سبائك ذهبية (أرشيف)
سبائك ذهبية (أرشيف)
الأربعاء 17 أبريل 2024 / 12:26

صعود الذهب.. لغز تفسره المخاطر الجيوسياسية

على مدار الأشهر الماضية حققت أسعار الذهب قفزات متتالية، حتى وصلت إلى أعلى مستوياتها التاريخية عند 2431.29 دولار يوم الجمعة الماضي، كاسراً حاجز أرقام قياسية سابقة، تأثراً بالمخاوف الجيوسياسية وتقلبات السوق، ونمو الطلب العالمي على المعدن الثمين، وترجيح خفض الفيدرالي الأمريكي معدلات الفائدة.

واليوم الأربعاء، هبطت الأسعار في التعاملات الفورية قليلاً، عند 2381.68 دولار للأوقية (الأونصة). 

وفي الحقيقة، بدأ الذهب بتسجيل قمم جديدة في أسعاره خلال العام الماضي، ومع بداية العام الجاري، وارتفعت العقود الآجلة للمعدن النفيس، 14.5% في يناير (كانون الثاني) الماضي، وتالياً حققت أسعار الأونصة الواحدة من الذهب ارتفاعاً كبيراً وصل إلى 2160 دولاراً في مارس (آذار) الماضي، ومنذ ذلك الحين، واصل السعر اتجاهه التصاعدي.  

وفي عام 2023 الماضي، وصل الاستثمار في الذهب إلى أعلى مستوى له منذ 11 عاماً، مع تحول المستثمرين إلى المعدن الأصفر بصفته ملاذ تحوط آمناً، في ظل ما يشهده الاقتصاد العالمي من ارتفاع كبير في مستويات التضخم، وأسعار الفائدة.

أسباب كثيرة

وبحسب الخبراء، فإن أسباب ارتفاع أسعار الذهب كثيرة، لكن يمكن حصرها في أمرين أساسيين، هما التقاء التقلبات الاقتصادية، كارتفاع التضخم، وضعف الدولار، مع تنامي التوترات الجوسياسية في الشرق الأوسط، بسبب ارتفاع مخاطر توسع حرب غزة، وتحولها لحرب إقليمية في ظل تبادل الضربات الصاروخية بين إسرائيل وإيران، وفق تحليل المدير التنفيذي لشركة "الولاء للذهب" أليكس إبكاريان.

ويؤكد إبكاريان في تصريحات لموقع "سي بي إس نيوز"، أن تنامي طلب البنوك المركزية حول العالم على الذهب ساهم بشكل فعال في ارتفاع أسعاره إلى مستويات تاريخية.

تحطيم هيمنة الدولار

وتعد الصين في مقدمة الدول الأكثر طلباً على الذهب، فهي تشهد معدلات شراء متزايدة للمعدن النفيس، لتخفيف اعتمادها على الدولار الأمريكي. 

ويتطلع المستثمرون الصينيون إلى الذهب كأصل بديل وسط انكماش سوق العقارات وأسعار الأسهم في السنوات الماضية، وفقاً لمذكرة بحثية صادرة عن "كابيتال إيكونوميكس" بتاريخ 9 أبريل(نيسان).
كما تعمل البنوك المركزية الأخرى، بما في ذلك الهند وتركيا، على زيادة احتياطياتها من الذهب، وفقاً لبنك "يو بي إس".
ويقول خبراء في تحليل لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن البنوك المركزية تنظر إلى الذهب كمخزن طويل الأجل للقيمة وملاذ آمن خلال أوقات الاضطرابات الاقتصادية والدولية.

وسيلة تحوط 

ويعتبر الذهب استثماراً مرناً، فعندما تنخفض أسعار الفائدة، تميل أسعاره إلى الارتفاع، حيث تصبح السبائك أكثر جاذبية من الأصول المدرة للدخل مثل السندات. وينظر المستثمرون للذهب كوسيلة للتحوط ضد التضخم، ويراهنون على أن السبائك ستحتفظ بقيمتها عندما ترتفع الأسعار، وفق تأكيد الخبراء للشبكة.

ويضيف الخبير إبكاريان "تشتري البنوك المركزية، خاصة في دول مجموعة بريكس، الذهب بوتيرة أسرع وبمعدل أعلى شهرياً، إننا نشهد المزيد من استثمار البنوك المركزية في الذهب، بدلاً من سندات الخزانة الأمريكية".
ويلعب البنك الفدرالي الأمريكي دوراً بارزاً في تقلبات أسعار الذهب الحالية، مع تزايد توقعات الخبراء بخفضه أسعار الفائدة عدة مرات في عام 2024.

ويقول الخبير الاقتصادي مايكل أشلي شولمان: "إذا قرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض أسعار الفائدة، كما يتوقع العديد من المحللين، فقد يضعف الدولار، مما قد يؤدي إلى زيادة القيمة النسبية للذهب. كما تعمل أسعار الفائدة المنخفضة على تعزيز جاذبية الأصول التي لا تدر فائدة مثل الذهب". 
ويوضح شولمان "بعبارة أخرى، قد يكون الذهب في اتجاه صعودي ويصل إلى مستويات مرتفعة جديدة جزئياً بناء على تكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة، وضعف الدولار".