واحد من الهجمات الانتحارية التي نفذتها عائلة إندونيسية.(أرشيف)
واحد من الهجمات الانتحارية التي نفذتها عائلة إندونيسية.(أرشيف)
الثلاثاء 22 مايو 2018 / 12:53

تنظيم الإخوان والعائلات الانتحارية.. أمثلة جديرة بالتحليل

كان الهجوم الإرهابي الذي ضرب إندونيسيا منذ حوالي أسبوع موضوع تحليل الصحافية الإيطالية سعاد سباعي في صحيفة "المغربية" التي شددت على ضرورة تذكّر يومي الثالث عشر والرابع عشر من مايو (أيار) حين شهدت إندونيسيا هجمات منظمة ضدّ الكنائس المسيحية ضمن ولادة ظاهرة جديدة: "العائلات الكاميكاز" أو العائلات الانتحارية.

على الرغم من أنّ هذه مسألة جديدة يجب تحليلها، تتناسب ظاهرة العائلات الانتحارية بشكل تام مع ما يمكن تسميته بالمسار الكلاسيكي لزرع التطرف الذي يديره عدد من الدعويين المرتبطين بتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي حول العالم

فمن أجل شن هذه الهجمات، لم يتصرف الإرهابيون المرتبطون بخلية داعش الإندونيسية المعروفة باسم أنصار الدولة وحدهم. لكنهم استخدموا أولادهم أنفسهم والذين تتراوح أعمارهم بين 9 و18 سنة.

لقد شنّ الإرهابيون أربعة اعتداءات انتحارية مسقطين ضحايا من الأقلية المسيحية في إندونيسيا. إندونيسيا هي أكبر دولة مسلمة في العالم من حيث عدد المسلمين. فهي تضمّ 200 مليون مسلم يشكّلون أكثر من 87% من سكان البلاد. لكنّ الاعتداءات الأربع المتعاقبة لم تخلق الخوف واليأس بين المسيحيين فقط بل أيضاً بين المسلمين. فقد حصل تغلغل للجهاديين المرتبطين بداعش وفي بعض الحالات بتنظيم القاعدة.

مسار كلاسيكي للإخوان المسلمين
تضيف سباعي أنّه على الرغم من أنّ هذه مسألة جديدة يجب تحليلها، تتناسب ظاهرة العائلات الانتحارية بشكل تام مع ما يمكن تسميته بالمسار الكلاسيكي لزرع التطرف الذي يديره عدد من الدعويين المرتبطين بتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي حول العالم. إنّ عائلات بأكملها تقدّم حياة أفرادها عبر الانضمام إلى صفوف الدعويين المرتبطين بالإخوان المسلمين. انطلاقاً من هنا، إنّ أباً وأماً تمّ زرع التطرف فيهما قادران على ممارسة سلطة هائلة على أولادهما وصولاً إلى درجة دفعهم ليضحوا بأنفسهم.

مشاهد مشابهة من أمكنة أخرى
على الرغم من وجود اختلافات، تذكّر هذه المسألة المراقبين بما سبق أن رأوه في سوريا والعراق خلال ذروة تمدد تنظيم داعش: صبيان بعمر 8 أو 9 سنوات يقتلون سجناء بدم بارد، يذبحون ويحملون سكاكين وأسلحة رشاشة. لقد زرعت عائلاتهم التطرف في نفوسهم، خصوصاً على أيدي آبائهم لكن أيضاً على أيدي أمهاتهم اللواتي كنّ جزءاً من كتيبة الخنساء. كتيبة النساء هذه نشطت في الرقة وكانت مسؤولة عن حكم ومراقبة النساء واحترام القوانين التي سنها الإرهابيون. وكانت العائلات التي استقرت في الرقة، معقل داعش، عائلات انتحارية إلى حد ما. مثل شبيه آخر تذكره سباعي وهو الفتيات النيجيريات اللواتي تم إرسالهن بدون معرفتهن من قبل جماعة بوكو حرام لتفجير أنفسهن في الأسواق وهن حاملات لحقائب ظهر مليئة بالمتفجرات. وهذا ما أدى إلى سقوط ضحايا كثر ومن ضمنهم الفتيات اللواتي شكّلن أدوات غير واعية لمخططات التنظيم الإرهابي. وترى سباعي أنّ العائلات الانتحارية في إندونيسيا هي تطور لما سبق.

لدى الميليشيات الإيرانية أيضاً
لكن هذه المسألة ليست موجودة في معسكر المتطرفين السنّة فقط. منذ بضعة أشهر، استنكرت منظمة هيومن رايتس ووتش استخدام الميليشيات الإيرانية أطفال المهاجرين الأفغان في إيران من أجل الحرب ضد داعش والنصرة. جميع الأولاد كانوا دون الخامسة عشرة من أعمارهم.

بشكل بديهي، تظهر هذه المشكلة الظروف الاجتماعية والنفسية لدى الأطفال وترتبط بمستقبلهم. في السنة الماضية، لم تحضر 60% من الفتيات ذوات الأصول المغربية في إيطاليا المدرسة الإلزامية، لكنّ الوضع هو أسوأ في إندونيسيا. إنّ النشاطات المرتبط بالجهاد والنشاطات الداعية للإرهاب تبحث عن الاستعداد للفوز بالثقة أولاً ومن ثم القبول الأعمى من قبل الرجال والنساء والأطفال من خلال زرع التطرف في نفوسهم. تصبح عائلات بأكملها قنابل موقوتة جاهزة كي يتم إطلاق صاعقها عبر هذه الوسيلة وهدفها الوحيد التدمير الذاتي المخطط له.