الإثنين 11 يوليو 2016 / 19:55

هوس النجومية

لا يمكن الاستهانة بدور ما اصطلح على تسميته بالإعلام الاجتماعي، أو الإعلام الإلكتروني، فهنالك تزايد لأهمية هذا الإعلام وتأثيره في حياة البشر.

ازدياد عدد المستخدمين للإنترنت ووصولهم إلى أكثر من 3 مليارات مستخدم يدل على أن الإعلام الاجتماعي أصبح يبني له عرشاً ينافس عن طريقه عرش الإعلام التقليدي.

ومثلما أي شكل من أشكال التغيير والتطور يحمل معه مجموعة من الظواهر، فإننا اليوم نعيش واحدة من أبرز ظواهر الإعلام الاجتماعي وهي ظاهرة هوس النجومية.

فكل من يحمل هاتفاً ذكياً أصبح مؤسسة إعلامية خاصة يختار الصور والأخبار والمعلومات ويختار جمهور المشاهدين والمتابعين ويسعى إلى استقطاب نسبة مشاهدة أو متابعة عالية شأنه شأن أية مؤسسة إعلامية تقليدية.

وأفرزت هذه الحالة حالة من السعار في ماراثون الهدف منه استقطاب نسب متابعة وضغطات إعجاب أو تفضيل في جميع تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي وإصدارتها وتحديثاتها وتطبيقاتها.

ضحايا هوس النجومية والظهور يزداد عددهم كل يوم ويتفنون في ابتكار أساليب في التسويق لأنفسهم وفي صناعة وجود وهمي وآني في حياة الاخرين لكي يستعيضوا بواسطته عن شعور بالنقص أو العزلة الاجتماعية أو شعور بالفشل، حيث أن هذا التكالب على الظهور يداري الكثير من العلل النفسية ويكشف عن الكثير من الاضطرابات الاجتماعية ويؤدي بأصحابه إلى نشوة بنجاح زائف غير حقيقي يفقدهم قيمة الإنجاز الحقيقي ومتطلباته.

لقد تراجعت قيمة الإحساس بالإنجاز والنجاح الحقيقيين في الحياة الواقعية وأصبح الإحساس بالنشوة الوهمية للنجاح بديلاً لقيمة النجاح الحقيقي الذي يظهر في أعمال جادة ولها قيمة وأثر في واقع الآخرين. أعمال تخلد أسماء أصحابها الذين حينما أبدعوا وأتقنوا وبذلوا جهداً استثنائياً لم يكونوا يبحثون عن نجومية أو شهرة أو مال أو سلطة أو تكريم أو أضواء أو حتى تصفيق وإشادة ؟؟

هنالك من فتنتهم وسائل التواصل الاجتماعي فقرروا أن يكون لهم وجود بصور زائفة وبدون بذل أي جهد يذكر أشخاص يتفننون في الانعزال عن واقعهم يتسابقون خلف الصورة البراقة والمظاهر الفارغة والقيم الاستهلاكية والأشكال المادية والتصرفات البلهاء والسلوك الغريب والأفعال الطائشة التي قد تكلفهم الكثير ولكنهم لا يدركون عواقب أفعالهم في خضم النشوة وإحساس الانتصار الوهمي والإنجاز الرخيص الذي يسرقهم من الحقيقة والواقع.

وهي ظاهرة أفرزت أشكالاً جديدة ومبتكرة من النصب والغش نرى أنواعاً جديدة منها ويجني أصحابها الأموال جراء استغلالهم لضحايا هوس النجومية.

فمع هوس النجومية رأينا تجارة بيع متابعين بالتسعيرة وحسابات وهمية وبطولات زائفة والنصب الالكتروني والتحايل بانتحال شخصيات مشهورة؟

عالم جديد ولكنه عالم يستحضر تحديات جديدة تؤثر على نظرة الناس لأنفسهم وتؤثر على إدراكهم لمفهوم النجاح ووعيهم بأدوارهم الحقيقية في الحياة.

لقد أصبح الكثيرون يعيشون الوهم ويشترون التزييف ويدمنون أصنافاً جديدة من أشكال الهوس دون أن يشعروا.

يحتاج الأمر إلى وقفة وإلى برامج توعية تسلط الضوء على هذا الشكل من الهوس الذي أسقط في براثنه ضحايا لا يدركون حقيقة هوسهم بالنجومية آثار ذلك على حياتهم.