الجمعة 30 سبتمبر 2016 / 18:08

مناهجنا عطشى لمزيد من الكتب

نحن بحاجة إلى ضخ ما نستطيعه من الكتب في مناهجنا الدارسية، الكتب التي هي ضمانتنا أمام تلك الشياطين التي تتربص بالعقل العربي

كثير من الأشياء الجيدة في الشرق الأوسط هذه الأيام تحدث في الإمارات. ليس فقط إنشاء وزارة للتسامح (وإن كنا بانتظار نشاطاتها)، وليس حصراً الإضافة الكبيرة لأمننا الوطني التي تعمل أجهزة الدولة لإنجازها في 2017 وأعني بذلك مفاعل براكة النووي، لكن هناك أيضاً قرارات قد لا ننتبه لها في زحمة الأخبار والدوام وعودة الأطفال إلى المدارس، مثل قرار إدراج كتاب "السراب" في منهاج الدراسات الاجتماعية والتربية الوطنية للصف الثاني عشر.

كان ولا يزال عقل الإنسان يثير آهات الإعجاب والتبجيل من العلماء بوصفه العضو الأكثر تعقيداً في الجسم، ولكن هذا العضو يبدو ضعيفاً للغاية وبالذات في العالم العربي أمام أفكار الحركات والأحزاب الشعبوية التي تريد تسخير واستغلال كل ما هو عزيز على قلوب الناس عندنا. أحزاب وجماعات مثل الإخوان المسلمين والسلفيين وغيرهم ممن يحملون رايات ترفع شعار الإسلام هو الحل، أو أنها المالك الحصري للإسلام النقي. هذه شعارات تخطف عقول الجماهير وتجعلها توقن بأن هذه الجماعات والأحزاب تمتلك مفاتيح الأجوبة والحقيقة لتحديات العرب الحضارية.

إذن نحن بحاجة إلى ضخ ما نستطيعه من الكتب في مناهجنا الدارسية، الكتب التي هي ضمانتنا أمام تلك الشياطين التي تتربص بالعقل العربي.

وليست فقط الكتب التي تفضح كوارث الإسلام السياسي مثل كتاب "السراب"، تشتاق عقول أبنائنا إلى كتب فكرية ثقيلة تفسر مسار الحياة والحضارة والتاريخ، كتب تعطيهم القدرة على إعادة قراءة وإعادة تقييم المسارات التي دخل فيها عالمنا العربي منذ عصور الإستقلال عن قبضة الإستعمار الإوروبي والحكم العثماني الغليظ.

وتلك الكتب التي نريدها لعقول أبنائنا لا تقتصر فقط على فضاءات الفكر بل هي أيضاً تمتد إلى الأدب وبالذات فن الرواية.

حيث أن فن الرواية منذ بدايته لم يساهم فحسب في نمو فنون أخرى كالصحافة والسينما مثلاً، بل أيضاً أعطى أجيالاً من القراء قيماً أخلاقية أصيلة وأبرزها: قوة الإحساس بمشاعر وحياة الآخرين. وكم نحتاج إلى هذه الخصيصة المباركة في العالم العربي.

تولستوي وهمنغواي وجيمس بولدوين ونجيب محفوظ وجمال الغيطاني وأسماء كثيرة ممن منحوا للعقل والروح الإنسانية ألقاً خاصاً، نتاجات هؤلاء تستحق منا الإنتباه والعناية التي تؤدي بنتاجاتهم لمناهجنا.

نعم عقول أبنائنا جائعة ومتعطشة للمعرفة وهذا ليس أمراً غريباً، بل هو مسار الطبيعة. الأمر غير الطبيعي هو أن لا نوفر لهم ما يستحقونه وما يتطلبه أمننا ومستقلبنا – من أدوات وهي الكتب- لمواجهة وفهم وعقلنة تحديات المستقبل.