الرئيس الأمريكي جو بايدن (إكس)
الرئيس الأمريكي جو بايدن (إكس)
الأربعاء 27 مارس 2024 / 13:39

ليس دوره ولا مهمته.. بايدن لن ينقذ إسرائيل من نفسها

قال الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي الدكتور ليون هادار في تقرير بمجلة ناشونال إنتريست الأمريكية: "لفترة طويلة، كنت أجري نقاشاً مع أصدقائي في معسكر السلام الإسرائيلي. ومع شعورهم بالإحباط بعد أوسلو، بسبب فشلهم في تغيير التشكك السائد بين الإسرائيليين في فرص السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فإنهم يعتقدون أن ضغط المجتمع الدولي سيساعد في تحول التوازن السياسي في إسرائيل وتعزيز موقف الذين يؤيدن إقامة دولة فلسطينية مستقلة".

وأضاف هادار أنه في هذا السياق، يُنظر إلى إمكانية أن تقود الولايات المتحدة، القوة العظمى الحليفة لإسرائيل، الجهود لدفع إسرائيل لقبول حل الدولتين، على أنها سيناريو واقعي. وبعبارة أخرى، يستطيع الأمريكيون مساعدة إسرائيل على إنقاذ نفسها.

واعتبر هادار أنه وفق هذه الفرضية، لا يفهم الإسرائيليون مصالحهم الحقيقية وينتهجون سياسات يمكن أن تؤدي إلى دمار الدولة اليهودية. ويصبح دور واشنطن، الصديق، أن تضغط على تل أبيب لتغيير مسارها الدبلوماسي، ما سيؤدي إلى التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين ينص على انسحاب من معظم الضفة الغربية وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

وكان جورج بول، أحد "حكماء" واشنطن هو الذي نشر مقالاً في 1977 في مجلة "فورين أفيرز" بعنوان مثير للاستفزاز هو "كيف يمكن إنقاذ إسرائيل رغماً عنها". وسرعان ما أصبح  المقال جزءاً من القاموس الدبلوماسي الأمريكي، إلى أن أصبح مقالاً مبتذلاً.

 خطة السوفيت

وقال هادار، الزميل البارز بمعهد أبحاث السياسة الخارجية بفيلادلفيا، إن بول نشر المقال بعد انتخاب الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الذي خطط مع مستشاره للأمن القومي زبيغنيو بريجنسكي، لفرض اتفاق سلام على إسرائيل تحت رعاية مؤتمر دولي يعقد برئاسة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

ويرى هادار أن الإسرائيليين والمصريين أفشلوا الخطة، حيث منعوا السوفييت من المشاركة في العملية الدبلوماسية وتفاوضوا بشكل مباشر بوساطة أمريكية، الأمر الذي أدى إلى اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية والتي دعمها معظم الإسرائيليين.

وقال هادار إن من هذا المنظور، فإن فكرة أن على الولايات المتحدة أن تنقذ إسرائيل من نفسها لتسعى إلى سلام عربي إسرائيلي، هي ممارسة فكرية لا معني لها.

وقعت إسرائيل اتفاقية السلام التي حققت احتياجات أمنها القومي في ظل التعاون مع البيت الأبيض. وبطريقة ما، ساعدت الخطوات الإسرائيلية والمصرية المفاجئة في إنقاذ المبادرة الدبلوماسية الأمريكية.

من ناحية أخرى، نتجت عملية أوسلو للسلام عن مبادرة إسرائيلية بتدخل محدود للغاية من الأمريكيين. وأدت إلى اتفاق مع الفلسطينيين، يبرهن على أن إسرائيل لاعب دبلوماسي مستقل يتحرك وفق مصالحه ويستطيع تحقيق السلام مع العرب دون "منقذ" أمريكي.

وقال هادار إن هذا قد يبدو فصلاً في العلوم السياسية. ومع ذلك، من حيث المبدأ، ينتخب الرئيس الأمريكي لخدمة وتأمين المصالح الأمريكية، لا مصالح أي دولة أجنبية أخرى، مثل إسرائيل. ولم ينتخبه المواطنون الإسرائيليون رئيساً لهم، الأمر الذي يوحى بأن ليس لديه التزام بإنقاذهم، وبالتأكيد ليس عليه اتخاذ قرارات الحرب والسلام باسمهم. وتتحمل الحكومة المنتخبة من المواطنين الإسرائيليين هذه المسؤولية.

تغيير السياسة الإسرائيلية

وأوضح هادار أن الولايات المتحدة استخدمت في بعض الأحيان قوتها الدبلوماسية والاقتصادية للضغط على إسرائيل لتغيير سياساتها- على سبيل المثال عندما طالب الرئيس دوايت آيزنهاور إسرائيل بسحب قواتها من سيناء في 1956 ولكن هذه الخطوة كانت تهدف لتعزيز المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وليس إنقاذ إسرائيل من نفسها.

وهدد الرئيسان جيرالد فورد وجورج بوش بخفض المساعدات العسكرية والاقتصادية لإسرائيل في إطار تحركات تكتيكية لدفع إسرائيل لتغيير سياسات محددة. ولكنهما لم ينظرا إلى هذه الخطوات على أنها وسيلة لإجبار إسرائيل على تقديم تنازلات عن مصالح الأمن القومي الأساسية، مثل الموافقة على إقامة دولة فلسطيينة. وكان من المفترض أن تظهر هذه التنازلات نتيجة لمفاوضات مباشرة مع الجانب العربي.

ومن هذا المنطلق، كان الدافع الرئيسي لتأييد الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هو اعتبارات استراتيجية لمنع إيران، راعية حماس، من توسيع نطاق قوتها في الشرق الأوسط وتهديد المصالح الأمريكية هناك.

ورأى هادار أنه شك في أن بايدن كان يفضل هزيمة حماس في حرب بلا دماء ودون مشاهد الدمار والرضع القتلى في غزة، والتي تضر بمصداقية الإدارة الأمريكية في العالم العربي وبين الناخبين الأمريكيين العرب.

ويهدف الانتقاد من واشنطن، من البيت الأبيض أو أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، إلى التوضيح للمنتقدين في الداخل والخارج أن الحكومة الأمريكية "تفعل شيئاً" لكبح جماح إسرائيل دون اتخاذ خطوات أكثر صرامة، مثل تقليص المساعدات العسكرية.

ويرى هادار أن فكرة تقديم بايدن المساعدة للذين يسعون إلى الإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من السلطة وتحديد موعد لإجراء انتخابات في إسرائيل هي مجرد أمان من السياسيين والخبراء الإسرائيليين.

واختتم هادار تحليله بالقول إن على الخبراء الإسرائيليين أن يفهموا أنهم إذا فشلوا في إقناع غالبية الإسرائيليين بأن دولة فلسطينية مستقلة لن تشكل خطراً على إسرائيل، فلن تقام هذه الدولة. وإذا كانوا يريدون إنقاذ إسرائيل، فعليهم فعل ذلك بأنفسهم، لأن الأمريكيين لن يفعلوا ذلك  بدلاً عنهم.