جانب من الأضرار التي طالت مستشفى الشفاء بعد العملية الإسرائيلية (رويترز)
جانب من الأضرار التي طالت مستشفى الشفاء بعد العملية الإسرائيلية (رويترز)
الأربعاء 27 مارس 2024 / 23:06

أكبر معركة في غزة تكشف استراتيجية إسرائيل العسكرية

في تقرير لها على صفحات "فايننشال تايمز" تتناول نيري زيلبر تفاصيل العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في محيط مجمع الشفاء الطبي شمال قطاع غزة.

وبحسب التقرير، استغرق الأمر من الجيش الإسرائيلي عدة أسابيع وثلاث فرق، مدعومة بضربات جوية ومدفعية مكثفة، للوصول إلى مستشفى الشفاء في غزة ومهاجمته العام الماضي.
وفي الأسبوع الماضي، قامت قوة صغيرة من قوات الكوماندوز والدبابات، لا يزيد عددها إلا قليلاً عن لواء، حوالي 1000 جندي، بتطويق أكبر منشأة طبية في القطاع في غضون ساعات.
ومع ذلك، فإن هذه الغارة الإسرائيلية الثانية على الشفاء مستمرة في يومها التاسع - وتتحول إلى أكبر معركة في حرب إسرائيل المستمرة منذ ستة أشهر تقريباً ضد حماس، وواحدة من أكثر المعارك كشفاً.
ماذا تكشف المعركة؟
وفق الصحيفة، بالنسبة لمؤيدي الحملة الإسرائيلية، أظهرت الغارة تصميم القوات الإسرائيلية وذكائها التكتيكي، حيث فاجأت العدو ووجهت ضربة قوية.
كما أنه يسلط الضوء على كيفية تحول الديناميكيات في غزة.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، توغلت إسرائيل في القطاع بقوة قوامها نحو 100 ألف جندي.

واليوم، تم سحب معظمها، وأصبح الشمال أرضاً قاحلة مهجورة إلى حد كبير، وتحول تركيز العمليات العسكرية إلى الجنوب.
لكن في نظر المنتقدين فإن الحاجة إلى هذه العملية الثانية تنبئنا بقصة مختلفة، تتبلور في مرونة حماس وقدرة مقاتليها على إعادة تجميع صفوفهم حتى في المناطق التي احتلتها إسرائيل في السابق.
ويقول ضباط ومحللون عسكريون إسرائيليون سابقون إن القليل من حلقات الحرب سلطت الضوء على المزيد حول استراتيجية إسرائيل، أو أشارت بوضوح إلى ما سيأتي في غزة، وإلى أي مدى لا يزال جيش الدفاع الإسرائيلي بعيداً عن تحقيق أهدافه.
وقال تامير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: "لن تكون هذه العملية الأخيرة ولن تكون العملية الحاسمة، إنه جزء من تسلسل سيستغرق عدة أشهر حتى يتم التآكل النهائي لحماس".
وقد وضع هايمان، الذي ساعد في صياغة استراتيجية الحرب الإسرائيلية في غزة، عملية الشفاء باعتبارها سمة رئيسية للمرحلة الثالثة "منخفضة الحدة" من الحملة، التي بدأت في يناير (كانون الثاني).
ماذا حققت إسرائيل؟
قال دانييل هاغاري، كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، هذا الأسبوع إن الجيش الإسرائيلي قتل عدداً من المسلحين في الهجوم الثاني على الشفاء أكبر من أي عملية أخرى منذ بدء الحرب.
وقُتل حوالي 180 مسلحاً من حماس وفصيل الجهاد الإسلامي الفلسطيني الأصغر، وفقاًً للجيش الإسرائيلي، وتم أسر أكثر من 500، بما في ذلك قادة ميدانيون كبار.
كما زُعم أنه تم الاستيلاء على أسلحة وملايين الدولارات الأمريكية والدنانير الأردنية، فيما قتل ثلاثة جنود إسرائيليين.
كما أجبرت الغارة الإسرائيلية آلاف الفلسطينيين الذين لجأوا إلى مستشفى الشفاء على الإخلاء عبر نقطة تفتيش إلى ملاجئ جنوب المستشفى.
وتم نقل المرضى والطاقم الطبي إلى جناح مخصص للمنشأة المترامية الأطراف بينما قامت القوات الخاصة الإسرائيلية بعمليات تفتيش من غرفة إلى غرفة.
التقطت مقاطع الفيديو معارك إطلاق نار واستخدام طائرات بدون طيار صغيرة وجرافات من قبل الجيش الإسرائيلي.
وفق التقرير، ظل عدد غير معروف من المسلحين متحصنين في جناح الولادة وغرفة الطوارئ، بينما أطلق آخرون خارج المجمع قذائف الهاون على المستشفى والقوات الإسرائيلية، وفقاً لضباط الجيش الإسرائيلي.
وتأتي الغارة الأخيرة على أحد المستشفيات في الوقت الذي بدأ فيه أقرب حلفاء إسرائيل، بما في ذلك الولايات المتحدة، ينفد صبرهم بسرعة تجاه سلوك إسرائيل خلال الحرب. فالمسألة لا تتعلق فقط بالخسائر الفادحة في الأرواح، والدمار واسع النطاق، والأزمة الإنسانية المتفاقمة داخل غزة، بل وأيضاً بالافتقار الفادح إلى التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب، بحسب الصحيفة.

"نجاح تكتيكي"
وفي هذا الصدد، يرى النقاد أن عملية الشفاء تعتبر مؤشراً: نجاح تكتيكي وعملياتي للجيش الإسرائيلي سلط الضوء على استمرار بقاء حماس، حتى في المناطق التي استولى عليها جيش الدفاع الإسرائيلي في السابق.
وقال مايكل ميلشتين، ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق والخبير في الشؤون الفلسطينية إن "حقيقة اضطرار إسرائيل للعودة إلى هذا المكان هي انعكاس لحقيقة أنه ليس لدينا استراتيجية".
ويضيف: "إذا سيطرتم على هذا الحي في وسط مدينة غزة ودمرتم كل البنية التحتية لحماس هناك، فكيف عندما تغادرون تلك الأماكن التي ستدخل فيها حماس على الفور إلى الفراغ؟ هذا يعني أنك لم تقم بإنشاء أي أمر جديد."
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالحفاظ على "المسؤولية الأمنية الشاملة" عن غزة في المستقبل، مما يعني أن مثل هذه المداهمات قد تصبح شائعة في القطاع كما كانت لسنوات في المدن الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
ومع ذلك، لم يقدم نتانياهو أي خطة واضحة حول من سيتولى إدارة غزة أو الحفاظ على النظام المدني.

ويصر الجيش الإسرائيلي على أن معركة الشفاء تمثل خطته الحربية قيد التنفيذ.

ومع بقاء ثلاث كتائب ونصف فقط داخل غزة، ينصب تركيز الجيش الإسرائيلي على غارات أصغر وأكثر استهدافاً ضد فلول الوحدات القتالية المنظمة التابعة للجماعة المسلحة.
وقال هايمان: "لقد خططنا لهذا"، مضيفاً أنه من المتوقع أن تستمر هذه المرحلة الثالثة المستمرة من الحرب على الأقل خلال فصل الصيف، إن لم يكن لفترة أطول.
وادعى أحد كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين أن انسحاب القوات من الشمال كان يهدف إلى تشجيع مقاتلي حماس على الظهور بطريقة تسهل على الجيش الإسرائيلي استهدافهم.
وقال المسؤول إن هذه كانت الفتحة التي قدمتها حماس لإسرائيل في الشفاء.