من مراسم توقيع الصفقة الاستثمارية "رأس الحكمة".
من مراسم توقيع الصفقة الاستثمارية "رأس الحكمة".
الإثنين 26 فبراير 2024 / 21:45

حكمة الاقتصاد تتجلَّى في "رأس الحكمة"

الإمارات تثبت يومًا بعد يومٍ أنها قادرة على أن تٌغير قواعد اللعبة


لا بدَّ أن يكون لنا موطِئ قَدم في عالم تحكُمه التكتُّلات الاقتصاديَّة والسياسيَّة، هذا هو الشعار الذي تنتهجه دولتنا وحكومتنا الرشيدة في كل تعاملاتها مع أقطار المنطقة وإقليمها العربي والقاري.
وقد أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، مرارًا أن العلاقات بين الإمارات ومصر تاريخيَّة وأخويَّة قبل أن تكون سياسيَّة، وأن هناك دائمًا رغبة مشتركة ومتجددة لتعزيز هذه العلاقات في مختلف القطاعات الحيويَّة الاقتصاديَّة والاستثماريَّة، وغيرها من المجالات التي تشهد باستمرار تقدمًا وتطورًا.
وكلنا نعلم أن العلاقات بين الإمارات العربيَّة المتحدة وجمهوريَّة مصر العربيَّة لم تبدأ أخيرًا، بل إنها تمتد منذ بدايات تاريخ الدولتين، وعلى مدى سنوات هذه العلاقات ظل الشعبان يؤمنان بانتساب كل منهما للآخر، فهناك إيمان شعبي متبادل بالقدرات التي تمتلكها القيادات في كلا البلدين، لاستشراف للمستقبل، وخلق الفرص الاستثماريَّة، وأنهما بلدان قادران على أن يشكلا أيقونة من النجاح والانتصار للقيم العليا التي يؤمن بها الطرفان.
وقد شهدنا في السنوات الأخيرة مسارات متعددة من التعاون المشترك الذي يشهد نموًا متزايدًا وتطورًا نوعيًا، خاصة في المجالات الحيويَّة التنمويَّة والاقتصاديَّة والاستثماريَّة، وما تزال الفرص واعدة لتوسيع قاعدة هذا التعاون، بما يحقق المصالح المتبادلة للبلدين وشعبيهما، بما يؤكد في هذا السياق أهميَّة تفعيل العمل العربي المشترك، وبما يحقق الأمن والاستقرار والسلام والتنمية للمنطقة وشعوبها.
وقد احتفلت الدولتان قبل بضعة أيام بتوقيع أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ الشراكة الإماراتيَّة المصريَّة؛ لتنمية منطقة رأس الحكمة، تلك الصفقة التي يراد لها أن تكون طفرة تنمويَّة غير مسبوقة، ووجهة عظمى للسياحة العالميَّة، من خلال التخطيط الذكي للنمو الاقتصادي، والاستثمار الأمثل في مشاريع البنية التحتيَّة.
وسوف تضم المنطقة مركزًا ماليًّا عالميًّا، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتيَّة عالية المستوى؛ لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر، وتعزيز التجارة، ودعم القطاع الخاص في مصر، من خلال برنامج التوطين داخل البلاد، وخلق فرص عمل جديدة؛ لتعزيز الفوائد الاقتصاديَّة لجمهوريَّة مصر العربيَّة.
وسوف تستفيد "القابضة" من الشركاء المصريين والدوليين لدعم خططها التنمويَّة والاستثماريَّة، ولقد أثبتت هذه الشركة قدرتها التنافسيَّة على اختيار استثمارات ضخمة تعود بالنفع والفائدة للاقتصاد الوطني.
وأدت القيادة السياسيَّة الإماراتيَّة عبر التاريخ -وما تزال- دورها المحوري في إحياء ملامح النهضة العربيَّة الأصيلة، فلم تألُ قيادتنا الرشيدة جهدًا في مجال التنمية والعمران والنهضة العلميَّة الحديثة، أو زرع التنوير والتنمية المستدامة في المنطقة، وتجديد العهد على مد جسور التعاون بين الإمارات وأشقائها العرب.
إن تدشين مشروع رأس الحكمة يمثِّل فصلًا جديدًا من فصول الشراكة بين الدولتين الكبيرتين، ويمثِّل نموذجًا استثنائيًّا للعلاقات المثاليَّة بين الأشقاء، هذه العلاقات الضاربة بجذورها في عمق التاريخ.
لا يجدي أبدًا أن نقول إننا في صف أخوتنا في العروبة، ما لم نترجم هذا الكلام إلى عمل مثمر ومفيد، فما يُظهر أصالة العلاقات وعمقها هو البدء في إقامة المشاريع التنمويَّة الاقتصاديَّة التي يعود خيرها على البلدين، ويحقق المزيد من رخائهما.
ها هي الإمارات تثبت يومًا بعد يومٍ أنها قادرة على أن تٌغير قواعد اللعبة لصالح الأمة العربيَّة، وسيثبت التاريخ أصالة المواقف الناصعة لدولة الإمارات الشامخة، كما أن مثل هذه المبادرات تمثِّل شواهد على الدبلوماسيَّة القياديَّة الناعمة التي ليس لها نظير.
إن هذا المشروع الذي ولد عملاقًا هو أيقونة تقدم أنموذجًا يحمِل الأمل لشعوب المنطقة بأسرها، ليجعل الإرادة الشعبيَّة للشعبيين أكثر تماسكًا ودعمًا للقرارات السياسيَّة الرشيدة، ولسوف ينعكس أثر هذا المشروع بشكل إيجابي على الإنسان العربي في ظلِّ طفرة المتغيرات العالميَّة.
المعطيات التاريخيَّة تكشف عن قيمة عظمى تتجلى أبعادها في العقل السياسي والاقتصادي، فهو مليء بقيمٍ تمجِّد الوحدة والتعاضد والتكاتف على كل المستويات والأصعدة، وفتح صفحات مضيئة من التنمية والازدهار.