نازحون فلسطينيون في منطقة المواصي بغزة (أرشيف)
نازحون فلسطينيون في منطقة المواصي بغزة (أرشيف)
الأربعاء 27 مارس 2024 / 12:41

آخر ملاذ آمن للغزيين.. المواصي غارقة في البؤس

توفر منطقة المواصي في غزة للعائلات الفلسطينية اليائسة أماناً نسبياً مع استمرار التهديد بمواصلة الهجمات الإسرائيلية.  

وكتب جيسون بوركي من القدس وآسيل موسى وملاك أي. تانتش من غزة، في تحقيق ميداني في "غارديان" البريطانية،  أنه قبل شهر قررت ناريمان سلمان الهرب من شمال غزة إلى المواصي، وهي شريط ضيق على الساحل في أقصى جنوب القطاع، الذي صنفه الجيش الإسرائيلي "منطقة إنسانية".     

جاء القرار بعد تردد لكنه كان ضرورياً. وعندما أرغمت سلمان، 42 عاماً، على إرسال ابنها الأصغر إلى الأحياء بحثاً عن رغيف خبز لابنتها الحامل، أدركت أن عليها المغادرة. ومنذ أيام، قتل ابنها الأكبر طعناً بسبب كيس طحين.    

وقالت: "كنا نعيش على الأرز والفاصوليا والعشب. مات ابني الأكبر.. كان الوضع كارثياً.. رأينا أشياء لم نتخيل أبداً أننا سنراها".

وتوجهت سلمان وأطفالها الناجون جنوباً، وشقوا طريقهم سيراً على الأقدام وفي عربة، عبر الأنقاض والممرات في وسط غزة، إلى المواصي، وهو جيب مساحته 16 كيلومتراً مربعاً يتكون أساساً من الشاطئ والكثبان الرملية، وكان قاحلاً قبل خمسة أشهر، وأصبح الآن موطناً لـ380 ألفاً، حسب وكالات الإغاثة.
وفي أكتوبر(تشرين الأول)، بعد أسابيع من بداية الحرب في غزة، صنف الجيش الإسرائيلي المواصي "منطقة إنسانية" وأبلغ سكان غزة بالنزوح إليها، فلا يعلقون وسط الهجوم الذي شنته إسرائيل عقب هجمات حماس على جنوب إسرائيل التي أدت إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون. وتعهد الجيش الإسرائيلي "بتوفير المساعدات الإنسانية الدولية وفقاً للحاجة".     

خلال القتال حول مستشفى الشفاء بمدينة غزة، طلب الجيش الإسرائيلي من العائلات حوله النزوح إلى "المنطقة الإنسانية في المواصي". لكن أي أمان في المواصي، نسبي مقارنة مع بقية القطاع، حيث قتل أكثر من 32 ألفاً، معظمهم نساء وأطفال، خلال الحملة الإسرائيلية الشرسة، وفق السلطات الصحية المحلية.


وفي يناير(كانون الثاني)، أصابت غارة جوية إسرائيلية مجمعاً سكنياً في المواصي يضم فرقاً طبية مع عائلاتها من لجنة الإنقاذ الدولية، والمساعدة الإنسانية للفلسطينيين، وهما منظمتان غير حكوميتين تعملان في غزة. وفي الشهر الماضي، وخلال عملية عسكرية، أطلقت دبابة إسرائيلية النار على منزل كان فيه فريق من منظمة أطباء بلا حدود مع عائلاته، ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة ستة.     

وهناك العديد من التقارير عن إصابات أخرى في المواصي، نسب معظمها إلى قصف أو غارات إسرائيلية.  

خطر المجاعة

وأكد الصحافيان أن توفير أكبر للمساعدات الإنسانية في المواصي أمر نسبي أيضاً. وفي شمال غزة، بات ما بين 300 ألف، و500 ألف شخص مهددين بالمجاعة، ويواجه الأكثر ضعفاً، مثل سلمان، خيارات يائسة في سعيهم للبقاء على قيد الحياة. وفي رفح المجاورة، يوجد المزيد من المواد الغذائية، رغم أن الأسعار باهظة للكثيرين، فضلاً عن توفر بعض الرعاية الصحية.
وفي المواصي، تتمكن وكالات الأمم المتحدة وغيرها، من توفير بعض المساعدات الغذائية لسكان المخيم الضخم الذي نشأ عبر الكثبان الرملية والسهول الداخلية، ولكن المواد اللازمة للمأوى شحيحة.
وبعض مناطق المواصي هي أراضٍ زراعية، ولا تزال مسيجة، ما يزيد الازدحام، في حين تحتل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية معظم دور الضيافة على الشاطئ.

التحدي الأكبر

وتوجد مدينة رفح، في أقصى جنوب قطاع غزة وتؤوي مليون نازح آخر على مسافة 4 كيلومترات فقط من المواصي، وهي هدف للجيش الإسرائيلي الذي يعتقد أن آلافاً من مقاتلي حماس لا يزالون هناك. وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بشن هجوم على رفح  رغم المعارضة الأمريكية.   
وأفاد مسؤول كبير في عمليات الإغاثة برفح بأن المواصي "باتت أقل ازدحاماً مما كانت عليه في الأسابيع الأخيرة"، لكن المنظمات الإنسانية تستعد لقدوم مزيد من النازحين إليها إذا شنت إسرائيل عملية في رفح.     
وقال محافظ المواصي الدكتور حاتم المغاري، إن المنطقة التي كانت تبعد بضعة آلاف قبل الحرب، يواجه عمال البلدية فيها صعوبات كبيرة للتعاطي مع الأوضاع الناشئة.    
 وأضاف "باعتباري رئيس البلدية، فإن التحدي الأكبر الذي يواجهني، يكمن في قلة كفاية الخدمات اللوجستية، ونقص المعدات الأساسية، والدمار واسع النطاق، وتعذر استيراد المعدات الثقيلة أو الضرورية عبر المعابر إلى غزة بسبب القيود الإسرائيلية".