الجمعة 19 أبريل 2024 / 18:55

انسحاب أم مناورة.. كيف تخطط قطر لمستقبل الوساطة؟

منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقطر منخرطة بشكل كبير في محاولات التهدئة وخفض التصعيد، عبر توسطها إلى جانب مصر والولايات المتحدة، في مفاوضات وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، لكن تغييراً طرأ على موقفها مؤخراً، بعد تصريحات أطلقها وزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أشار فيها إلى قيام بلاده بتقييم شامل لدور الوساطة.

الأربعاء الماضي، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن الدوحة في صدد "تقييم" دور الوساطة الذي تؤديه منذ أشهر بين إسرائيل وحركة حماس، بعد رصدها إساءة استخدام لهذه الوساطة، من خلال توظيفها لمصالح سياسية ضيقة، وهذا استدعى دولة قطر بأن تقوم بعملية تقييم شامل لهذا الدور".  

انسحاب غير وارد

ورغم الجدية الواضحة في تصريحات وزير الخارجية القطري حول استمرارها في الوساطة الحساسة، إلا أن انسحابها التام من المحادثات غير وراد، وفق تأكيد محللين سياسيين. 

وأتت المراجعة الشاملة لدور الوساطة القطري بعد انتقادات إسرائيلية وأمريكية لعلاقة الدولة الوثيقة بحركة حماس، ورئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، المقيم في الدوحة. 

اتهامات وانتقادات 

وفي تسجيل صوتي تم تسريبه في يناير (كانون الثاني) الماضي، سُمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وهو يقول، إن دور الدوحة كان "إشكالياً". وانتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري تلك التصريحات، متهماً نتانياهو "بعرقلة وتقويض عملية الوساطة، لأسباب يبدو أنها تخدم مسيرته السياسية".
وانتقدت السفارة القطرية في واشنطن، الثلاثاء، تصريحات النائب الديمقراطي الأمريكي ستيني هوير، التي دعا فيها الولايات المتحدة إلى مراجعة علاقاتها مع قطر، متهماً الدولة الخليجية بعدم ممارسة ضغوط كافية على حماس للتوصل إلى إطلاق سراح الرهائن.

وفي 8 أبريل (نيسان)، زعم النائب الأمريكي جيمس كومر، أن قطر دفعت لحماس "30 مليون دولار شهرياً منذ عام 2018". وردت السفارة القطرية في واشنطن على تلك الاتهامات، قائلة، "قطر لا تدفع لحماس"، مضيفة أن "المعلومات المضللة" غير مفيدة للمفاوضات.

خيار وحيد 

ويرى محللون، أن قطر هي المحاور الوحيد القادر على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، بسبب علاقاتها القوية مع الحركة الفلسطينية، ومع الولايات المتحدة. 

ونجحت قطر فعلياً في التوصل لهدنة وحيدة في قطاع غزة لأسبوع في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، أتاحت إطلاق سراح حوالى 100 رهينة إسرائيلي من أصل 250 شخصاً خطفوا من جنوب إسرائيل خلال هجوم حماس، مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، غير أن كل المساعي لإحلال هدنة ثانية فشلت منذ ذلك الحين.

قلق

وتؤكد كبيرة محللي شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية آنا جاكوبس لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، "أعتقد أن قطر ستحاول المساعدة والتوسط طالما استطاعت"، مضيفة أن قطر تشعر بالقلق إزاء الانتقادات الموجهة إليها.  

وتضيف جاكوبس، أنه من المهم ملاحظة من هم الساسة الأمريكيون، الذين يوجهون الانتقادات لقطر. مضيفة، أن "الكثيرين في واشنطن يرون قيمة علاقة حماس مع قطر، ويشعرون أنه إذا أنهت قطر دورها، فإن ذلك سيكون ضاراً وغير مفيد".

أما الباحث في معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية جيمس دورسي، فيرى أن قطر تسعى من موقفها "للردّ" على الانتقادات، ولا "تنوي جدياً التخلي عن دورها كوسيط"، وهو دور يعتبر "من الركائز الأساسية لسياسة القوة الناعمة التي تعتمدها الدوحة". 

وقال دورسي لوكالة الأنباء الفرنسية، إن قطر أرادت أن تستهدف بصورة رئيسية "إسرائيل وبنيامين نتانياهو وأنصاره في الكونغرس الأمريكي، لكنها أرادت أيضاً "الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لحضها على الدفاع عن قطر".
ولفت خبير شؤون الشرق الأوسط في كلية "كينغز كولدج" في لندن  أندرياس كريغ، إلى أن الدوحة لعبت "دوراً حاسماً" لانتزاع الهدنة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي "مستاءة لعدم اعتراف الجميع، وخصوصاً إسرائيل، بذلك".
غير أنه من المستبعد برأيه أن "تنسحب من جهود الوساطة"، بعدما "استأثرت بالعلاقة" مع حماس.