السبت 6 فبراير 2016 / 18:31

رياح الفوضى التونسية

تهدد الاضطرابات السياسية والأمنية التونسية المفتوحة على المجهول بضخ دماء جديدة في تداعيات ما عرف بثورات الربيع العربي التي وضعت شعوب المنطقة ومقدراتها في عين العاصفة وفتحت بوابات الانزلاق في موجات الفوضى.

أبرز المؤشرات التي يمكن التقاطها من تجدد الأزمة، ميل النخب السياسية والأكاديمية التونسية لتحميل حركة النهضة وإفرازاتها وتحالفاتها مسؤولية وصول المسار السياسي والأوضاع المعيشية والأمنية إلى طريق مسدود، مما يهدد بتآكل هياكل المؤسسية التي أفرزها مخاض السنوات القليلة الماضية والعودة الى المربع الاول.

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي كان واضحاً في توجيه أصابع الاتهام بحديثه عن مخلفات تجربة حكم الإسلام السياسي التي اتسمت بـ"تساهل" النهضة مع تنظيمات السلفية الجهادية.

واللافت للنظر في تصريحات السبسي أنها تلتقي مع مبررات انشقاق جناح محسن مرزوق عن "نداء تونس" التي تلخصها اتهامات الانحراف عن النهج "البورقيبي" وترك هوامش واسعة أمام "النهضة" لأخونة الدولة والمجتمع.

التقاء الرؤى رغم الخلافات التي تعصف بـ"نداء تونس" يكشف عن قناعة بأن حالة "حصد العواصف" جاءت على خلفية "بذور الرياح" التي ألقتها النهضة في التربة السياسية التونسية.

كما يترافق التقاء اتهامات السبسي وتيار مرزوق مع خلافات داخلية في "النهضة" ترجح فرضية ترنح تياراتها بين نزعات السلفية الجهادية وإمكانية المشاركة في عملية سياسية تجنب البلاد الغرق في مستنقع العنف.

يزيد من تعميق التجاذبات المسكوت عنها في حركة النهضة محاولات التنظيمات السلفية ركوب موجة الاحتجاج على الأوضاع المعيشية وحرفها نحو تصعيد يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق.

تجاذبات النهضة ومحاولتها "تجيير" شركاء العملية السياسية واستخدامهم في تنفيذ أجندات محددة ينفض الغبار عن قناعة بعقم محاولة التمييز بين الإسلامين "السياسي" و"الجهادي" حين يتعلق الأمر بقضايا العنف والمشاركة في العملية السياسية وتقود مثل هذه الخلاصات بشكل تلقائي إلى مزيد من الشكوك في إمكانية نجاح الشراكات بين العلمانيين والإسلام السياسي أو احتمالات احتواء التطرف الديني بالتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين وإفرازاتها.

يكتمل وضوح المشهد التونسي بمقاربته مع بعض محطات "الربيع العربي" حيث أثبتت التجربة المصرية خلال حكم محمد مرسي فشل جماعة الإخوان المسلمين في إدارة البلاد منفردين أو حتى إقامة نوع من التفاعل البناء مع مؤسسات الدولة ويأتي انكشاف النهضة ليوجه الأنظار مجدداً إلى عجز الإسلام السياسي عن المشاركة في توفير مسارات الخروج من الأزمة لا سيما وأنهم جزء من رمالها المتحركة.