وصول مجموعة من اللاجئين إلى ميونيخ الألمانية قادمين من النمسا (لاتريبون)
وصول مجموعة من اللاجئين إلى ميونيخ الألمانية قادمين من النمسا (لاتريبون)
الإثنين 7 سبتمبر 2015 / 21:59

ألمانيا: اللاجئون السوريون ينقذون البلاد من أزمة ديموغرافية في 2025

فاجأت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، أنصارها في الداخل قبل حلفائها وشركائها في الخارج بموقفها المتقدم من مأساة اللاجئين خاصة منهم القادمين من سوريا، ففتحت الحدود لعشرات الآلاف منهم، وأقرت اعتمادات ضخمة بحديثها عن مضاعفة المبلغ المرصود من 3 إلى 6 مليارات يورو في ميزانية 2016، لتمويل برامج استقبال اللاجئين في بلادها، وذلك إلى جانب اعتماد برنامج خاص لإقامة 150 ألف مأوى لللاجئين، بالإضافة إلى 300 ألف مسكن إضافي في البلديات الألمانية المختلفة، وفق ما أورد تقرير لصحيفة لاتريبون الفرنسية، اليوم الإث

46 % من الشركات الألمانية تعجز عن تلبية حاجياتها من العمال والموظفين

الإعداد للأزمة الديموغرافية القادمة في 2025 من الآن

ولكن موقف ميركل لا يعكس حسب الصحيفة ردة فعل طبيعية على مأساة إنسانية رهيبة، فقط، بل وأيضاً مجموعة من الحسابات والرهانات التي تقف وراء قرار ميركل وحكومتها.

حسابات استراتيجية
لم يأت قرار ميركل من فراغ، حسب الصحيفة التي تذكر بالأحداث التي شهدتها ألمانيا قبل تدفق اللاجئين بعد ظهور حركة بيغيدا المتطرفة، والتي كانت وراء ظهور رأي عام مؤيد لللاجئين ومعاناتهم، وعلى هذا الأساس لم يكن لميركل أن تجازف بالتجذيف ضد التيار الشعبي والتأييد المتزايد لللاجئين من قبل شرائح واسعة في المجتمع الألماني.

وبالنظر إلى مسيرتها السياسية فإن الواقعية السياسية كانت ولاتزال، ميزة ميركل الأولى، ففي 2011 وبعد صدمة انفجار المحطة النووية اليابانية وردة الفعل الشعبية في بلادها، أعلنت ميركل تجميد المشاريع النووية في بلادها، وذلك بعد أشهر قليلة فقط من توقيعها قانوناُ يسمح بمد عمر المحطات النووية الألمانية.

ريادة أوروبية
نجحت ميركل بقرارها الجريء، في سحب البساط من تحت أقدام زعماء أوروبا وقادتها الآخرين، لتعزز مكانة ودور ألمانيا في الاتحاد الأوروبي والعالم، ما يُعطيها هامش مناورة أكبر ومساحة أفضل في أي مفاوضات سياسية أو إنسانية قادمة في أوروبا والعالم حول ملف اللاجئين وحتى القضايا الكبرى الأخرى.

وبالتوازي، نجحت ميركل بفضل هذه المناورة في تلميع صورة ألمانيا واستعادة شيء من شعبيتها في الخارج، صورة جديدة لألمانيا المتسامحة والكريمة والمتضامنة مع العالم على عكس صورتها الكلاسيكية السلبية، التي تعززت أكثر مثلاً أثناء الأزمة اليونانية الأخيرة، وذلك على حساب المجر القاسية وفرنسا المترددة وبريطانيا المتصلبة وإيطاليا واليونان التائهتان بسبب تدفق اللآجئين.

وإلى جانب الحسابات السياسية والاستراتيجية الكبيرة لميركل، نجحت المستشارة الألمانية أيضاً بفضل هذه المناورة، في تأمين مكاسب اقتصادية حقيقية لبلادها، وفي هذا السياق، يترافق الانفتاح الألماني المفاجئ، مع حاجة البلاد التي تشهد تراجعاً ديموغرافياً حاداً إلى تدفق دماء جديد وضخ يد عاملة كبيرة في سوق العمل الألمانية.

شيخوخة
ورغم قوتها الاقتصادية والألمانية الراهنة إلاّ أن ألمانيا تعاني من شيخوخة وترهل سكاني كبير، الأمر الذي منع المؤسسات والشركات من تأمين احتياجاتها من العمال والموظفين بالشكل المناسب، وذلك رغم الزيادات المستمرة في الأجور والحوافز المالية المختلفة، الأمر الذي يُهدد جدياً مستقبل الاقتصاد الألماني.

وعلى هذا الأساس فإن التقديرات الرسمية في ألمانيا، التي تتوقع تدفق 800 ألف لاجئ، تعكس تفاؤلاً شبه رسمي بالحصول على يد عاملة جديدة بسرعة قياسية، لتلبية احتياجات ما لا يقل عن 46% من أصحاب العمل في ألمانيا الذين عجزوا عن سد الشغورات المهنية في مؤسساتهم في 2015.

ذروة 2025
ولكن ميركل تُدرك أن آلاف اللاجئين الذين سيتدفقون على بلادها هذه السنة لن يحلوا مشكلة الاقتصاد بشكل فوري، ولكنها تعرف تماماً أنها ساهمت بشكل حاسم في حل المشكلة الألمانية المزمنة في بلادها، ذلك أن مئات الآلاف من اللاجئين الشبان من أطفال اليوم والغد خاصة، سيكونون جاهزين لاقتحام سوق العمل، عندما تبلغ الأزمة الديموغرافية في ألمانيا ذروتها، أي في 2025.