الإثنين 22 يونيو 2015 / 21:55

قليل من الدين لن يضر أحداً




في سنوات المراهقة، كانت المراكز الإسلامية الدعوية غير المرخصة تنشط بشكل كبير في كافة أنحاء الإمارات، وكانت تسعى بجهد لجذب فئة الشباب إلى جلساتها الأسبوعية وأكاد أجزم أن كل شاب إماراتي عاصر فترة التسعينيات تلقى دعوة لحضور إحدى هذه التجمعات ومحاولة إغراء للانضمام إلى إحدى هذه الجماعات.

وفي أثناء دراستي الجامعية تلقيت أولى هذه الدعوات لكي أتعلم وأتثقف في بحور الدين المختلفة ولكنني لم أفهم ما الذي سأتعلمه أكثر مما تعلمته طوال اثني عشر عاماً قضيتهم في التعليم الحكومي وكانت مادة التربية الإسلامية إحدى أهم ركائز هذا التعليم؟ هل أخفى التعليم الحكومي عني كنوز الدين الإسلامي وهل تم تعليمي قشوره فقط؟ إنه سؤال يشغلني منذ تلك اللحظة خصوصاً مع نجاح الكثير من هؤلاء الدعاة في إيهامنا بأننا ما زلنا حديثي العهد بالإسلام!

بمرور الوقت، أدركت بأن الهدف من هذه الدعوات والتحزبات الدينية وتحت مسمى الدروس الإسلامية لم يكن نشر الإسلام، فهم لن يشرحوا لك كيفية أداء الفرائض والسنن، فهذه تعلمتها في الأيام الدراسية السابقة وأصبحت محنكاً فيها بفعل التكرار اليومي لها ولكن دعني أخبرك ما الذي سيقومون بتعليمك إياه.

سيخبرونك أولاً بأن الإسلام هو أداة لابد من استعمالها للنظر باحتقار لجميع الكائنات البشرية غير المسلمة، سيعلمونك بأن تحاول أن تضيق عليهم الطريق في الأماكن العامة لأنها سنة حسنة وفيها أجر عظيم، ثم سيعلمونك بأن أفضل الإيمان هو أخذ الجزية عن يد وهم صاغرون وسيتفننون في شرح كلمة "صاغرون" وفي اختراع ألف طريقة لإصغار وإذلال غير المسلمين. ثم لن يكتفوا بهذا الكم من الكراهية بل سيبدأون بعد ذلك بشرح معنى تفرق الإسلام على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا الفرقة المنظمة للدرس الديني ليبروا لك إطلاق أحكام التكفير والقتل وباسم الله على أخوانك المسلمين.

بعد هذا ستراهم يحاولون إثارة الفرقة بين الأب وابنه وبين الأخ وشقيقه وبين الجار وجاره وسيتم تكفير الدولة التي تعيش تحت ظلالها مستخدمين الشعارات المطاطية الرنانة لإقامة دولة الخلافة وإعادة أمجاد المسلمين ومن كان الشيطان ملهمه فلن يكون لشره حد أبداً.

الدين يا سادة هو وسيلة لتهذيب الأخلاق أولاً وهو أداة لشكر الله على نعمه الكثيرة، هو النور الذي من المفترض أن ينير طريقنا وهو العلاج الشافي للعديد من مشاكلنا النفسية، وكلما بالغنا بالغوص في نصوصه بغية البحث عن مسوغ يسمح لنا باستخدامه كأداة حرب ضد الآخرين كلما بعدنا أكثر عن فهم الحكمة من إرسال الرسل.

عزيزي المسلم، لا تخش شيئاً إن عايروك بقلة معرفتك بشؤون دينك ففي عصر الفتن الحالي تأكد بأن القليل الرباني خير من الكثير الشيطاني.