عناصر من الأمن التونسي (أرشيف)
عناصر من الأمن التونسي (أرشيف)
الخميس 24 نوفمبر 2016 / 16:49

استقرار أمني بعد مرور سنة على فرض الطوارئ في تونس

مع مرور عام على فرض حالة الطوارئ في تونس إثر مقتل 12 شرطياً في هجوم انتحاري على حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة عام 2015، تشهد البلاد استقراراً أمنيا رغم وجود تهديدات، وسط تساؤلات عن جدوى استمرار العمل بهذا الإجراء الاستثنائي.

ويوم الهجوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي تبناه تنظيم داعش المتطرف، فرضت رئاسة الجمهورية حالة الطوارئ مدة شهر، ثم مددتها مرات عدة.

وجاء الاعتداء إثر هجومين سابقين في 2015 على متحف في العاصمة وفندق في سوسة، أسفرا عن مقتل شرطي و59 سائحاً أجنبياً، وتبناهما التنظيم نفسه.

استقرار الأوضاع
وآخر مرة، مددت رئاسة الجمهورية الطوارئ 3 أشهر إضافية اعتباراً من 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2016.

ومطلع الشهر الحالي، قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد إن "الوضع الأمني في تونس مستقر، وإن بلاده ليست مهددة بالإرهاب أكثر من دول أخرى في العالم".

وأكد الشاهد أن تونس مستعدة للتعامل مع التهديدات، منوّهاً بـ"النجاح الكبير لقوات الأمن والجيش في محاربة الإرهاب".

ولم تشهد تونس هجمات متطرفة كبرى منذ 7 آذار (مارس) 2016 في بنقردان الحدودية مع ليبيا، كما عاشت البلاد هذا العام أول رمضان دون هجمات متطرفة منذ 2012.

وأفاد مسؤول أمني طلب ألا يُنشر اسمه أن "استمرار العمل بحالة الطوارئ في تونس يمليه بالأساس تواصل التهديدات الإرهابية في الداخل والخارج".

وقال المصدر إن "المجموعات الإرهابية مازالت تتحرك في جبال الولايات الغربية الحدودية مع الجزائر، وتنفذ عمليات من حين لآخر على الرغم من تضييق الخناق عليها والقضاء على عدد من قياداتها".

ومطلع الشهر الحالي، قتل متطرفون عسكرياً بمنزله في جبل مغيلة في هجوم تبناه تنظيم داعش.

وأضاف المسؤول الأمني "لا يكاد يمر أسبوع منذ فرض حالة الطوارئ، دون أن يفكك الأمن خلايا إرهابية أو يجهض مخططات إرهابية أو يحجز أسلحة وذخيرة".

وذكر أن قوات الأمن عثرت منتصف الشهر الحالي على 27 كلاشنيكوفاً و24 صاروخاً من نوع "سام 7"ـ في مخبأ أسلحة في مدينة بنقردان الحدودية مع ليبيا.

فوضى ليبيا
وتعبر تونس باستمرار عن قلقها من تدهور الأوضاع في ليبيا، التي ترتبط معها بحدود برية مشتركة طولها نحو 500 كلم.

ويرى الأستاذ الجامعي والباحث في الشأن الليبي رافع الطبيب أنه "يتعين الإبقاء على حالة الطوارئ في تونس، بسبب الفوضى في ليبيا".

وقال إن حالة الطوارئ "سهلت عمل قوات الأمن في مكافحة الإرهاب، إذ أصبح بإمكانها مداهمة أماكن مشبوهة، وتوقيف مشتبه بهم من دون وجوب الحصول على أذون قضائية، ومكّن ذلك من كشف مخابئ كبيرة للأسلحة وتفكيك جماعات إرهابية خطيرة في الفترة الأخيرة".

ويعطي قانون الطوارئ وزارة الداخلية صلاحية فرض حظر تجول الأفراد والمركبات ومنع الإضرابات العمالية، وفرض الإقامة الجبرية وحظر الاجتماعات، وتفتيش المحلات ليلاً ونهاراً، ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية، دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء.

الاحتقان الاجتماعي
لكن التهديدات الإرهابية ليست على ما يبدو السبب الوحيد للإبقاء على حالة الطوارئ.

ويرجح المحلل طارق بالحاج ان يكون "تنامي الاحتقان الاجتماعي الناجم عن ارتفاع معدلات البطالة، وتدهور وضعية الطبقة المتوسطة، وتردي ظروف المعيشية، والهشاشة السياسيةوراء استمرار العمل بحالة الطوارئ".

وقال: "المقصود بالهشاشة السياسية حالة التشظي والانشقاقات التي يعيشها حزب نداء تونس الحاكم، وعدم قدرته على التأثير في الواقع، واحتمال انفراط الائتلاف الحكومي الحالي القائم على توافق بين أحزاب علمانية وحركة النهضة الإسلامية".

من ناحيته، أقر المسؤول الأمني بوجود "خشية لدى السلطات من تأجج احتجاجات اجتماعية جديدة، مثلما حصل في يناير (كانون الثاني) 2016، عندما شهدت البلاد أكبر موجة احتجاجات اجتماعية منذ 2011".

وقال: "في صورة حصول مثل هذه الاحتجاجات، لن يكون أمام السلطات غير تفعيل حظر التجول الذي يتيحه قانون الطوارئ، حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة، وحتى لا يستغل الإرهابيون الوضع".
وينتقد حقوقيون التمديد المستمر في حالة الطوارئ، وقال الكاتب العام لـ"الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" مسعود الرمضاني إن "قانون الطوارئ حدّ من حرية أشخاص كثيرين، وضعتهم أجهزة الأمن تحت المراقبة الإدارية لمجرد الشبهة".

وأوضح ان هؤلاء "مطالبون بالحضور لدى مصالح الأمن متى طلبت منهم ذلك، وفي أي وقت من اليوم".

حلول الإرهاب
واعتبر الرمضاني أن "حالة الطوارئ لن تقضي على ظاهرة الإرهاب لأن حلولها تكمن في معالجة الاشكاليات الاقتصادية والاجتماعية وتطوير التعليم والثقافة".

والثلاثاء، أعلن وزير الداخلية الهادي المجدوب أمام البرلمان أنه تم في 2016، وفي في إطار إجراءات مقترنة بإعلان حالة الطوارئ وخوض الدولة الحرب على الإرهاب، منع 3970 شاباً تونسياً من السفر إلى الخارج، للاشتباه في احتمال التحاقهم بتنظيمات متطرفة في سوريا وليبيا والعراق، مقابل 5000 في 2015.

وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش، فرض وزارة الداخلية الإقامة الجبرية على 139 شخصاً على الأقل، مشيرة إلى أن هذا الإجراء انعكس بصورة سلبية علي حياة العديد منهم وجعلهم عاجزين عن متابعة الدراسة والعمل.

ولفتت المنظمة الحقوقية إلى أن تونس لم تقم باتخاذ كل الإجراءات لضمان معيشة هؤلاء الأشخاص وعائلاتهم، مثلما ينص على ذلك قانون الطوارئ نفسه.