الجمعة 23 سبتمبر 2016 / 15:01

حماية المدنيين السوريين.. ليست في حسابات أوباما

في مقابلة أجرتها الكاتبة في صحيفة اكسبرس الفرنسية كاترين غوزي مع الباحث في الشؤون السورية داخل جامعة إدنبره توماس بييريه، رأى الأخير أنّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما لم يأخذ مطلقاً بالحسبان حماية المدنيين في سياسته السورية. وأشار إلى أنّ قول أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن عدم وجود حل عسكري في سوريا، بعد عهده الذي امتنع خلاله عن التدخل هناك، سمح للأسد وحلفائه بتنفيذ "حلّهم العسكري الخاص".

المقارنة مع أخطاء بوش في العراق، "خالية من أي معنى" إذ "لم يطلب يوماً أي أحد من الأمريكيين أن يجتاحوا سوريا"

وتكتب غوزي أن أوباما، وبعد ثماني سنوات في البيت الأبيض، لم يعجز فقط عن حل المشاكل العالقة في العراق أو تلك الحاصلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إنّما علاوة على ذلك، عرفت هذه المشاكل تدهوراً واضحاً في مسارها. أمّا الأزمة السورية فلم تزدد إلا خطورة منذ اندلاعها في نهاية ولايته الأولى. ونقلت غوزي عن بييريه تحميله أوباما "جزءاً كبيراً من مسؤولية هذه الكارثة".

أخطاء أوباما الأساسية

وركّز بييريه في المقابلة على أنّ الأخطاء الأساسية التي ارتكبها أوباما كانت تعاطيه مع الأزمة السورية على مستوى "جوانبها الثانوية". فبعد الهجوم الكيميائي للنظام ضدّ الغوطة الشرقية، إنصرفت أمريكا إلى التركيز على تفكيك الترسانة الكيميائية للنظام، وبعدها "أتى الهوس من الخوف من اِنتشار الأسلحة التقليدية" بينما لم تهتم موسكو وطهران يوماً بتلك المسألة. وجاء تدخّل سي آي أي سنة 2012 لمنع تحويل الأسلحة من الدول الإقليمية إلى الثوّار، الأمر الذي حدّ من قدرة الثورة على الدفاع عن نفسها ضد هجمات النظام.

حجة ساقطة
وعن مزاعم عدم رغبة أوباما في الانخراط والتي نتجت أسبابها عن سياسات سلفه جورج بوش الابن، يقول بييريه إنّ الحجة ساقطة، بما أن الجيش الأمريكي أُرسل إلى سوريا سنة 2014 لقتال جبهة النصرة وتنظيم داعش. "هنا أيضاً لا يستجيب أوباما إلّا لعنصر محيطي لهذه الأزمة. داعش لا يمثّل إلا بعداً ثانوياً من هذه الأزمة، سواء من حيث عدد القتلى أو تشريد السكان". ويشدّد الباحث على أنّ انفلاش ظاهرة داعش هو نتيجة تدهور الأحداث في سوريا.

مقارنة بلا معنى
بييريه يرى أنّ المقارنة مع أخطاء بوش في العراق، "خالية من أي معنى" إذ "لم يطلب يوماً أي أحد من الأمريكيين أن يجتاحوا سوريا". وكان بإمكان الجيش الأمريكي، بالحدّ الأدنى أن يوقف قصف النظام بالبراميل المتفجرة، فبدءاً من اللحظة التي حضرت فيها الطائرات الأمريكية فوق الأراضي السورية، كان بإمكانها منع طيران النظام "من تحويل المدن السورية إلى فتات وذبح السكان بالبراميل المتفجرة". ويجد بييريه أنّ هذه البراميل بلا أي فائدة عسكرية، فهي قليلة الدقة وتهدف فقط "إلى إرهاب المدنيين ودفعهم للخروج من المناطق التي يسيطر عليها الثوار".

لا موضوع للتفاوض عليه
وكان بإمكان أوباما عبر منعه النظام من استخدام البراميل المتفجرة أن يحدّ من أعداد القتلى والمهجرين وحماية المؤسسات المدنية. كما أعرب بييريه عن اعتقاده بأنّ نظام الأسد كان ليكون أضعف وبالتالي لأمكن لكثير من الذين يؤيدونه أن يتساءلوا عن فائدة دعمه. وبعدما نفّذ الأسد وحلفاؤه حلهم العسكري الخاص، لم يعد هنالك "أي أمل لحل سياسي" وكذلك، "أي موضوع للتفاوض عليه".

إيران أولاً؟
وردّاً على سؤال غوزي عن الأسباب التي دفعت أوباما إلى اعتماد تلك السياسة، رأى الباحث أنّ ذلك الصراع لم يشكّل مطلقاً أي مصلحة استراتيجية له. فكما بدا لبييريه، حدّدت المسألة الإيرانية بقية رؤاه السياسية للمنطقة. بالنسبة للباحث، لقد اختارت واشنطن أن تتحمل تدمير الجيس السوري للمدن كي لا تزعج طهران، حامية النظام، بغية إيصال الاتفاق النووي إلى خواتيمه التي ترجوها.

سوء فهم لعلاقات القوة
وتحدّث بيرييه عن الرهان الخاطئ للبيت الأبيض على المكاسب المحتملة من الاتفاق مع إيران، والتي كانت مستندة إلى "سوء فهم لعلاقات القوة في المنطقة". فمحيط أوباما تخيل أنّ اتفاقاً كبيراً كان ليعطي كل طرف "حصته من قالب الحلوى". لكن الباحث لفت إلى أنّ لدى حرس الثورة، الجهة التي تحدد السياسة الخارجية لطهران، "رؤية متطرفة" للحصة التي يراها مناسبة له. وقال في ختام المقابلة، إنّه ومنذ توقيع الاتفاق في 14 يوليو(تموز) 2015 مع إيران، أخذت الأوضاع في سوريا تتدهور أكثر فأكثر. ورغم تركيزه على أنّ إدارة أوباما لا تتحمّل المسؤولية كاملة، إلا أنّ عدم تحركها حرمها من قوة التأثير على التصعيد المتنامي.