الخميس 23 يوليو 2015 / 23:48

دخول الإخوان مكتب جمال عبدالناصر



إذا أردت أن تكسب في ملعب السياسة، فعليك قراءة الواقع وفهم حرارة الشارع وقوة الحكومة وتأثيرها علي تحريك الشارع.

إن جماعة الاخوان خير مثال للمجموعات التي تدخل مفاوضات استغلالاً للمواقف ويخسرونها بسبب طمعهم، في يناير 1953 صدر قانون بحل الأحزاب لاتهامهم بالفساد وموالاة القصر، هنا بدأت جماعة الاخوان تفكر كيف تستفيد من هذا الحدث وتدخل مع الضباط الأحرار في مساومة وشراكة للفوز بأكبر المكاسب، وخصوصاً أنه بعد مقتل حسن البنا أصبح التنظيم مهترئاً ويجب عليهم الصيد والاقتناص لتقوي الجماعة مرة أخرى، وخصوصاً أن الشارع لم يكن معهم، وأيضاً كان موقف الإخوان من ثورة يوليو عدائياً في البداية، ومحاضر الحضور في القصر تثبت ذلك، فهناك وثيقة تثبت أن هناك مجموعة من الإخوان ذهبوا للقصر وسجلوا أنهم مع الملك وأنه وليهم وليسوا مع الضباط الأحرار.

ولكن سرعان ما تحولوا بعد نجاح الضباط الأحرار في ثورتهم، وأعلنوا دعمهم لثورة يوليو ولكنهم حتي هذه اللحظة لم يحصلوا علي المقابل، ففي صبيحة يوم إصدار قانون حل الأحزاب حضر إلي مكتب جمال عبدالناصر الإخوانيان الصاغ صلاح شادي والمحامي منير الدولة وقالا له إنه لم يبق من مؤيد الثورة إلا جماعة الاخوان وهم السند لها الآن فيجب عليكم أن تضعوها في مكانة تليق بها وبدعمها لكم، وذلك لأن الثورة في حاجة لها ولأفرادها.

فرد عليهم جمال عبدالناصر بابتسامة وسألهم: ما هو المطلوب منا لاستمرار تأيدكم للثورة؟

فردا عليه بمطلبين: "المطلب الأول: عدم صدور أي قانون إلا بعد أن يتم عرضه على مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين للحصول على موافقته.

المطلب الثاني: عدم إصدار أي قرار إلا بعد أن يقره مكتب الإرشاد ومراجعتها من ناحية مدي تطابقه مع شرع الله،
فهذا هو سبيلنا لتأييدكم إذا أردتم التأييد من جماعة الاخوان".

جمال عبدالناصر لم يعجبه هذا الكلام ولا الطريقة فقال لهم: "إن الثورة ليست في أزمة أو محنة، وإذا كان الإخوان يعتقدون أن هذا الظرف هو ظرف المطالب وفرض الشروط فإنهم مخطئون".


وأكمل: "لقد قلت للمرشد في وقت سابق إن الثورة لا تقبل أي وصاية وإنني أكررها اليوم مرة أخرى".

وأصر عبدالناصر علي موقفه هذا بعد أن تغيرت ملامح وجهه، فلما وجداه غاضباً قالا له: ان مهمتنا هنا ليست للنقاش ولكن لإبلاغ مطالب الإخوان لمجلس قيادة الثورة ونقل الرد لمكتب الارشاد، وانصرفا وأبلغا مكتب الإرشاد رفض مجلس قيادة الثورة المطلبين فأعلن مكتب الارشاد العداء للثورة، وأخبر الجماعة بأن يظهروا هذا أمام الجميع والتحدث إلي الصحف الأجنبيه لتهييج الرأي العالمي ضد مجلس قيادة الثورة، وأن الأرض تربة خصبة لاستقطاب أي شر أو إرهاب أو عداء دولي لمصر بعد انتهاء حكم دولة محمد علي والمصالح مع الدول الاجنبية.

لابد من قراءة تاريخ الإخوان وخاصة مواقفهم بعد كل انتكاسة يمرون بها وكيف يساومون السلطة وكيف يجتمعون مرة أخري بعد حلهم، والسؤال هو كيف ستتعامل السلطة مع جماعة الاخوان في الفترة القادمة، هل ستنجح في الوصول لحل لكي ينتهي الإرهاب أم ستظل المعركة قائمة؟ يجب علي السلطة الحالية الاستفادة من فشل المجلس العسكري بعد ثورة يناير وتسليم السلطة للجماعة وبشروطهم لأنهم هددوا بحرق مصر، فاستلموا السلطة ولكنهم لم يمكثوا فيها سوي عام.