الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الإثنين 6 أغسطس 2018 / 16:44

تحرير برانسون لا يمرّ بالمجازفات الأخلاقية لريغان وأوباما

تعليقاً على فرض الإدارة الأمريكية عقوبات على وزيري الداخلية والعدل التركيين بسبب رفض أنقرة إطلاق سراح القسيس الأمريكي أندرو برانسون، ذكر المحلّل السياسي إيلاي لايك أنّه للمرة الأولى، تعاقب أمريكا مسؤولي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي.

من حق ترامب تخفيف العقوبات على المصارف التركية في مفاوضاته مع أردوغان، لكنّ المشكلة أنه حين يفعل ذلك لصالح الأمريكيين، قد يقوم بخلق النوع نفسه من المجازفة الأخلاقية التي أسسها موفدو رونالد ريغان حين كانوا يرسلون الأسلحة إلى إيران مقابل تحرير الرهائن

 وكتب في مقال ضمن شبكة "بلومبيرغ" أنّ الولايات المتحدة تعامل تركيا الآن كأنها إيران بسبب اعتقال برانسون، قسيس أمريكي إنجيلي أوقف سنة 2016 لاتهامه بالتورط في الانقلاب الفاشل.

يرى لايك أنّ الاتهامات ضد برانسون تثير الضحك إذ إنها تعتمد على شهود سريين ونظريات مؤامرة. يشير المدعي العام على سبيل المثال إلى أنّ برانسون ظهر في إحدى الصور مرتدياً وشاحاً بألوان صفراء وحمراء وخضراء، ألوان مفضلة لدى أحد التنظيمات الكردية الإرهابية. تحرير برانسون هو هدف يستحق العناء لكن هنالك خطر أكبر في مقاربة إدارة ترامب لأسلوب تحقيق هذا الهدف. من خلال التفاوض على إطلاق سراح برانسون، تعلّم الولايات المتحدة تركيا بأنّ ديبلوماسية الرهائن على الطريقة الإيرانية تنجح.

ترامب يقرأ نوايا أردوغان
لقد اعتقد ترامب أنّه توصل إلى اتفاق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يشمل مصرف خلق الحكومي الذي ساعد إيران على تفادي العقوبات الأمريكية بحسب التحقيقات الأمريكية. وأشار لايك إلى أنّ زميله في "بلومبيرغ" بنجامين هارفي كتب الأسبوع الماضي أنّه في مقابل حرية برانسون، كانت إدارة ترامب ستوصي بغرامة مخففة ضد مصرف خلق وإرسال أحد مديريه التنفيذيين المسجونين في أمريكا إلى تركيا لقضاء ما تبقى من عقوبته هناك. لكنّ مسؤولاً أمريكياً قال للايك إنّ ترامب قدّر شخصياً أنّ أردوغان لم يكن ليلتزم بالاتفاق، لذلك تمّ الإعلان عن فرض العقوبات.

المشكلة الثانية
تحتجز تركيا عدداً من الرهائن إضافة إلى برانسون. هنالك أيضاً سيركان غولج، تركي-أمريكي يعمل في ناسا وقد اعتُقل بناء على اتهامه بالمشاركة أيضاً في انقلاب 2016. في 2017، أوقف الأتراك موظفين محليين في بعثة ديبلوماسية أمريكية داخل تركيا. وسأل لايك: "هل سيسمح ترامب للأمور بالعودة إلى طبيعتها إذا أطلق سراح برانسون وبقي غولج والمواطنون الأتراك في السجن؟". ليس هذا وحسب. فبراسنون هو بيدق في لعبة أكبر.

أكبر من برانسون وأكبر من الرهائن

يدعي الأتراك أنّ الداعية فتح الله غولن الذي كان في يوم من الأيام أقرب شريك سياسي إلى أردوغان هو من دبّر الانقلاب. وفيما يطالب الأتراك السلطات الأمريكية بتسليمه إليهم، تردّ الأخيرة بالمطالبة بأدلة مقنعة على تورطه بالانقلاب. لم تكتف أنقرة بممارسة سياسة خطف الرهائن على الأمريكيين فقط، بل بحسب تقرير صادر عن مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، أوقف الأتراك 30 مواطناً غربياً لتورطهم بالانقلاب الفاشل. وقال معدّ التقرير أيكان إردمير للايك إنّ السياسة التركية في خطف الرهائن هي عارض لمشكلة أكبر وهو انزلاق أردوغان نحو الاستبداد: "المسألة أكبر بكثير من القسيس برانسون، إنّها أيضاً أكبر من الرهائن. هذه دولة عضو في الناتو تبتعد عن الحلف وقيمه".

تناقضات سياستها الخارجية
لقد راح أردوغان يعزز تدريجياً سلطته ويجرّم معارضيه لسنوات وقد تسارع هذا المسار بعد الانقلاب الفاشل. ولم تقتصر ملاحقة أردوغان على المتورطين في الانقلاب داخل تركيا، بل اعتقلت أنقرة 80 متهماً في 18 دولة بحسب ما قاله نائب رئيس الوزراء التركي خلال مقابلة إعلامية في شهر أبريل (نيسان) الماضي. وتظهّر هذا المسار في السياسة الخارجية التركية نفسها. لقد تقرب أردوغان من روسيا التي تسيطر على معظم المجال الجوي لسوريا وعلى الرغم من دعمهما أطرافاً مختلفة في النزاع السوري. لقد اتفق الأتراك مع الروس أيضاً على شراء أنظمة دفاعية جوية روسية وبناء محطة كهربائية تعمل على الطاقة النووية. وتقول حكومة أردوغان إنّها لن تلتزم بمنع واشنطن للدول والشركات من شراء النفط الإيراني.

تذكير
يضيف لايك أنّ من حق ترامب تخفيف العقوبات على المصارف التركية في مفاوضاته مع أردوغان، لكنّ المشكلة أنه حين يفعل ذلك لصالح الأمريكيين، قد يقوم بخلق النوع نفسه من المجازفة الأخلاقية التي أسسها موفدو رونالد ريغان حين كانوا يرسلون الأسلحة إلى إيران مقابل تحرير الرهائن. فمنذ ذلك الوقت، والإيرانيون يختطفون رهائن غربيين. يعلم ترامب جيداً هذه المجازفة الأخلاقية. لقد وقف خلال حملته الانتخابية ضد دفع إدارة أوباما الأموال للإيرانيين من أجل إطلاق سراح الأمريكيين سنة 2016. لذلك على ترامب تذكر وجوب ألا تؤدي جهوده بإطلاق سراح برانسون إلى خطف تركيا لمزيد من الرهائن في المستقبل.