رجل الأعمال المصري صلاح دياب (أرشيف)
رجل الأعمال المصري صلاح دياب (أرشيف)
الثلاثاء 16 أغسطس 2016 / 15:45

صلاح دياب: مصر لن تُفلس ومعجب بتجربة الإمارات والسعودية

أعرب رجل الأعمال المصري البارز صلاح دياب عن استغرابه للاهتمام الكبير الذي أولاه البعض لتقرير مجلة "الإيكونوميست" عن الأوضاع الاقتصادية في مصر، وشدّد على أن مستقبل الاقتصاد الوطني، يعتمد على سياسات الدولة، وليس على تقارير من الواضح جداً أنها تعكس فقط وجهات نظر أصحابها.

قرض صندوق النقد الدولي نقطة فارقة وعلامة على طلبنا الحل من أهل الخبرة والاختصاص

استحواذ الجيش على السوق ليس كبيراَ وهو استثنائي طارئ في هذه المرحلة لافتقار جهات أخرى لنفس الإمكانيات والقدرات

لم أتعامل في حياتي مع إسرائيل ولن أخجل أبداً إذا ذهبت إليها إذا كان في هذا فائدة لبلدي

وقال دياب في مقابلة  صحافية إن "مصر لم تخرب ولم ولن تفلس... فنحن لم نتخلف عن موعد سداد أي استحقاق لدين، أو فائدة دين، كما لم نماطل في سداد مستحقات أي شركة دولية تعاملنا معها... ولا يعني ذلك أنه لا توجد مشاكل... بلى، إننا نواجه الكثير من التحديات، والدولة منتبهة لها، ولخطورتها وتعمل على إيجاد حلول لها".

قوانين استثمار
وأشار دياب إلى "أهمية أن تسرع الحكومة بحل المشكلات الاقتصادية، وعلى رأسها جذب الاستثمارات لأنها عماد بناء أي اقتصاد ناجح"، وتساءل :"كيف نتوقع أن تأتي الاستثمارات إلينا، وحتى الآن لم يصدر لدينا قانون استثمار واضح ولم يتم تحديد الهوية الاقتصادية للدولة ولم تحدد قيمة الضريبة، ومدة تثبيتها؟".

ورجح أن تكون تلك هي الأسباب نفسها التي حالت دون تحقيق المؤتمر الاقتصادي لنتائج ملموسة رغم مرور أكثر من عام على انعقاده.

كما دعا إلى "تعويم الجنيه، وترك سعر الدولار للعرض والطلب".

وحث الحكومة أيضاً على "النظر للأنظمة الضريبية الخاصة بالدول الجاذبة للاستثمارات، والعمل على أن تتنافس مصر معها، فلن يأتي مستثمر لبلد تفرض ضريبة تقدر بـ 42.5% ويترك بلدا تقل فيها الضرائب عن ذلك بكثير، لابد من العمل على تحسين التنافسية".

ورغم إبدائه تحفظاً على أسلوب اختيار من يشغلون المواقع الهامة والمؤثرة في الدولة، لكنه يرى أن اختيار أعضاء المجموعة الاقتصادية الموجودة حالياً تبدو في مجملها إيجابية، وقال: "ربما لا تكون موفقة 100%، ولكنها بداية ودلالة على الاقتراب من الحلول الصحيحة".

وأبدى دياب تفاؤله بقيام "الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل مجلس أعلى للاستثمار برئاسته، واختياره وزيرة تختص بالاستثمار من قلب عالم القطاع الخاص، أي أنها تعرف جيدا مطالب هذا القطاع وتحدياته".

علامة فارقة
واعتبر أن أهم إنجاز اقتصادي للرئيس والمجموعة الاقتصادية هو "تقدم مصر للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي" وقال :"هذه نقطة فارقة وعلامة على طلبنا الحل من أهل الخبرة والاختصاص والتوقف عن الاجتهادات أو محاولات استنساخ تجارب أخرى ناجحة بغض النظر عن اختلاف ظروف كل دولة".

ودعا الجميع، وتحديداً وسائل الإعلام، إلى أن توضح للمواطنين أن تقليص الدعم وطرح حصص من بعض الشركات في البورصة، ليس شرطاً مفروضاً من صندوق النقد، وإنما هو بالأساس ضرورة ملحة تقتضيها الأوضاع الصعبة، وقال إن "الدعم يتسرب لمن لا يستحقه، فهو يصلني وأنا مثلاً مستثمر كبير، كما يصل لأي مواطن محدود، أو متوسط الدخل، وهذا يؤنب ضميري، ولذا أرى أنه من الأفضل أن يتحول الدعم إلى نقدي، أما طرح حصص للاكتتاب فهذا يحدث في كل العالم، ويُسهم بصورة رئيسية في توفير الأموال، إلى جانب تحسين إدارة هذه الشركات".

مشاريع قومية
وطالب دياب الحكومة بإعادة التفكير في المشاريع القومية الكبرى التي تنوي تنفيذها مثل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، وقال: "أقر بأن مثل هذه المشاريع، قد تكون جيدة ومهمة، ولكني أرى أن من الأفضل أن تبتعد الدولة عن تنفيذها تفادياً لاستنزاف مواردها وجهدها، وأن توكلها لمطورين من القطاع الخاص، مع إعطائهم بعض المزايا التي تجعلها جاذبة لهم، وللمستثمرين فيها".

وأبدى دياب تفهماً كبيراً لإسناد السيسي الكثير من المشاريع والمهام إلى الجيش، وقال إن "السيسي رجل عسكري جاء ليحكم استجابةً لطلب شعبي، وبالتأكيد كان يلزمه وقت حتى يتعرف على الدولة وإدارتها وأساليب العمل في قطاعاتها، وفي أول عام له لم يكن هناك برلمان، إضافةً إلى أنه لا يعتمد كما سابقيه من الرؤساء، على حزب يدعمه، وبالتالي لم يجد من يعتمد عليه غير مؤسسته الأولى".

الجيش والسوق
ورفض دياب ما يقال عن استحواذ الجيش على السوق، وقال: "هذا غير صحيح إطلاقاً، فنسبة استحواذ الجيش على السوق ليست كبيرة كما يُعتقد، وأتصور أيضاً أن مشاركته الحالية في عدد من الجوانب الاقتصادية، أمر استثنائي طارئ في هذه المرحلة لافتقار جهات أخرى لنفس الإمكانيات والقدرات".

ورأى أنه قد يكون لاستمرار "انخراط الجيش في الأنشطة الاقتصادية بما يملك من امكانيات وقدرات كبيرة، تداعيات سلبية على القطاع المدني والاستثمار، لاختلال فرص المنافسة بينه وبين أي جهة استثمارية اخرى"، محذراً من أن يتسبب ذلك في "قلق المستثمرين الأجانب، وإثنائهم عن القدوم للبلاد، تجنباً للمنافسة غير المتكافئة".

وعلى عكس كثيرين، يرى دياب أن ما تلقته مصر من مساعدات مالية من دول خليجية في الفترات السابقة "أضر بها أكثر مما نفعها، لأنه أرجأ مواجهةً لا مفر منها لإطلاق عملية الإصلاح".

وعزا دياب تراجع الدول الخليجية عن المزيد من فرص الاستثمارات في مصر أخيراً لشعور تلك الدول بفقدان الأمل في استجابة الحكومة المصرية لنصائحها.

الإمارات والسعودية
وأشاد دياب بالرؤى والإنجازات الاقتصادية الرائدة التي تتبناها الإمارات والسعودية، وقال: "إنهم يعتمدون تدابير كفيلة بجعل كل فرد في مجتمعاتهم قصة نجاح، وأنا معجب برؤية ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، القائمة على اقتصاد بلا نفط، وبالتطوير الرائد الذي يقوده الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبحكمة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتأثير ذلك على نشاط الإمارات والمنطقة بأكملها".

وتوقع دياب أن تحقق الدولتان، لو استمرتا على هذا النهج، طفرات قوية وأن تدخلا في منافسة كبرى الاقتصاديات، داعياً الحكومة المصرية إلى الاستفادة من نصائحهما وتجاربهما.

إصلاحات السيسي
وفي السياق نفسه، توقع دياب أن تؤدي تصريحات الرئيس السيسي الأخيرة، التي فيها مضيه قدماً في الإصلاحات الضرورية لتحويل دفة الاقتصاد، وخفض الدين العام، واستعداده لمواجهة كل التحديات التى عطلت الإصلاحات فى مصر منذ 1977، إلى إعادة فتح باب التعاون الاقتصادي الجدي مع الدول الخليجية، فتلك الاصلاحات الاقتصادية "ستجعل الجميع يدركون أننا نسير على الطريق الصحيح والمباشر لتحسين أوضاعنا".

وأكد أن جريدة "المصري اليوم" التي شارك في تأسيسها منذ 2004: "كانت وستظل مستقلة، وسيظل شغلها الشاغل، خدمة الوطن والعمل على رفعته ورفعة أبنائه"، وأضاف: "وإن اختلفنا مع الدولة، فإن الهدف دائماً هو المصلحة العامة، فالدولة يُديرها بشر غير معصومين من الخطأ، الحقيقة تظل الهدف الأسمى، ونحن لا ننكر أبداً أي جهد إيجابي، بل نسلط الضوء عليه ونشجعه".

وأوضح دياب، الذي سبق أن اعتقل عدة أيام، أن كافة القضايا، والإشكاليات القانونية التي تعرض لها "انتهت تماماً" بحمد الله.

تجنيس مستثمرين
وعارض دياب بشدة اعتبار البعض مشروع منح الجنسية للمستثمرين الأجانب مقابل دفع مقابل مالي بالعملة الصعبة، "بيعاً للهوية الوطنية"، أو"مدخلاً لأعداء الوطن" وقال: "هذه هواجس عفا عليها الزمن، المبدأ مُطبق في عدة دول، وبطبيعة الحال ستُوضع شروط وضوابط عديدة تحكم ذلك، وتضمن استبعاد أي شخص تحوم حوله الشبهات".

الذهاب إلى إسرائيل
وأكد دياب: "قد يأتي من يدعي أن لي شركاء إسرائيليين، وأنى بدعمي لهذا المبدأ، أريدهم أن يحصلوا على الجنسية المصرية، ولذلك فإني أستبق ما قد يُقال، وأؤكد أنه لا شراكة بيني وبين أية شركة إسرائيلية، ولم أذهب إلى إسرائيل أبداً، ولم أتعامل في حياتي مع شركات إسرائيلية في حياتي، لكني لن أخجل أبداً إذا ذهبت إلى إسرائيل إذا كان في هذا فائدة لبلدي".