السبت 6 يونيو 2015 / 00:32

وشاية إخواني بأفراد الجماعة



ورقة من أوراق خيرت الشاطر تسقط وتكشف جزءاً من اللعبة التي تمارسها جماعة الإخوان في العنف ضد الجميع، وفشل اعتقاد العودة والفوز، فهم بمثابة فريق كان يمتلك صدارة دوري كرة القدم ولكن سرعان ما هبط إلي دوري درجة ثانية ولا يجد لنفسه مكاناً في الصف الأول، فتبدأ معركتهم الداخلية للفوز بأحقية القيادة والأفضلية فيمن يقود الجماعة هذه الفترة. الارتباك يجعل منهم فريسة بعضهم البعض. القيادي محمد وهدان يرشد عن القيادي محمود غزلان والقيادي عبدالرحمن البر، فتقوم الشرطة بالقبض عليهما بعد وشاية وهدان.

جاء ذلك بعد ساعات من كشف بيان "الشاطر" الذي يستهدف الأجهزة الأمنية من خلال معلومات استخباراتية لتنفيذ عمليات عدائية ضد مؤسسات الدولة والمسؤولين خاصة رجال الشرطة والجيش والقضاة والإعلاميين وقيادات سياسية وشخصيات عامة.

هذا البيان يرصد طريقة العمل لتنفيذ المخطط ، حيث تم تقسيم الخطة إلي ثلاث وحدات مترابطة ومتداخلة في نفس الوقت، فهناك وحدة الاختراق لشبكات الاتصال وهدفها نقل البيانات الخاصة وتمريرها إلي اللجان النوعية تمهيدا لاستهدافهم وتقوم وحدة الدعم المادي والسلاح بتمويل متطلبات العمل طبقا للبيانات التي حصلت عليها الوحدة الأولي ثم التسليم للجان المحافظات ووحدة الاتصال بمكتب الارشاد ونقل المعلومات التي يمكن الحصول عليها.

والمتابع الجيد لتاريخ جماعة الإخوان وتاريخ الجهاز الخاص داخل الجماعة لا يندهش من فعل الوشاية والخيانة والاغتيالات، فهذا ما حدث مثلاً مع محمود فهمي النقراشي باشا الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء ووزير الداخلية آنذاك، صدر أمر بحل جماعة الإخوان المسلمين فماذا يفعل مرشد الجماعة، هل سيفكر في حلول بديلة للبقاء؟ أم أنه سيصمت ويعرف أنه ليس له مكان في اللعبة السياسية؟ هذا الخبر بالطبع سيجعل الإخوان يفكرون في الحل البديل الذي يعرفونه جيداً وهو الاغتيال، سيقومون باغتيال النقراشي باشا.


في يوم 28 – 12 – 1948 دخل الإخواني عبد المجيد أحمد حسن مبني الحكومة متنكراً في زي رجل الشرطة، وما إن اقترب من النقراشي باشا أمام المصعد حتى أطلق ثلاث رصاصات صائبة أدت إلى وفاته في الحال، وتم القبض عليه فوراً وكان يعرف مسبقاً أنه يقوم بعمل انتحاري لا رجعة منه، الخطة معدة مسبقاً إلى الجنة كما يؤمن أو كما علمه مولاه البنا، وكان عبدالمجيد ضمن الجهاز الخاص لتنفيذ العمليات الذي يرأسه السيد فايز وكان الجهاز مكوناً من محمد مالك وعاطف عطية والضابط أحمد فؤاد وشفيق أنس ومحمود كامل، وكان الجهاز يعمل لتأمين دخول عبدالمجيد إلى الداخل وبالفعل تم تنفيذ العملية بنجاح كما اعترف محمود الصباغ فيما بعد.

الآن، حسن البنا في حالة حرجة بسبب الرأي العام وكل أسهم الاتهام موجهة له، ماذا سيفعل ليبرئ نفسه؟ أصدر بياناً كتبه قبل الواقعة بيومين من هذا الحتدث كتب عنوانه "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين" وتنكر فيه من مرتكب الحادث وقال: "لقد وقعت أحداث نسبت إلى بعض من دخلوا هذه الجماعة دون أن يتشرّبوا روحها، وتلا أمر حلّ الإخوان ذلك الحادث المروع، حادث اغتيال دولة رئيس الحكومة المصرية محمود فهمي النقراشي باشا، الذي أسفت البلاد لوفاته وخسرت بفقدها علماً من أعلام نهضتها وقائداً من قادة حركتها ومثلاً طيباً للنزاهة والوطنية والعفة من أفضل أبنائها، ولسنا أقل من غيرنا أسفاً من أجله وتقديراً لجهاده وخلقه".

ماذا سيفعل مرتكب الحادث فور علمه بالبيان بعد أن أنكر صلته بالإخوان وأنه نفذ العملية بدون أمر من أحد، ففور سماعه بيان المرشد عاد في شهادته وقال إنه من الإخوان وإنها المسئولة عن هذا الحادث، لأنه شعر بأن هذا البيان خيانة للهدف الذي خرج من أجله.

وعن تاريخ هذه الواقعة يحكي محمود الصباغ المقرب من حسن البنا بعد 40 عاماً من الحادث بقوله إن هذه العملية جاءت لحماية دعوة الإخوان لأنها أوشكت علي النهاية بعد قرار حلهاـ فلم يكن أمامنا إلا هذا الطريق الذي سيجعل الحكومات تفكر في الرجوع عن هذا القرار.


ولم تكن هذه الواقعة فقط التي باع فيها الجماعة أحد افرادها لحماية انفسهم من بطش الحكومات، ولكن هناك ما حدث داخل الجماعة نفسها، يتخلصون من بعضهم البعض لحماية مناصبهم داخل الجماعة، وهذا ما حدث في واقعة عبدالرحمن السندي الذي تم استبداله بالمهندس سيد فايز في رئاسة الجهاز الخاص، فقرر السندي التخلص من سيد فايز بأن يرسل له علبة حلوي بمناسبة المولد النبوي بها قنبلة، ليفتحها وتنفجر فيه في الحال هو وشقيقه الأصغر، وهذا ما رواه محمود عبدالحليم مؤرخ الجماعة وصديق حسن البنا.

وهذه هي عقيدة الجماعة في حماية نفسها والدفاع عن مطالبها، فما حدث من وهدان تجاه محمود غزلان وعبدالرحمن البر ليس من قبيل الصدفة، ولكن الذي يعلم أن الجماعة علي وشك انتخابات قادمة والصراعات الدائرة بينهم سيعرف لماذا حدث ذلك .