الإثنين 4 يناير 2016 / 11:38

مقاطعة الشر والأشرار

قطع العلاقات مع إيران، هو بمثابة قطع اليد التي طالما سعت الدول العربية، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، إلى وقفها عن التدخل والتطاول، حتى وصلنا الى طريق مسدود مع هذه اليد. فدولة الملالي لم تترك المجال لاحتواء الموقف سياسياً أو دبلوماسياً أو قانونياً، ليس في الآونة الأخيرة فحسب، بل منذ عام 1979 وقيام ما يسمى الثورة الإيرانية التي أثبتت في أكثر من محطة للعرب جميعاً الثورة بأنها ثورة ضد الجار وضد الإنسانية وضد كرامة الإنسان، حتى لا يكاد يمضي يوم دون تسجيل انتهاك جديد وعدوان متجدد من هذا النظام العدواني.

فعندما تتحدث دولة ما عن المساواة والقانون وحقوق الإنسان، فإن أول ما يتم فحصه هو مدى تطابق كلام تلك الدولة مع أفعالها، وهو ما قد يسمح بسماعها والتحاور معها وسماع وجهة نظرها، عند أي خلاف ينشب بينها وبين دولة أخرى، اما إيران، فبأي حقّ تقيّم الآخرين وبناء على أيّ تاريخ وأيّ سجل؟

بل إن أكثر ما ينطبق على إيران هو المثل القائل "إن كان بيتك من زجاج فلا ترشق بيوت الناس بالحجارة"، وعلى مرّ تاريخ ثورة الملالي هذه وحكمها الطائفي، هل يستطيع أحد أن يذكر مأثرة واحدة أو إيجابية ما خرجت بها إلى العالم؟ كل ما نعرفه عن إيران كلامها المستمر عن الحرب، وطموحها الدائم لزيادة ترسانة أسلحتها، وسعيها المستمر لزيادة وكلائها أو عملائها في المنطقة، وهذه كله جعل درجة الثقة بإيران تهبط إلى ما تحت الصفر، ليس فقط بينها وبين قيادات الدول الخليجية والعربية، بل بينها وبين شعوب المنطقة، الذين يرون كيف أنها لا تصدر لهم سوى مشاريع الفتن والخراب والطائفية المقيتة.

أن كانت الخيارات العسكرية هي البيضة التي تعصر أمعاء جمهورية إيران فلتبيضها وتخلصنا من تدخلاتها التي لا مبرر لها، وحرب اليمن مجال واسع لقياس مدى قوة الخيار العسكري أو المواجهات العسكرية، فهناك تخرج المعادن وهناك تتجلى أخلاق الفرسان الحقيقية، وما زلنا نقول نحن لسنا دعاة حرب، لكنّ إيران بمواقفها المتعنتة وإصرارها على التدخل السافر في شؤون المنطقة ومصائر أهلها، هي التي تقرع على الدوام طبول الحرب، فلا تتوقع أن تبقى المنطقة ساكتة ساكنة أمام هذا الكم الهائل من المؤامرات والتجاوزات.

إن قطع العلاقات الديبلوماسيية مع إيران هو ثاني قرار قويّ تتخذه المملكة العربية السعودية في أيام قليلة، فبعد إعدام 47 شخصاً من دعاة الزور وصناع الدم، يأتي قرار قطع العلاقات الذي هو أساساً متصل بالقرار الأول، ذلك أن المملكة اتخذت قراراً سيادياً، وتركت الحكم للقضاء في هذه القضايا، لتخرج ايران وتتوعد وتهدد بسبب إعدام الإرهابي نمر النمر، وكأن هذا الأخير مجرد رجل داهمت قوات الأمن منزله وأيقظته من نومه دونما مبرر واقتادته إلى ساحة القصاص وهو لا يعلم لماذا وكيف!

لكن هذا دأب إيران الدائم، أن تعتبر دماء من ينتمي لها دماء حقيقية، أما دماء الآخرون فمجرد ماء، وهذا ان دل فيدل على عنصريتها وطائفيتها واعتمادها على لغة الارهاب وليس الحوار الصادق لحل الخلافات.