الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الأحد 5 مايو 2024 / 14:47

قبل يوم النصر.. بوتين يبدأ ولايته الجديدة بالسيطرة على روسيا وأوكرانيا

بعد ربع قرن من تولي الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، السلطة في روسيا، يضع الرئيس المنتخب يده على نسخة من الدستور، الثلاثاء، ويبدأ ولاية أخرى مدتها 6 أعوام، رئيساً بسلطة استثنائية مطلقة.

وقال قرير لوكالة "أسوشيتد برس" إن بوتين منذ أن أصبح رئيساً بالإنابة في أواخر 1999 حول روسيا إلى كتلة متراصة، وسحق المعارضة السياسية، وإخراج الصحافيين المستقلين من البلاد، وعزز التمسك بالقيم التقليدية للمجتمع الروسي.

نفوذ وهيمنة

وأشارت الوكالة إلى أن نفوذ بوتين مهيمن، لدرجة أن المسؤولين الآخرين وقفوا خاضعين على الهامش عندما قرر شن حرب على أوكرانيا رغم التوقعات بأن الغزو سيجلب استهجاناً دولياً وعقوبات اقتصادية قاسية، فضلاً عن كلفة بشرية لروسيا. 

وبينت الوكالة أن بوتين بهذه السلطات في ولايته المقبلة سيشكل سؤالاً صعباً لا يمكن الإجابة عنه لا داخل روسيا ولا خارجها.

في أوكرانيا مثلاً تحقق روسيا "مكاسب تدريجية" في المعركة، وهي مصدر القلق الأكبر للغرب والولايات المتحدة، ولا يظهر أي مؤشر على تغيير مسار بوتين في أوكرانيا. وقال الأستاذ بجامعة سيراكيوز بريان تايلور، في مقابلة مع أسوشيتد برس: "الحرب في أوكرانيا أمر أساسي لمشروعه السياسي الحالي، ولا أرى شيئاً يشير إلى أن ذلك سيتغير".

وبالعودة لخطاب حالة الأمة الذي ألقاه بوتين في فبراير(شباط) فإنه تعهد بتحقيق أهداف موسكو في أوكرانيا، وبفعل ما يلزم "للدفاع عن سيادتنا وأمن مواطنينا" زاعماً أن الجيش الروسي "اكتسب خبرة قتالية ضخمة" وأنه "يمسك بزمام المبادرة بقوة ويشن هجمات في عدد من القطاعات" داخل أوكرانيا.

مغامرات عسكرية جديدة

وذكرت الوكالة أن بوتين يفكر في نفسه بالمصطلحات التاريخية الكبرى للأراضي الروسية، ويعيد أوكرانيا إلى حيث تنتمي، وهذا النوع من الأفكار يتفوق على أي نوع من البرامج الاجتماعية والاقتصادية.

وبيّن بريان تايلور أنه إذا انتهت الحرب بهزيمة أقل من كاملة لأحد الجانبين، مع احتفاظ روسيا ببعض الأراضي التي استولت عليها بالفعل، فإن الدول الأوروبية تخشى تشجيع بوتين على المزيد من المغامرات العسكرية في منطقة البلطيق أو بولندا.

وكتب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد ستيفن والت، في فورين بوليسي "من المحتمل أن تكون لوتين طموحات واسعة وسيحاول متابعة النجاح الباهظ في أوكرانيا بهجوم جديد في مكان آخر.. لكن يمكن أيضاً ألا تمتد طموحاته إلى ما هو أبعد مما فازت به روسيا بكلفة هائلة، وأنه ليس في حاجة أو رغبة في المقامرة للحصول على المزيد".

وأضاف والت "روسيا لن تكون في وضع يسمح لها بشن حروب عدوانية جديدة عندما تنتهي الحرب في أوكرانيا أخيراً". وقال ماكسيم ساموروكوف، من مركز كارنيغي روسيا أوراسيا: "مدفوعة بأهواء بوتين وأوهامه، من المرجح أن ترتكب موسكو أخطاء فادحة"، ولم يغفل ساموروكوف عن عمر بوتين الذي يمكن أن يؤثر على حكمه وتقديره للأمور.

وتوقعت الوكالة أن تضعف قبضة بوتين في ولايته الجديدة على السلطة. ومن المؤكد أن إدراكه لوفاته يؤثر على صنع القرار لديه. ومما لا شك فيه أن الإحساس المتزايد بوقته المحدود ساهم في قراره المصيري بغزو أوكرانيا، في الـ 71 من العمر.

وأضاف تقرير الوكالة "نقاط الضعف في روسيا مخفية على مرأى من الجميع". وحسب ساموروكو: "يتخذ الكرملين الآن أكثر من أي وقت مضى، قراراته بطريقة شخصية وتعسفية تفتقر حتى إلى الضوابط الأساسية". مضيفاً "أصبحت النخبة السياسية الروسية أكثر مرونة في تنفيذ أوامر بوتين وأكثر إذعاناً لنظرته العالمية المذعورة". بالإشارة إلى أن النظام في روسيا "معرض لخطر الانهيار الدائم بين عشية وضحاها، مثل سلفه السوفييتي".

مقاومة بوتين

لا تتجلى مقاومة بوتين للغرب في غضبه من الوضع في أوكرانيا فقط، بل أيضاً في ما يعتبره تقويضاً للنسيج الأخلاقي في روسيا، وعلى سبيل المثال لا الحصر حظرت روسيا في العام الماضي التحول الجنسي. وقال مسؤولون روس إنه صراع من أجل القيم التقليدية مثل التي تتبناها الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في مواجهة النفوذ الغربي.

وقال تايلور: "أتوقع أن يظل دور الكنيسة الأرثوذكسية الروسية واضحاً تماماً، حيث تفهم الجهات الفاعلة الأخرى في النظام الروسي أن لها صدى لدى بوتين.

ورغم أن المعارضة ووسائل الإعلام المستقلة اختفت تقريباً في ظل إجراءات بوتين القمعية، إلا أنه لا تزال هناك إمكانية لمزيد من التحركات للسيطرة على الفضاء المعلوماتي الروسي، والمضي قدماً من الدولة الروسية في إنشاء "إنترنت سيادي".

وختمت الوكالة تقريرها بذكر أن تنصيب بوتين يسبق بيومين "يوم النصر"، أهم عطلة في روسيا، لإحياء ذكرى احتلال الجيش الأحمر السوفييتي برلين في الحرب العالمية الثانية، والمصاعب الهائلة التي واجهها في الحرب، التي خسر فيها الاتحاد السوفييتي 20 مليوناً، بالإشارة إلى أن هزيمة ألمانيا النازية جزء لا يتجزأ من هوية روسيا الحديثة وتبرير الحرب في أوكرانيا باعتبارها صراعاً مشابهاً لما حدث سابقاً.