاص من خارج سوريا إلى الخطر.

ويخلص المقال أنه على الرغم من تصرفات الأسد الوحشية فإن جميع الخيارات المتاحة "سيئة"، ولا خيار عسكرياً عملياً سوى الانهيار الفعلي لنظام الأسد وإعادة تصعيد الحرب الأهلية.