غلاف الدراسة (من المصدر)
غلاف الدراسة (من المصدر)
الخميس 18 أبريل 2024 / 19:48

أمل التلاوي تقدّم "تقنيات السرد الروائي" بمعايير علمية ولغة أدبية

صدرت حديثا "تقنيات السرد الروائي"، دراسة بحثية نقدية اشتملت على قراءة في البنية اللغوية لروايات القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية بدروتها عام 2022، كدراسة معيارية مقارنة، للناقدة الأكاديمية الدكتورة أمل عامر التلاوي، عن دار آمنة للنشر والتوزيع في الأردن.

اشتملت على قراءة في البنية اللغوية لروايات القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2022

التلاوي كاتبة وباحثة في النقد الأدبي والدراسات الصوتية، لها عدة أبحاث ومؤلفات في النقد الأدبي، وفي مجال الدراسات الصوتية والتحليل النطقي.
حصلت على دكتوراه في النقد الأدبي الحديث من الجامعة الأردنية بتقدير ممتاز، وحصلت على الماجستير في مجال الصوتيات والتحليل النطقي، وعملت في الجامعة الأردنية، وفي العديد من المؤسسات التعليمية الأخرى، وهي حاصلة على عدة جوائز عربية داخل الإمارات وخارجها، في مجال الأبحاث والدراسات النقدية، ولها العديد من المبادرات التعليمية الرائدة، التي تختص بتطوير تعليم اللغة العربية.

أكدت الباحثة التلاوي في مقدمة الدراسة: "أن الجائزة العالمية للرواية العربية تعد من أكثر الجوائز تعرضاً للنقد وإثارة للجدل، خاصة فيما يتعلق بالآليات المهنية والنقدية التي تُحدد مسؤولية اختيار لجان التحكيم، ومدى مشاركة ذوي الاختصاص من النقّاد فيها؛ وكانت النصوص الفائزة بالجائزة، تترك الأبواب مشرعة لطرح العديد من التساؤلات حول المعايير التي بني عليها اختيارها، وتثير جدلاً في هذا الشأن بين الروائيين والنّقاد والدارسين، بل وحتى في أوساط القرّاء"
وأضافت: "بعض النقاد ذهبوا إلى أننا ما زلنا نحتاج إلى وجود معايير دقيقة يمكن من خلالها انتخاب النصوص، وفق قوانين محددة وملامح مدروسة، يمكن ملامسة مدى انطباقها على الروايات الفائزة فعلا".
وأوضحت: "الدراسة انطلقت من وإلى النصوص الروائية نفسها، باعتبارها المجال الذي ينبغي أن تنصرف إليه الجهود النقدية المعنية بالبحث والاستقصاء عن الملامح المميزة والخصوصية التي وسمت الأعمال الفائزة بجائزة البوكر العربية، والتي أهلتها للظفر بلقب أحسن رواية عربية، والتأكيد على وجوب أن يخضع الأمر في كل الأحوال إلى أدوات ومعايير القراءة النقدية، القائمة، على أسس علمية وموضوعية".

وذكرت التلاوي: "أن الدراسة انطلقت من اللغة باعتبارها المكون الرئيسي للنصوص الأدبية عموماً، والمصدر الرئيسي لأهم السمات المعيارية المميزة للنص الروائي على وجه الخصوص فاللغة ليست مجرد سمة مصاحبة للنص الروائي في بنيته الخاصة، بل هي المادة الخام التي يتم تشكيله منها، والمحدد الجوهري الذي يُعتمد عليه في بنائه، وتكوين قسماته الفنية، وفي توليد سمته وقيمته الجمالية أيضاً، ومن خلال اللغة الروائية يمكن استكشاف تلك العلاقات الظاهرة والكامنة بين السرد وعناصر الأداء الروائي الأخرى: الشخصية، الفضاء في الزمان والمكان، والأحداث في تتابعها ومسار حبكتها، وفضلاً عن الوصول إلى الغايات المرصودة التي يتعين أن ينتهي النص الروائي إلى تحقيقها بشكل أو بآخر، تبعاً لاختلاف نطاق تلقي القراء للنص وإدراكهم لمضمونه وغاياته".
وعملت الباحثة في الدراسة على تحليل البنية اللغوية للروايات العربية التي رشحت لجائزة البوكر العربية العالمية في القائمة القصيرة لعام 2022، بما في ذلك الرواية الفائزة، والمقارنة بينها، بهدف الوصول إلى معايير يمكن الاحتكام إليها في تقرير مدى استحقاق كل منها للجائزة.
علماً أن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2022، تضمنت 5 روايات عربية، هي "خبز على طاولة الخال ميلاد" محمد النعاس (ليبيا) الرواية الفائزة، ثم "ماكيت القاهرة" طارق إمام (مصر)، و "دلشاد" بشرى خلفان (عُمان)، و"الخط الأبيض من الليل- خالد النصر الله (الكويت)، و"أسير البرتغاليين- محسن الوكيلي (المغرب).
 وبالفعل نجحت الباحثة التلاوي في تحقيق أهداف الدراسة، من خلال تركيزها على 4 محاور معيارية في تحليل ومقارنة البنية اللغوية للروايات الخمس موضوع الدراسة، ابتداءً من العتبات النصية، وانتقالاً إلى اللغة الشعرية، مروراً بالتفاعل النصي (التناص)، وانتهاءً بلغة السرد، ثم تم عرض ومناقشة نتائج التحليل المقارن للروايات الخمس بين معايير التحليل اللغوي والنقدي وقرارات لجنة التحكيم للجائزة.
وبينت أنها كانت محاولة جديدة لإكساب الجدل الدائر طابعاً من التوجه الموضوعي، الذي يمكن أن يثري المشهد النقدي، ويسهم في تعزيز الدور الذي تقوم به جائزة البوكر العربية، من خلال التوجه الفعلي نحو تحديث وتطوير آلياتها ومعاييرها التحكيمية.
يحسب للناقدة التلاوي تقديمها دراسة متميزة على أعمال أدبية معاصرة، وارتكزت فيها على معايير علمية كما ناقشت أفكارها بطريقة موضوعية، دون أن تقع في فخ الأكاديمية البحتة التي تتجاوز مستوى المثقف العادي، وتخاطب الباحثين والدارسين فقط المختصين في المجال، ولكن الباحثة سخّرت لغتها الأدبية الجميلة لقلمها ولأفكارها ودراستها، مما جعل مضمون الدراسة قريب وملامس لذائقة المثقف العادي والأكاديمي المختص.
ومن ضمن الدراسة ما كتبته الباحثة عن شعرية الروايات المستهدفة بالبحث حيث تقول: "تكاد تكون الشعرية سمة غالبة على الروايات الخمس موضوع الدراسة، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة تبعاً لمدى عناية كل كاتب بأسلوبه ولغته، ومدى اقتراب لغة النص مما يعرف بـ (الرواية الشعرية)، تلك التي يمتاز خطابها بخصوصية الأسلوبية واستثماراته البلاغية وبنزعته نحو التكثيف والاقتصاد اللغوي، الذي يكسب الكلمة قانونها الخاص، وإيقاعها المتميز، الذي يؤدي الى هيمنة الوظيفة الشعرية على الوظيفة النثرية".