الإثنين 23 مايو 2016 / 19:42

هذه رسالة عبيدة لنا جميعاً

بنيّة بريئة، ركض "عبيدة" مع القاتل ظناً بأنه سيحصل على لعبة تفرحه.. ساعات ثم جاء الخبر المفجع الذي أبكانا جميعاً، فبشاعة مقتله كانت صدمة لكل منزل، فهي لم تكن جريمة فردية تنحصر بعائلة معينة، بل أضحت "قضية رأي عام" تحت ملف "اغتصاب الأطفال"، وسط مطالبات بإيقاع أقصى العقوبة على الجاني ليكون بذلك عبرة لغيره.

وليس الجاني فقط من يجب أن يكون عبرة لغيره، بل لا بد من وقفة للآباء والأمهات تعيد النظر في أساليبهم التربوية، خاصة فيما يتعلق بقضية التحرش التي تبدأ التوعية بالوقاية منها منذ بدء خروج الطفل من البيت.

حتماً ليس "السكوتر" هو السبب، والمسؤول لن يكون الوالدان، فهما أحرص الناس على أطفالهم، إنّما كان ولا زال إلى جانب وجود ضعفاء النفوس في المجتمع، هناك قصور الوعي بمخاطر المتحرشين والإشارات التي تدلل عليهم دون أن نأخذها بعين الجدية على نية طبيعتنا السوية المخالفة تماماً لتلك النفوس المريضة التي بات من الضروري الاعتراف بوجودها القريب من أطفالنا.

التودد لطفلك، مداعبته واحتضانه وإيلاء الاحتكاك الجسدي من قبل أحد الأقارب أو الجيران قد تكون بنظر الآباء علامات للتعبير عن الحب العفوي، لكنها في المقابل تعرض الطفل للتحرش من دون أن نشعر، فملاطفة الأبناء باستخدام عبارات لتدليل المناطق الحساسة تعوّد الطفل على أن هذه الطريقة للتعبير عن الحب هو سلوك مقبول، وبالتالي يقع فريسة سهلة بين المتحرش في لحظة ما.

والكثير من النصائح التي تعج بها الكتب والمواقع والفيديوهات المتخصصة في تسليط الضوء على قضية التحرش يهملها الكثير من الآباء كونهم يشعرون من وجهة نظرهم بأنها "حالات فردية" لا داعي للاطلاع عليها أو إدراجها ضمن الأساليب التربوية لحماية أطفالنا من التحرش.
لكن في الواقع، إذ استوقفنا قليلاً أمام هذه النصائح، فنلاحظ أننا نمارس الكثير من العادات السلوكية أو نراها ولا نعي مدى خطورة ممارستها مثل تعويد الأطفال الجلوس على أحضان الأقارب أو الجيران أو السماح للأطفال بقبول هدايا قبل الحصول على موافقة الآباء.

للأسف مع كل خطوة نحو عالم أنساني أكثر يحمي حقوق البشر ويصون كرامتهم، تظهر ذئاباً بشرية تعود بنا خطوات إلى الهمجية والشهوة الحيوانية، والضحايا أطفال أبرياء لم يتجاوزا سن البلوغ.

"لم أشك للحظة أن يكون هو الفاعل".. هكذا علق والد الضحية على الجريمة المروعة، وهذا ما لا نتمنى أن نصل إليه جميعاً من خلال المزيد من الوعي بأن العالم ليس مثالياً كما نعتقد، ولا بد من الشك بوعي فهو خير ألف مرة من حسن النية.