مقر الاتجاد الأوروبي في بروكسل.
مقر الاتجاد الأوروبي في بروكسل.
الثلاثاء 7 مايو 2024 / 11:13

3 تحديات أمام أوروبا في الشرق الأوسط

تُعدُّ منطقة الشرق الأوسط بقعة ذات أهمية استراتيجية للاتحاد الأوروبي نظراً لقربها الجغرافي وعلاقاتها التاريخية والاقتصادية والسياسية، ومع ذلك، فإن المنطقة أيضاً مصدر لعدم الاستقرار والصراعات، مما يُشكِّل تهديدات خطيرة لأمن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومصالحها.

تباين مصالح ووجهات نظر الدول الأوروبية الكبرى

 وزاد التصعيد الأخير للحرب بين إسرائيل وحماس، والعنف المستمر في الضفة الغربية المحتلة، والاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله على الحدود اللبنانية من تعقيد الوضع وإلحاحه.

فكيف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يؤدي دوراً نشطاً وفعالاً في الشرق الأوسط من خلال تبني استراتيجية عالمية جديدة وتغيير نهجه السياسي والأمني؟ وما الأدوات التي يملكها الاتحاد الأوروبي في المنطقة والتحديات والفرص التي تلوح في أفقه؟ تساءل موقع "جيوبوليتيكال مونيتور" الكندي في تقرير له.

سياسة أوروبا في الشرق الأوسط

اتَّبَع الاتحاد الأوروبي استراتيجيتين رئيسيتين تجاه منطقة الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين، ألا وهما: سياسة الجوار الأوروبية والشراكة الأوروبية المتوسطية.

وهدفت الاستراتيجيتان إلى منع انتشار الأزمات الأمنية في الدول المجاورة للاتحاد، وذلك من خلال تعزيز المعايير الأوروبية، مثل الديمقراطية الليبرالية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. 

ومع ذلك، أثبتت هذه الاستراتيجيات عدم فعاليتها وعدم كفايتها في التعاطي مع التطورات الديناميكية سريعة التغير في المنطقة.

فقد أخفقت سياسة الجوار الأوروبي وبرنامج الشراكة الأوروبية-المتوسطيَّة في معالجة الأسباب الجذرية للمشاكل والصراعات في المنطقة، مثل غياب الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وتهميش الشعوب وقمعها، وتدخُّل الجهات الفاعلة الخارجية، وقضية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني التي لم تُحَلُّ بعد.
وأظهرت الأحداث الإقليمية الأخيرة، مثل ما يسمى بالربيع العربي وظهور هياكل سلطوية جديدة وفاعلين عابرين للحدود الوطنية، محدودية هذه الإستراتيجيات وعدم كفاءتها. كما أنها سلَّطَت الضوء على ضرورة مراجعة الاتحاد الأوروبي دوره في النظام الدولي وإعادة تعريفه، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
وأقرَّ الاتحاد الأوروبي بهذه الحاجة الماسَّة في وثيقة استراتيجيته العالمية لعام 2016، إذ ذكرَ الاتحاد الأوروبي أنَّ الأمن الداخلي والخارجي مترابطان وأن التحديات والتهديدات الحالية، مثل الإرهاب والعنف، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي فرصة مشتركة لدول الاتحاد الأوروبي لبناء قارة أوروبا أقوى على أساس المصالح والمبادئ. 

وأعلن الاتحاد الأوروبي أيضاً عن عزمه على تعزيز سياسته الأمنية والدفاعية من خلال تطوير المزيد من القدرات العسكرية وزيادة تعاونه مع حلف الناتو والشركاء الآخرين.

وأخيراً، أعربت بروكسل عن التزامها بدعم التحولات السياسية والاقتصادية في المنطقة من خلال تقديم المزيد من المساعدات المالية والتقنية، وتعزيز الحوار والتعاون، وتشجيع التكامل والاستقرار الإقليميين.

تحديات الاتحاد الأوروبي 

وأوضح التقرير أن الاتحاد الأوروبي يواجه ثلاثة عوائق تَحُول دون أدائه دوراً نشطاً وفعالاً في الشرق الأوسط.

بدايةً، لا يوجد نهج متماسك وشامل تجاه المنطقة على مستوى الاتحاد الأوروبي، وينبع ذلك من تباين مصالح ووجهات نظر الدول الأوروبية الكبرى، مما يجعل من الصعب التوصل إلى سياسة مشتركة في التعاطي مع القضايا المعقدة والمتنوعة والجهات الفاعِلَة في المنطقة.
وأدَّت هذه المشكلة إلى السياسات المستقلة للدول الأوروبية الكبيرة والقوية، مثل فرنسا وألمانيا، التي تنتهج سياسات ثنائية مع الفاعلين الإقليميين لكسب النفوذ وتأمين موقع جيوستراتيجي. ومن العوامل الأخرى التي تحدُّ من دور الاتحاد الأوروبي الأزمة الاقتصادية التي قوَّضَت قدرة الاتحاد المالية على إدارة احتياجات هذه المنطقة المنكوبة بالأزمات والاستجابة لها. كما أن ضعف الاتحاد الأوروبي الهيكلي، وعدم وجود آلية قضائية لإنفاذ قراراته ومقرراته، وعدم كفاية أدوات السياسة الخارجية للاتحاد، من بين العوامل الأخرى التي تقوض قدرة الاتحاد على صنع القرار.
ثانياً، منطقة الشرق الأوسط لديها هياكل سياسية ومشاكل وأزمات وجهات فاعلة متنوعة وبالغة التعقيد. فالحكومات في المنطقة لا تستند بشكلٍ أساسي إلى إرادة الشعوب وتصويتها. كما تواجه المنطقة أنواعاً مختلفة من الأزمات، مثل الحروب الأهلية والصراعات العرقية والكوارث الإنسانية والإرهاب والتطرف.

ولا تقتصر الجهات الفاعلة في المنطقة على الدول وحسب، بل تشمل أيضاً الجهات الفاعلة من غير الدول، مثل الميليشيات والجماعات المتمردة والحركات الدينية والقوى الإقليمية. وهذه العوامل كلها تجعل من الصعب على الاتحاد تبني سياسة ثابتة ومحددة للمنطقة، إذ يتعين عليه التعامل مع كل حالة على حِدة وبشكل مستقل.
وأخيراً، فإن القضايا العابرة للأطلسي أعاقت أيضاً دور الاتحاد الأوروبي النشط والفعال في الشرق الأوسط، إذ عارَضَت الولايات المتحدة وإسرائيل في كثير من الأحيان الدور المستقل للاتحاد الأوروبي، وفضلتا بدلاً من ذلك أن يؤدي الاتحاد الأوروبي دوراً مكملاً في إطار سياساتهما.

فالولايات المتحدة وإسرائيل لديهما مصالح ووجهات نظر مختلفة عن الاتحاد الأوروبي بشأن قضايا مختلفة في المنطقة، مثل البرنامج النووي الإيراني، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والأزمة السورية، ودور القوى الإقليمية.

فرص الاتحاد الأوروبي 

وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن الاتحاد الأوروبي لديه أيضاً بعض الفرص التي تلوح في الأفق لأداء دور إيجابي وبنَّاء في الشرق الأوسط، وذلك باستخدام قوته الناعمة وأدواته الدبلوماسية، فضلاً عن مساعداته الاقتصادية والإنسانية.
ويستطيع الاتحاد الأوروبي الاستفادة من سمعته ومصداقيته وسيطاً محايداً ونزيهاً، فضلاً عن خبرته وتجربته في حل النزاعات وإرساء السلام، للتوسط وتسهيل الحوار والتعاون بين الأطراف المتنازعة في المنطقة.
كما يمكن للاتحاد الأوروبي أن يدعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية والتحولات في المنطقة من خلال تقديم المزيد من الحوافز والاشتراطات، فضلاً عن المزيد من المرونة والتمايز، للبلدان الراغبة والقادرة على تطبيق المعايير والقيم الأوروبية.
ويمكن للاتحاد الأوروبي أيضاً أن يعزز التكامل والاستقرار الإقليميين من خلال دعم المنظمات والمبادرات الإقليمية القائمة، مثل جامعة الدول العربية ومبادرة السلام العربية، ومن خلال إنشاء منصات وآليات جديدة للحوار والتعاون، مثل الاتحاد من أجل المتوسط وحوار مجموعة (5+5).
فضلاً عن ذلك، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتعاون وينسق مع الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية الأخرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وتركيا وإيران، لمواجهة التحديات والتهديدات المشتركة في المنطقة، مثل انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب العالمي وتغير المناخ والهجرة. وأخيراً، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يستغل علاقاته التجارية وعلاقاته في مجال الطاقة مع المنطقة، وكذلك مساعداته الإنمائية والإنسانية، لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والحد من الفقر وعدم المساواة، وتحسين الظروف المعيشية وحقوق الإنسان لشعوب المنطقة.