(رويترز)
(رويترز)
الثلاثاء 23 أبريل 2024 / 13:47

لماذا تم تهميش حزب الله بالاشتباكات بين إيران وإسرائيل؟

مرت منطقة الشرق الأوسط بأسبوع عاصف من التوتر، بعد تبادل إسرائيل وإيران، ضربات مباشرة، في مشهد غير مسبوق خلال الحرب بين الجانبين، والتي لطالما كانت في الخفاء أو عبر الوكلاء، لكن أكثر ما لفت الانتباه هو خفوت دور ميليشيا حزب الله خلال موجة التوتر هذه.

وبحسب تقرير لريا جلبي نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، فعلى الرغم من وصول الأعمال العدائية الإقليمية إلى ذروتها، إلا أن مشاركة الجماعة المسلحة المنتشرة في المنطقة ظلت رمزية إلى حد كبير.

وأشارت الصحيفة إلى أن تراجع إيران وإسرائيل عن حافة الحرب الشاملة في الأسبوع الماضي، أظهر أن أياً من الطرفين لم يكن حريصاً على التصعيد.

مشاركة رمزية

وأدى تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله، منذ أن شنت حماس هجومها المميت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، إلى أكثر الاشتباكات دموية خارج حدود إسرائيل منذ عقود.

ومع ذلك، عندما وصلت الأعمال العدائية الإقليمية إلى أخطر مستوياتها حتى الآن في الصراع - مع إطلاق طهران وابلاً من 300 صاروخ وطائرة مسيّرة، في أول هجوم مباشر لها على الإطلاق على إسرائيل - كانت مشاركة حزب الله رمزية إلى حد كبير.

وفي 14 أبريل (نيسان) الجاري، أطلقت الجماعة عشرات الصواريخ بالتنسيق مع هجوم طهران على ثكنة إسرائيلية في مرتفعات الجولان - على الأرجح من سوريا حيث يعمل مقاتلو طهران أيضاً، لكن الوابل كان أصغر من غيره من الهجمات التي أطلقتها منذ أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.

وعندما اختارت إسرائيل الرد على إيران بعد 6 أيام، لم تكن مواقع حزب الله من بين المواقع المستهدفة.

وقال محللون إن عدم اختيار أي من الجانبين إشراك حزب الله، أقوى وكيل لإيران، كان أحد أهم القرارات في احتواء ما كان يمكن أن يكون تصعيداً لا يمكن السيطرة عليه، وتقول إسرائيل وإيران إنهما لا تريدانه حالياً.

تحليل التكلفة والعائد

وقالت ريم ممتاز، زميلة أبحاث استشارية في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية: "بالنسبة لحزب الله وإيران، فإن الأمر يتعلق بتحليل التكلفة والعائد، فلو كانت طهران تسعى إلى حرب شاملة مع إسرائيل، لكان حزب الله جزءاً أساسياً من هجومها".

ويعتقد المحللون أن حزب الله يرغب في الاحتفاظ بقوته النارية، لمعركة محتملة في حالة تنفيذ إسرائيل لتهديداتها بإبعاد عناصره عن الحدود بالقوة إذا لم يتم التوصل إلى حل دبلوماسي، بالإضافة إلى رغبة إيران في تجنب إثارة رد فعل أمريكي وإسرائيلي أكثر قسوة على الجماعة المسلحة.

وقالت ممتاز إنه في حين أن الغارة الجوية التي شنتها إسرائيل في الأول من أبريل (نيسان) الجاري، على مبنى قنصلية إيران في دمشق كانت بمثابة بداية التصعيد هذا الشهر، إلا أنها لم تتجاوز عتبة اعتبارها تهديداً وجودياً ضد النظام الإيراني، "لذلك فإن المشاركة الكبيرة لحزب الله لم تكن كذلك".

فقد حزب الله حوالي 260 مقاتلاً منذ اندلاع الأعمال العدائية في اليوم التالي، لشن حماس هجومها على جنوب إسرائيل – وهي حصيلة أعلى حتى من صراعها مع إسرائيل عام 2006. كما قُتل أكثر من 60 مدنياً في لبنان، ونزح 90 ألف شخص من القرى المنتشرة على حدوده الجنوبية.

وفي إسرائيل، قُتل 14 جندياً وثمانية مدنيين في هجمات حزب الله، في حين تم تهجير أكثر من 80 ألف شخص من الحدود.

وبحسب تقرير "فايننشال تايمز"، يعد حزب الله هو جوهرة التاج فيما يسمى بمحور  إيران، وهو عبارة عن شبكة قوية من الوكلاء الإقليميين الذين يضمون أيضاً حماس والحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق.

قدرات حزب الله

وتشير التقديرات إلى أن حزب الله يمتلك ما بين 20 إلى 50 ألف مقاتل وترسانة قوية، من المسيّرات الهجومية والأسلحة الصغيرة والمدفعية والدبابات والصواريخ الموجهة بدقة متزايدة.

وخاض مقاتلوه حرباً استمرت 34 يوماً ضد إسرائيل في عام 2006، وصقلوا مهاراتهم في العقد التالي عندما تدخل حزب الله لدعم نظام بشار الأسد خلال الحرب في سوريا. وبينما اندلعت اشتباكات متبادلة مع الجيش الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل، فقد تم احتواء القصف إلى حد كبير في المناطق الحدودية.

وقال مسؤول لبناني، إن قرار إسرائيل بعدم ضرب حزب الله يوم الجمعة رداً على الهجوم الإيراني، يظهر أن "الهدوء ربما ساد في الحكومة الإسرائيلية المنقسمة"، وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة الأمر، أنه "لو لم يفعلوا ذلك، لكان حزب الله قد اضطر إلى الانتقام بشراسة".

وقال إيال هولاتا، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق وزميل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن "حقيقة أن إيران استهدفت إسرائيل مباشرة للمرة الأولى على الإطلاق، تعني أنه يتعين على إسرائيل الرد مباشرة على طهران بدلاً من وكلائها".

وأضاف "الأمر لا يتعلق بحزب الله، بل يتعلق بإيران، كان على إيران أن تفهم هذه الرسالة حتى لا تعتقد أن بإمكانها الاستمرار في مهاجمتنا، ونأمل أن ما حصل عليه الإيرانيون من هذا هو أنهم يجب أن يكونوا أكثر حذراً في المستقبل".

ورغم أنه كان من الممكن تجنب حرب شاملة في الوقت الحالي، إلا أن الصراع على الحدود الإسرائيلية اللبنانية لا يزال يشكل نقطة الاشتعال الأكثر خطورة لتصعيد إقليمي أوسع نطاقاً.