الخميس 9 مايو 2024 / 18:43

سعد الدّغمان يبحث في الإبداع الشعري لـ"نخلة العراق"

صدر مؤخراً للنّاقد العراقي سعد الدّغمان، عن دار "فضاءات" في الأردن، كتاب "الحداثة والتّمثيل الرّمزي في شعر ساجدة الموسوي".. قراءة نقديّة تأمليّة احتوت على 5 أبواب.

قدّم للكتاب الشاعر جواد الحطّاب تقديماً حمل عنواناً دالّاً على المعاني السامية والثرية في تجربة نخلة العراق عنونها بـ(إشراقات ساجدة الموسوي وتحوٌلات اللّؤلؤ والمحار)، كما استهل الدغمان كتاباته بعنوان (منذ البدء.. وساجدة الموسوي تكتب حبّاً وقصائد تنوير)، أشار من خلاله إلى المنهج الشعري للشاعرة الموسوي.
وجاءت عناوين أبواب الدراسة كالتالي: الأول: قراءة متفردة.. التحول والوجدانية، والثاني بعنوان "في أفول الطوفان وقصائد أخرى"، ويتطرق الباب الثالث إلى مسارات القصيدة السردية والدرامية، بينما يتناول الباب الرابع، الواقعية في شعر الموسوي، ثم مقالة الباب الخامس: ساجدة الموسوي.. شعر بنبض للوطن، وتختتم الدراسة بمجموعة من قصائد الشاعرة.
يقول الحطاب: "الشعر محنة ساجدة الوجودية، فقد حَمَلَتْ على هودجه قصائدها المتفرّدة أينما رحلت أو أقامت في بلاد الغرب أو في بلاد العرب، ليستقر بها المقام أخيراً في الإمارات، لكنّ قلقها الشعري لم يستقر، واستمرت في رحلتها المكوكيّة بين نص ونص بحثاً عن مشروع إبداعيّ صافٍ كالجمال، ومثقلٍ في الوقت نفسه بهموم الوطن والإنسان ".
ويلفت الحطاب إلى ملمح مهم في " التجربة الموسوية" لا يمكن العبور فوقه، أو إغفال التوقف عنده وتجاوزه، وهذا الـ"ملمح" هو "السرد"، الذي اتقنت لعبته الشاعرة منذ بداياتها الأولى، لأنها وجدته الأقرب إلى روحها المتعلقة بحكايات الأمهات وهدهداتهن على المهد، ولذلك ؛ فإنه لديها الخيط الإبداعي الذي يربط مفاصل نصّها، ويعبر به الى آفاق تلامس الروح، عبر حوارات خافتة، أبطالها أناس من بلادها تعرفهم ويعرفونها، حتى وإن غابت الأسماء والوجوه، لكن اختلاط (الشفاهي) بـ(المكتوب) ظلّ هو الأقرب إلى روح الطفولة لديها ولدى عفويتها في تعبيرها المعاصر.
وتحت عنوان "عناصر مؤثرة" يقول الناقد سعد الدغمان: "ذهبت الموسوي لتورد عناصرها المؤثرة في النص لتحدث أثراً في نفس القارئ، أي عمدت إلى استخدام الوجداني لتبقى صورتها الشعرية في ذهنه، ثم عرّجت على تضمين التوصيف في ثنايا أبياتها ليكتمل المعنى، وخرجت من ذلك التكوين لتورد الدهشة، ولتضع القارئ على أعتاب استفهام جديد تستحق عليه الشاعرة الإطراء لكونها تنقّلت بالقارئ بين توصيفات عدة، ورسمت له صوراً شتى يستجمعها بذائقته الشعرية لتشكل لديه وضوحاً في المعنى والمضمون.
وأضاف: "إنّ طول القصيدة وتعدد موضوعاتها ما بين الوصف والوجداني والواقعي، وبعض من تجليات ضمنتها الموسوي النص بقصد استكمال صورتها الشعرية.. كل تلك الأغراض تشي بتعدد الموضوعات التي تتناولها الشاعرة في قصيدتها، كما ذهبت إلى توظيف المعنى القرآني ضمنياً لإضفاء الهيبة على نصها أو بقصد التمثّل من خلاله عبر الوصف.

ويستشهد بنص الشاعرة:
شدّي يا روح على الأولاد نطاق الروح
ولنمسك سارية الله بقوة
لا غالب إلا هو
طاف الطوفان علينا فتجبّر
والريح المجنونة مازالت تعصف.
ثم يتابع: ولا غرابة حين نقرأ في متون نصوص الشاعرة تغزلها بالعراق ودجلة والفرات، فهي ابنة ذلك التدفق المانح للحياة (بلاد النهرين)، وهي التي تحمل لقباً تفردّت به دون سواها (نخلة العراق)، فلا تكاد قصائدها تخلو من ذكر العراق وأهله وأنهاره وفيافيه وتاريخه العريق الضارب في القدم، والحاضر معه، بفخر واعتزاز.

ونصغي لها وهي تنشد:
ونوارس دجلة مازالت
 ترتاح إذا ما تعبت عند نوافذنا
مازلنا فوق هدير الموج وعصف الريح نغنّي
نحن هنا...
مزروعون بطين الماء".

يذكر أن الشاعرة ساجدة الموسوي المعروفة بنخلة العراق، من مواليد بغداد، حاصلة على بكالوريوس آداب من جامعة بغداد عام 1975، وهي مدرجة في معجم البابطين للشعراء العرب، وواحدة من 6 شاعرات حظين بمرتبة) أبرز شاعرات الوطن العربي ( من خلال الاستفتاء الذي أجرته وكالة أنباء الشعر العربي عام 2008.
صدر لها 17 ديواناً شعرياً هي، طفلة النخل - هوى النخل - الطلع - عند نبع القمر-  البابليات - السُّرى لسُهيل - قمرٌ فوق جسر المعلق - شهقات - هديل اليمام - تباريح سومرية-  ويبقى العراق - بكيت العراق - جزر الأقحوان - حبّات كرستال - قل للغريبة يا خليج-  أنا من رأى - ديوان رسائل إلى سكان الأرض، باللغة الإنكليزية، وقد تُرجمت قصائدها إلى عدة لغات الإنكليزية، والإسبانية، والفرنسية، والتركية، والهندية، والصينية. وكانت الموسوي عضو المجلس الوطني في العراق الدورة التي سبقت الاحتلال 2003، وكانت مقررة للجنة حقوق الإنسان فيه، كما ساهمت في عشرات الملتقيات والمهرجانات والأسابيع الثقافية في أغلب البلدان العربية.
لفتت قصائدها في حب العراق، القرّاء العراقيين والعرب فمنحوها لقب، نخلة العراق، وكتب عنها الأديب الراحل فاروق شوشة في مجلة العربي الكويتية وأطلق عليها اسم، شاعرة الشتات العراقي، وتناولت تجربتها عدة كتب ومجلات ثقافية.

سعد الدّغمان في سطور:

سعد الدغمان، صحافي وناقد عراقي من مواليد البصرة 1966 تخرج في جامعة بغداد كلية الإعلام، ثم حاز على دبلوم الدراسات العليا في الصحافة من معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة، 2010، وعمل في الصحافة العراقية، وفي الصحافة الخليجية تحديداً في الإمارات.
صدر له ( خفايا النص.. قراءة في نصوص عراقية) كتاب انتقى فيه نخبة من الشعراء والأدباء والكتاب وتناول نتاجهم بالنقد، وصدر له كتاب (دور التخطيط الإعلامي في مواجهة الأزمات والكوارث)، وكتاب (جماليات الصورة الشعرية في شعر حميد سعيد)، وقريبا سيصدر له كتاب نقدي جديد (الرمز والتشكيل الصوري في شعر جواد الحطاب).
نشر العديد من المقالات والبحوث والدراسات في الصحف المحلية والعربية والدولية منها صحيفة الحياة اللندنية، وصحيفة القدس العربي، وصحيفة الحدث، وحمورابي التي تصدر في لندن، وصحيفة بانوراما الأسترالية، ويكتب في مختلف الشؤون الصحافية.