الخميس 22 سبتمبر 2016 / 16:23

تقرير ميداني عن أيام الهدنة في سوريا.. أراجيح وزيارات وتظاهرات

24 - ميسون جحا

في تقرير مؤثر نشرته صحيفة نيويورك تايمز، ويصف توق السوريين لانتهاء الحرب، وفرحهم بالهدنة التي دامت أسبوعاً، وسمحت لهم بالعيش بشكل طبيعي بضعة أيام، قامت آن برنارد، مديرة مكتب الصحيفة في بيروت، وزميلتها هويدا سعد، مراسلة للصحيفة من العاصمة اللبنانية أيضاً، بزيارة لمناطق سورية شتى.

جميع السوريين سعداء بوقف إطلاق النار، لأننا تعبنا من الحرب، نحن نستيقظ وننام على عدد القتلى والجرحى والنازحين. لقد سئمنا من كل هذا. تمثل الهدنة اختباراً لجميع الأطراف، وهي فرصة للاستيقاظ على أصوات العصافير عند نافذتي، وليس على هدير القنابل والمدافع

وتقول المراسلتان إن وقفاً متقطعاً لإطلاق النار وفر فرصة نادرة لسوريين مقيمين في مناطق خاضعة للمعارضة، للخروج من بيوتهم، وممارسة حياتهم العادية. وبالنسبة للبعض، كانت للهدنة فائدة للتمتع بشيء بسيط كالتنزه. أما بالنسبة لآخرين، فقد شكلت فرصة للتظاهر. لكن كل شيء يهم، طالما أنهم ينعمون بنوع من التغيير في طريقة عيشهم، بعدما صاروا يمضون أكثر أيامهم مختبئن داخل ملاجئ تحسباً من غارات جوية.

لا ضمانات
وفيما كان يفترض أن تؤدي الهدنة التي تمت باتفاق روسي ـ أمريكي للسماح بوصول مساعدات غذائية إلى حلب المقسمة بين المعارضة والنظام، تنقل برنارد وسعد عن مسؤولين في الأمم المتحدة أنهم لم يتلقوا ضمانات بتوافر ممر آمن، وبقيت شاحنات محملة بسلع غذائية ومساعدات غذائية عالقة عند الحدود مع تركيا.

التقاط صور
وتقول المراسلتان: "من يقود المساعي الديبلوماسية، هم الذين يمسكون بزمام السلطة، ممن يعيشون ويعملون بأمان خارج مناطق النزاع في البلاد. ولكن الشعب السوري هو الأكثر عرضة للمخاطر، ولذا أردنا أن نسمع رأيهم. من ثم أدركنا أن توقف القتال يعني بالنسبة لمعظم هؤلاء فرصة للعيش بصورة طبيعية كباقي الناس، كالتقاط صورة لصديق، أو شراء المؤن".
وقال أبو أيمن، أب لأربعة أولاد، ويقيم في دمشق: "أعتقد أن الطرفين، المعارضة والنظام، ملوا من الحرب ويريدون فترة استراحة".
ويقيم أبو أيمن في مساكن برزة، بضاحية في دمشق تسيطر عليها الحكومة السورية، ولم يذكر اسمه الكامل خوفاً على حياته.

فطور عادي
ويقول الرجل: "استيقظنا اليوم في وقت متأخر، وتناولنا فطوراً بسيطاً، وسوف نزور عائلة زوجتي لتمضية يومين بصحبتهم. عطلة العيد فرصة كافية لتبادل الزيارات والتسلية قبل افتتاح العام الدراسي بعد أسبوعين".
ويضيف أبو أيمن: "جميع السوريين سعداء بوقف إطلاق النار، لأننا تعبنا من الحرب، نحن نستيقظ وننام على عدد القتلى والجرحى والنازحين. لقد سئمنا من كل هذا. تمثل الهدنة اختباراً لجميع الأطراف، وهي فرصة للاستيقاظ على أصوات العصافير عند نافذتي، وليس على هدير القنابل والمدافع".

احتجاج
وأما شيخو، ممرض شاب يعمل في مستشفى الدقاق في القسم الشرقي الخاضع للمعارضة في حلب، فقد شارك في احتجاجات جرت ليل الثلاثاء الماضي جراء عدم سماح النظام لقافلات الإغاثة الدولية بالوصول إليهم قبل تفتيشها. وهو يقول أن شرط موافقة الحكومة على دخول المساعدات يؤدي لتشريع الحصار.

وقد صور شيخو الاحتجاجات بواسطة جهازه الخليوي، فظهرت صور عشرات المتظاهرين ممن حمل بعضهم شعارات رسمت عليها علامة X باللون الأحمر فوق أحرف UN ، وأعلام الجيش السوري الحر.

غلاء ولا وقود

وتقول المراسلتان برنارد وسعد أن سكان حلب مستاؤون من ارتفاع أسعار المواد الأساسية، ونفاذ الوقود جراء الحصار. وعندما خرج المحتجون نادوا طالبوا بسيارات إسعاف لنقل مرضاهم إلى تركيا، والحرية والأدوية وتأمين طريق آمن للخروج من حلب.

جولة في مضايا
وقالت هالة عبد الوهاب، مدرسة تقيم في بلدة مضايا المحاصرة بالقرب من الحدود اللبنانية، أنها استغلت وقف إطلاق النار للقيام بجولة في أنحاء البلدة، والتقطت صوراً لأطفال احتفلوا بالعيد. وزارت صديقة، أرملة شهيد، لها خمسة أطفال، وصورتها وهي تغسل الأطباق. كما زارت صديقة أخرى، مدرسة أيضاً، تعاني من اكتئاب شديد. فقد أخرج زوجها من الزبداني قبل بضعة أشهر، وهي تفتقده، وتأمل أن تلحق به.

يوم نادر
وأما محمد نجدت خضور، ٣١ عاماً، وهو صحفي سوري يقيم في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، فقد أمضى يوماً نادراً لم يوثق فيه مجريات الحرب، ملاعباً ابنة أخيه على الأرجوحة. ولأول مرة لم يحمل جهازاً لاسكلياً لرصد تحركات الطائرات الحربية.

وتجول محمد بين بلدات محيطة بمدينة إدلب، والتقى بأصدقائه واستمع إلى موسيقى. وقال: "لأول مرة أستمع إلى أغان في السيارة، لأني لا أفتح الراديو عادة، خشية عدم سماع الطائرات القادمة".