الكاتبة الشابة أريج جمال
الكاتبة الشابة أريج جمال
الثلاثاء 14 يوليو 2015 / 14:22

أريج جمال لـ 24: كل تجارب العالم تستفزني للكتابة

24-القاهرة - آية فؤاد

تعد أريج جمال من الكاتبات الواعدات في المشهد الثقافي المصري الحالي، فخريجة كلية الإعلام التي اختارت التوجه لدراسة النقد الأدبي بأكاديمية الفنون، قد فازت قصتها بالمركز الأول في ورشة الكتابة القصصية بمعهد جوته بالقاهرة، والتي أهلتها للسفر من أجل حضور معرض فرانكفورت للكتاب، ثم فازت بمنحة آفاق لتسافر إلى بيروت، هذا بالإضافة إلى إصدارها للمجموعة القصصية "مائدة واحد للمحبة"، والتي نالت استحسان النقاد، والقراء.."24" التقاها فكان هذا الحوار.

بم أنكِ دارسة للنقد، فإلى أي مدى تؤثر دراسة النقد على الاستمتاع بالنص؟
ذلك يتوقف على ماهية فعل "النقد" أساسًا، أُحب أن أرى النقد كوسيلة للاقتراب من العمل الفني، وسيلة لفهمه، مساءلته، ربطه بالسياقات العامة والخاصة، والخروج بقراءة جيدة له. 

وفقًا لهذا المعنى، فإن التجربة النقدية بالنسبة لي زوَّدتني بقدرات إضافية لفهم الأعمال الفنية والاستمتاع بها، وهذا لا ينفي أن اشتغالي بالكتابة الإبداعية من ناحية، والنقدية من ناحية أخرى، كسرا اللوح الزجاجي الذي يعزلني عن الأعمال الفنية، لم يعد الفن ذلك الوحش الجميل الذي يسكن في الجبل البعيد ويطلُّ عليَّ وقتما يشاء، الفن الآن وحشٌ قريبٌ يسكنني، أعرف متى أستدعيه ومتى يستدعيني.

وهل أي مبدع برأيك ناقدٌ أيضًا؟
قرأتُ آراءً نقدية عظيمة لفنسنت فان غوغ، في الفن وفي الطبيعة، فرجينيا وولف أيضًا كانت تكتب بانتظام عن الأعمال الأدبية وتنشر عنها. المُبدع بالنسبة لي إنسانٌ يملك فلسفة ما لإعادة رواية الكون، لديه انحيازاته الجماليّة والفنيّة والإنسانية، وهو قبل كل شيء صاحب حساسيّة تجعله يرى ما لا يمكن رؤيته بالعين العادية. بالنسبة لي، نعم كل مبدع هو ناقد أيضًا على مستوى ما. 

فزتِ بالجائزة التشجيعية بمنحة ليتبروم الألمانية. ما الذي أضافه سفرك لألمانيا في تجربتك الإبداعية؟
هو خضّة عظيمة تعرضت لها حياتي بالكامل، لم أعد من ألمانيا نفس البنت التي كُنتها، كنتُ أتعرف على آخر سمعت عنه، أراه للمرة الأولى، لحظة لا يُمكن نسيانها، حين كان يُقرأ نصي باللغة الألمانية للجمهور الألماني، بواسطة مؤدية جميلة لمست روح الكتابة الحقيقية، شعرتُ أن نصي لم يعد ملكًا لي، كما يقول يوسف شاهين، نبتت له أجنحة، وصار بإمكانه التحليق بعيدًا عني.

على العموم، عين الكاتب دائمًا ما يستفزها أشياء مختلفة. ما هي التجارب التي تستفزك؟
كل تجارب العالم تستفزني، الكتابة هي مجموع التجارب الإنسانية التي يمر بها صاحبها، كل تجربة تترك بصمة ما في روحي، وبالتالي في الكتابة.

ما الذي تعنيه الكتابة لك: هروب أم مواجهة؟
عرفتُ مؤخرًا أن الإجابة عن هذا النوع من الأسئلة تجربة إشكالية لن أصل فيها إلى الحقيقة أبدًا، ربما لأن الحقيقة نفسها ليست ثابتة، ربما لأنها حمّالة أوجه وشيقة، وهذا أجمل ما فيها، ربما تكون الكتابة مواجهة للذات، هروبًا من الانسحاق، ربما تكون معركة لا بد من خوضها، وربما تكون هُدنة ممتعة تحت شمس الشتاء، لا أدري.

قُبلتِ بمنحة آفاق من أجل إنجاز مشروعك الأدبي. احكِ لنا عن سبب تقدمك لتلك المسابقة؟
صديقتي الأديبة المغربية سُكينة حبيب الله أرسلت لي الإعلان في شهر فبراير الماضي، قالت لي: "أعرفُ أنك ستُقبلين، وهي تجربة سوف تكون مفيدة لكِ"، أيامها كانت تخايلني فكرة لنص طويل، وقد تحمستُ لفكرة السفر، والورشة، هكذا بدأتُ في الاشتغال على المُلخص الأول، الذي تم قبوله للمشاركة في المنحة، بمساعدة الأصدقاء وعباس خضر.

وهل تسهم الورش برأيك في تشجيع الكاتب نظرًا لأنها يمكن أن تسبب نوعًا من الضغط عليه بدلًا من مساعدته أو ربما حتى فرض الوصاية بشكل ما؟
أنا مدينة لعباس خضر، الأديب المُشرف على ورشة معهد جوتة الألماني، وبفضل الورشة سافرتُ إلى ألمانيا، الكاتب الحقيقي لا يُمكنه أن يفرض وصاية على أحد، كما أن الطالب الذكي يعرف كيف يتأمل تجربة أديبه المُشرِف، دون أن يسجن نفسه في تجربة الأديب الكبير.

وما هي الكتابات التي تجذب اهتماماتك؟
ليست هناك مواصفات مُعينة للكتابات التي أحبها، يجذبني النص الصادق، المدهش، سواء كان مُعقدًا أو بسيطًا، إيروتيكيًا أو صوفيًا، أحب النصوص الناعمة، والصاخبة والعنيفة، أحب كل النصوص ذات الرائحة الخاصة، وأشعر أنني سوف أفقد شبابي حين أتوقف عن إيجاد الدهشة في نصوص الآخرين.

وهل ترين أي مظلومية يعانيها جيل الكتاب الجدد؟
لا أحب الحديث عن المظلوميات، أحب المواصلة والدأب والاستمرار، وأُفضل أكثر الحديث عنهم.

أخيرًا، تجهزين لرواية جديدة، فهل لا زلتِ متخوفة مثل البدايات أم ثقتك تجاه عملك كبيرة؟
نعم، الرواية الجديدة عنوانها المبدئي "أكثر من سيرة لعازفة الأبوا"، أنا مرعوبة في الواقع، كل نص أكتبه هو أول وآخر نص أكتبه، فكيف يكون الحال والرواية هي أول نص طويل أسعى لكتابته!