ولي عهد أبو ظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد مصافحاً جنوداً  إماراتيين.(أرشيف)
ولي عهد أبو ظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد مصافحاً جنوداً إماراتيين.(أرشيف)
الإثنين 16 يوليو 2018 / 10:31

الإمارات في طليعة مكافحي الإرهاب.. على الغرب الإصغاء إليها

أشارت العضو السابق في البرلمان الإيطالي سعاد سباعي، إلى مقال رأي كتبه وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش في صحيفة "الحياة" الشهر الماضي، حيث شدّد على أنّ قطر لا تزال تتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة.

التجربة الدراماتيكية التي مر بها العالم العربي بسبب السياسات القطرية والإخوانية العدوانية والمزعزعة للاستقرار، يجب أن تكون درساً للغرب

وأكد قرقاش أنّ قطر لا تزال تدعم التطرف والإرهاب، تحديداً الإخوان المسلمين والمجموعات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة في العراق وسوريا وليبيا، كما عزّزت علاقاتها مع إيران وتركيا وزادت دعمها للحوثيين.

وكتبت سباعي في صحيفة "لوبينيوني ديلا ليبيرتا" الإيطالية أنّه بالمختصر، لم يتخلص نظام تميم بن حمد آل ثاني من لباس الدولة المارقة الذي، للأسف، ألبسه والده للدولة القطرية. لم يُظهر تميم أي إرادة للسعي أقله إلى وساطة حول المطالب الثلاثة عشر لإلغاء العقوبات وتطبيع العلاقات معها. يدّعي تميم أنّ السيادة القطرية يجب أن تُحترم ويلوم الرباعي لأنّه يفرض إرادته عليها. لكنّ هذا التبرير لا يصمد في وجه سياسات قطر التي تشكل تهديداً للمنطقة برمتها وللمجتمع الدولي.

حمد يورث نجله الحلف مع الإخوان
مع استمرار شبكة الجزيرة ببث البروباغندا والتضليل والأخبار المزيفة في شؤون الشرق الأوسط، فإنّ قرقاش يشير بطريقة مناسبة إلى أنّ هذه الأزمة لم تأتِ من فراغ. تعود جذور هذه الأزمة إلى سنة 1995 حين أطاح حمد بوالده الشيخ خليفة، وبعدها غيّر هوية البلاد واضعاً إياها بخدمة طموحاته التوسعية. تم تأسيس الجزيرة سنة 1996 وهي حجر الأساس لخطة حمد، إلى جانب الإخوان المسلمين وهي حركة إسلامية عابرة للحدود ذات نشاطات إرهابية. إنّ تعيين يوسف القرضاوي زعيماً أيديولوجياً في خلافة الجزيرة يجسد التحالف الاستراتيجي مع الإخوان المسلمين، وهو التحالف الذي ورثه تميم لاحقاً سنة 2013.

عراب الثورات المخادعة
كان تنازل حمد عن السلطة مجرد خطوة تكتيكية لإخفاء نفسه خلف الكواليس، فيما أعطى إشارة وهمية عن قطع علاقته بالسياسات التي اتخذتها قطر منذ وصوله إلى العرش والتي تكللت بالمظاهرات التي اجتاحت المغرب والمشرق سنة 2011. في الواقع يبقى حمد الشخص الذي يحيك مخططات قطر الإقليمية والدولية. أمّا الهدف الأساسي فهو نفسه: السيطرة على الشرق الأوسط من خلال الإخوان.

لم تكن تلك الثورات سوى حصاد ما تمّ زرعه في منتصف التسعينات. تحت قيادة الإخوان، عقدت اجتماعات ونشاطات تدريبية لسنوات في عدد من الدول العربية من أجل تهيئة الأرضية لثورات مخادعة باسم الحرية والعدالة تنتهي بإقامة حكومات جديدة يقودها أعضاء إسلاميون من الإخوان. وفي هذه الأحداث يؤدي حمد دور العراب وهو جالس على عرشه الذهبي في الدوحة.

تذمّر إخواني.. الإماراتيون يحبون حكامهم

تم توسيع المؤامرة لتمتد إلى دول مجلس التعاون الخليجي. هنالك أدلة لا يمكن دحضها على أنّ قطر والإخوان حاولوا أن يغيروا الأنظمة في السعودية والإمارات والبحرين، غالباً بالتنسيق مع حليف إيراني. وما حصل مع الإمارات مدوّ بالرغم من أنه غير معروف كثيراً في الغرب. إنّ مجموعة من الفيديوهات والتسجيلات تظهر بلا شك أنّ شبكة واسعة من الفروع المرتبطة بالإخوان حاولت الإطاحة بحكومة أبو ظبي. في شريط فيديو تمّ الحصول عليه من اجتماع سري للإخوان، يمكن رؤية وسماع امرأة تتذمر من "نقص الشروط لإشعال ثورة في الإمارات العربية المتحدة، بما أنّ الوضع الاقتصادي جيد، والناس سعداء ويحبون حكامهم".

مصادفة حمد
في أوائل 2013، وبعد تحقيقات مكثفة، تم تفكيك شبكة الإخوان في الإمارات وألقي القبض على أعضائها. أتى تنازل حمد عن السلطة، للمصادفة، مباشرة بعد هذا الحدث. لقد حاولت دول مجلس التعاون إعادة إقامة علاقات حسن جيرة مع قطر، لكن كما كتب قرقاش: "لم يحترم الأمير الجديد" الاتفاق الذي تم التوصل إليه، "على الرغم من أنّه شدّد على التزامه به في حضرة قادة الخليج في الرياض".

مخططات القرضاويين
انطلاقاً من هنا، فإنّ الاتجاه الذي سلكه تميم هو استمرارية تامة للاتجاه الذي سلكه والده، بالرغم من أنّ الثورات العربية ومخططات حمد باءت بالفشل. إزاء كل ما حصل، لم يعد بإمكان دول الرباعي الاكتفاء برد الفعل القاضي بسحب سفرائهم مؤقتاً من الدوحة. لقد أجبِروا على اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً. إنّ التجربة الدراماتيكية التي مر بها العالم العربي بسبب السياسات القطرية والإخوانية العدوانية والمزعزعة للاستقرار، يجب أن تكون درساً للغرب. الهدف الأساسي لمخططات حمد وتميم والعديد من القرضاويين هو السيطرة على أوروبا والولايات المتحدة لا الشرق الأوسط أو العالم المسلم وحسب. لكن وكما يلاحظ وزير الدولة للشؤون الخارجية "لا أمل في تدخل من الغرب لدعم الرباعي".

حملة تبضع قطرية
تشير سباعي إلى أنّ الغرب لا يريد أن يكون طرفاً في هذا الخلاف، لكن موقفه هذا ليس خياراً استراتيجياً بمقدار ما هو انتهازية تتبع منطقاً قصير المدى. بالتحديد، أصبحت أوروبا هدفاً واعياً لحملة تبضع قطرية لا تهدأ حيث تستولي على المصانع والشركات والمستشفيات وكؤوس العالم ونوادي كرة القدم والسياسيين والصحافيين والأكاديميين وأي شخص يمكن أن يخدم أهدافها. في الوقت نفسه، يستمر الإخوان في عملهم بحرية داخل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا والمملكة المتحدة بانين مساجد ومراكز ثقافية ومخترقين النسيج الاجتماعي والثقافي والسياسي لهذه الدول وليس فقط عبر الحكومات ذات الميول السياسية اليسارية.

دعوة للاستيقاظ
في هذا الإطار، فإنّ اتخاذ مسافة متساوية من طرفي الخلاف في الأزمة الخليجية يساوي لامبالاة بمصير الغرب نفسه الذي يتم غزوه حرفياً من الإسلاموية والإخوان وقطر من دون أي رد فعل معارض. إنّ الدعوة القادمة من دولة هي في طليعة مكافحي التطرف والإرهاب مثل الإمارات يجب أن تفتح العيون وتوقظ العقول وتحضّ الغرب على الاصطفاف بجانب الرباعي والمصالح الغربية عينها.