(رويترز)
(رويترز)
الأربعاء 8 مايو 2024 / 14:25

وكلاء إيران يعيثون فساداً خارج الشرق الأوسط أيضاً

بعد ثلاثة أشهر من تبادل الضربات الجوية، تضمِّد إيران وباكستان جراحهما الدبلوماسية، فقد قامَ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بزيارة لباكستان في 22 أبريل (نيسان) استغرقت ثلاثة أيام، حيث التزم مع كبار القادة الباكستانيين بتعزيز العلاقات الثنائية، وربما كانت المصالحة جارية على قدمٍ وساق، لكن لا شك في أنَّ إيران لم تنتهِ من إثارة المتاعب في باكستان أو خارجها، حسبما أفاد الباحثان في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إيال هولاتا وناتالي إكانو.

ويجب وقف طموحات إيران النووية وكبح برنامجها للصواريخ الباليستية

وقال الباحثان في مقال مشترك بموقع "ناشونال إنترست": "على مدى سنوات، طوّقت إيران إسرائيل بحلقةٍ من النار، إذ شكّلت وكلاء لها على حدود إسرائيل مسلحين وعلى أهبة الاستعداد لتوجيه ضربات نزولاً عند طلب طهران. ويهيمن حزب الله المدعوم من إيران على لبنان، ذاك البلد العالق في مأزقٍ سياسي من دون رئيس للجمهورية وأمسى على شفا الانهيار الاقتصادي".
واستغلت إيران الحرب الأهلية في سوريا لتحويل الدولة إلى قاعدة أمامية للحرس الثوري الإيراني. وأغرقَ الحوثيون المدعومون من إيران اليمن في واحدةٍ من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم وتسببوا بخراب عالمي العام الجاري إذ أغلقوا ممرات الشحن الحيوية في البحر الأحمر أمام حركة الملاحة التجارية. فضلاً عن ذلك، تقوض القوات المدعومة من إيران في العراق سيادة بغداد. 

وأضاف الباحثان: "إيران عازمة على تدمير إسرائيل، ولكن الأدهى من ذلك هو أنّ النظام الثوري ملتزم بتصدير أيديولوجيته المارقة إلى جميع أنحاء العالم. فعند جهة الجنوب الشرقي من إيران، تعمل القوات المدعومة طهران على تأجيج العنف في باكستان. وإلى الشمال الغربيّ، يفاقم عملاء إيران حالة عدم الاستقرار في أذربيجان. ومن الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا والقوقاز، تثير طهران العنف والاضطرابات في كلٍ مكان تستطيع فيه ذلك.

توتر العلاقات الإيرانية-الباكستانية

وفي حين أنّ العلاقة بين إيران وباكستان تتسم بالتوتر على الحدود بين البلدين منذ سنوات، فقد اشتعل الموقف بينهما في يناير (كانون الثاني) الماضي عندما تبادل البلدان الضربات الجوية على جانبي حدودهما المشتركة.

ففي 16 يناير (كانون الثاني)، شنَّت إيران ضربات ضد "جيش العدل"، وهي جماعة مسلحة انفصالية سُنيَّة بلوشية مُسلَّحَة تتمركز في المنطقة الحدودية بين إيران وباكستان. ويتهم "جيش العدل" إيران الشيعية بقمع الأقلية البلوشية العرقية التي تنتمي إليها، وتتهم إيران باكستان بغض الطرف عن "جيش العدل". 

وبعد ذلك، علَّقَت باكستان علاقاتها الدبلوماسية مع إيران. وبعد ذلك بيومين، ضربت باكستان "مخابئ الإرهابيين" في إيران، مستهدفةً جيش تحرير بلوشستان وجبهة تحرير بلوشستان، وهما جماعتان انفصاليتان تشكلان تهديداً لباكستان.
ويُذكَر أنَّ جيش تحرير بلوشستان وجبهة تحرير بلوشستان وجيش العدل كلها منظمات مُصنَّفَة من الولايات المتحدة على أنها منظمات إرهابية.
واستؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين باكستان وإيران في نهاية يناير (كانون الثاني).

ومع ذلك، لا يزال لدى إسلام أباد أمور عالقة، ففي أبريل (نيسان)، صنَّفَت باكستان لواء زينبيون – وهي جماعة يقودها الحرس الثوري الإيراني وتتألف من مواطنين باكستانيين، على أنها منظمة إرهابية.

وتأسَّس لواء زينبيون في الأصل للقتال مع الجيش السوري، وأصبح ناشطاً بشكلٍ متزايد داخل باكستان.

ووجدت إسلام أباد أنه في الفترة ما بين عامي 2019 و2021، كان اللواء "متورطاً بشدة في أنشطة إرهابية" في الداخل.

وبدأت باكستان في اتخاذ إجراءات صارمة ضد لواء زينبيون في عام 2020، إذ اعتقلت عدداً كبيراً من المسلحين وفتحت تحقيقاً في شبكة غسيل أموال مرتبطة بالجماعة.
ولا تنتهي جهود إيران لنشر نفوذها الخبيث والهيمنة على قطاعات أكبر من الخريطة عند هذا الحد. ففي أماكن أخرى في القوقاز، تواجه أذربيجان تهديداً إيرانياً خاصاً بها.

إيران وأذربيجان.. علاقات متوترة

لطالما كانت العلاقات بين إيران وأذربيجان متوترة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنَّ إيران موطن لأقلية أذربيجانية كبيرة.

وتخشى إيران منذ أمد بعيد تحركات انفصالية للأذريين الأصليين، وعلى مدى عقود، دعمت أرمينيا في صراعها مع أذربيجان حول منطقة ناغورنو قره باغ المُتنَازَع عليها. وتصاعدت التوترات بين البلدين في عام 2020 بعد استعادة أذربيجان أراضي خسرتها سابقاً في حرب ناغورنو قره باغ الثانية.
وسعت أذربيجان أيضاً إلى إقامة شراكات استراتيجية مع تركيا وإسرائيل - وكلاهما، لأسباب مختلفة، على خلاف مع إيران - مما زاد من عدم ثقة نظام طهران في أذربيجان.
وفي السنوات الأخيرة، كثَّفَت أذربيجان حملتها ضد الشبكات المحلية المدعومة من طهران. فمنذ عام 2022، نَفَّذَت باكو عدة موجات من الاعتقالات، واعتقلت عملاء إيرانيين متورطين في مجموعة متنوعة من الأنشطة المزعزعة للاستقرار، بما في ذلك أعضاء من جماعة حسينيون المقاومة، وهي حركة المقاومة الإسلامية الأذربيجانية المدعومة من الحرس الثوري الإيراني.
وفي أبريل (نيسان) 2023، ألقت السلطات الأذربيجانية القبض على ستة أشخاص قالت باكو إنهم "مجندون من قبل أجهزة المخابرات الإيرانية" هدفهم إقامة "دولة الشريعة في أذربيجان بإشعال الاضطرابات المسلحة والإطاحة بالنظام الدستوري الأذربيجاني بالعنف".
وفي الشهر التالي، اعتقلت سلطات إنفاذ القانون تسعة أشخاص على الأقل جنّدَتهم طهران للتخطيط "للإطاحة بالحكومة بممارسة أعمال العنف واغتيال شخصيات بارزة ومسؤولين كبار"، وفقاً لوزارة الداخلية الأذربيجانية.
ووصف الباحثان التهديد الإيراني بالورم الخبيث. وتدرك الدول البراغماتية في الشرق الأوسط والخليج هذه الحقيقة. ولهذا السبب تطرح الدول البراغماتية في الشرق الأوسط والخليج مظالمها ضد بعضها بعضاً جانباً لمواجهة العدوان الإيراني فريقاً واحداً.

رؤية للأمن الإقليمي

وقبل أسابيع، أصدرَ مجلس التعاون الخليجي "رؤية للأمن الإقليمي" تندد ضمناً بإيران وتدعو الغرب إلى التصدي المشترك لتهديدها المزعزع للاستقرار والخبيث.

ورأى الباحثان أنه يتعين على الولايات المتحدة والغرب الأوسع أن يستجيبوا لهذه الدعوة. وقالا: "لقد حانَ الوقت للمجتمع الدولي لتقويض حملة إيران المدمرة قبل فوات الأوان. ويجب وقف طموحات إيران النووية وكبح برنامجها للصواريخ الباليستية ووقف أنشطتها الإرهابية".