الخميس 12 مايو 2016 / 18:30

"تويتر" لا ولن يحمي المُغفلين

"مُغفل" من يعتقد أن الكتابة والتغريد على مواقع التواصل الاجتماعي فوق طائلة القانون، و "مُغفل" من يعتقد أنه "ملك" على صفحات التواصل وباستطاعته الحكم على الناس وقذفهم وسبهم والتشهير بهم متى يشاء بلا رقيب أو حسيب، و"مُغفل" من يعتقد أن التغريد مجاني لا ثمن له ولا قيمة.

و"مُغفل" أيضاً، -واعذروني على تكرار استخدام هذه الكلمة لكنها توصل المعنى بدقة-، من لم يدرك العمق الكبير للمثل القائل "لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك"، ففي دولة الإمارات نقدس معنى الإنسانية ونحرص على حفظ حقوق الإنسان وعدم التعدي عليها سواء كانت وجهاً لوجه أو عبر مواقع التواصل لذلك فقد وقف القانون بصرامة أمام هؤلاء، ووضع لهم العقوبة الرادعة المناسبة بحجم الفعل الذي قد يرتكبوه على مواقع التواصل.

فصفحات التواصل الاجتماعي وخاصة "تويتر" الذي يشهد أكبر عدد من التجاذبات، ليست فضاء خالياً من دون قيود قانونية، ففي دولة الإمارات القانون يتصدى للإساءة وبث السموم على مواقع التواصل عبر قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987، وقانون مكافحة التمييز والكراهية الذي صدر مؤخراً.

لذلك يرجى الانتباه عزيزي المُغرد أو عاشق مواقع التواصل و"مهاجمة الناس والتقليل من إنجازاتهم وشأنهم"، ما تكتبه على مواقع التواصل ليس لك الحرية المطلقة فيه، وأنت تحت طائلة القانون حال تجاوزك الخطوط الحمراء لحقوق الأخرين، ومن يعتدي على خصوصيات الآخرين سواء بالقذف أو الذم فطريقه إلى السجن مُعبدة، ذلك أن حقوق الناس وحياتهم وحقوقهم ليست لعبة نستخدمها بالطريقة التي نراها دون مراعاة لمشاعرهم.

المُشرع الإماراتي واضح وصريح والقانون الإماراتي حصن منيع لكل مواطن ومقيم على أرض الإمارات، وقد حرصت القيادة الرشيدة على جعل الجميع سواسية أمامه من أجل هدف أسمى وأكبر ألا وهو العدل وإعطاء كل ذي حق حقه.

ومن لم يتعلم معنى العدل فلينظر بعينين واسعتين إلى السيرة العطرة للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، الذي زرع فينا حب العدل عبر القضاء النزيه منذ قيام الاتحاد، فجعل المواطنين والمقيمين سواسية أمام القانون، ولا أحد يستطيع أن يتعدى حدوده ليظلم الأخرين ولو كان ذلك بمجرد كلمة تحمل في طياتها معاني سلبية على تويتر أو أي موقع تواصل.

قانون العقوبات الاتحادي أوضح في مادته 374 ضمن بندها الأول على أنه: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تتجاوز خمسة آلاف درهم إذا وقع القذف أو السب بطريق الهاتف أو في مواجهة المجني عليه وبحضور غيره.

وفي المادة التي تسبقها 373، هناك عقوبة تصل إلى الحبس مدة لا تزيد على عام أو بالغرامة التي لا تتجاوز عشرة آلاف درهم لمن يرمي غيره بما يخدش شرفه، وتشدد العقوبة إلى سنتين حبساً والغرامة التي لا تتجاوز عشرين ألف درهم في حال كان الخدش بحق موظف عام أو مكلف بخدمة عامة.

والأمر كذلك لمن يستغل مواقع التواصل للتشهير بالأخرين وبسمعتهم أو ابتزاز الآخرين أو الاحتيال أو النصب عليهم، فقد وضع قانون العقوبات مواد حامية عقوبتها تصل إلى تقييد الحرية والحبس، ومن يتجرأ على نشر عنصريته فقد تصدى قانون مكافحة جرائم التمييز والكراهية له ووضع عقوبات رادعة.

هذا المقال توعوي وليس تحذيرياً كما سيعتقد البعض من خلال صياغته، فواجبنا نحن كقانونيين عدم انتظار حدوث قضية أو الترافع عن متهم أمام القضاء بعد أن تقع الفأس بالرأس، وإنما واجبنا نشر الوعي حماية للمجتمع وتثقيفه بخطورة إساءة استخدام وسائل التواصل، ولكنني مع ذلك أؤكّد أن القانون فوق الجميع وأن أي شخص يتعرض للإساءة ما عليه إلا أن يطرق باب أقرب مركز شرطة ليحفظ القانون حقه... ونحمد الله على أننا نعيش في أكناف دولة قيادتها زرعت في داخلنا المعاني السامية وجعلت من المواطنين والمقيمين من مختلف الجنسيات نموذجاً عالمياً في التعايش يشهد له العالم بأسره، وجعلتنا جميعاً سواسية أمام القضاء العادل والقانون الحصين.