الرئيس الإخواني المخلوع محمد مرسي ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون.(أرشيف)
الرئيس الإخواني المخلوع محمد مرسي ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون.(أرشيف)
الإثنين 13 فبراير 2017 / 20:09

علاقات سرية.. لكنها مفضوحة

رغم هزيمة أصدقاء الإخوان في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة إلا أن الغطاء السياسي والإعلامي الأمريكي لم يرفع عنهم، وما زال لدى الجماعة من يدافع في أمريكا عن وجودها المشبوه في بلادنا، ومن يتطوع في الدعوة إلى شرعنة هذا الوجود

كُتِب الكثير عن ارتباط جماعة الإخوان المسلمين بالمشروع الأمريكي في المنطقة، وهو المشروع الذي يرتكز على تمكين إسرائيل وتعزيز سطوتها في الإقليم على حساب المحيط العربي المحاصر بأطماع اليهود والفرس وأحفاد العثمانيين. ولعل تجربة سنة حكم إخواني في مصر تعبر بشكل واضح عن هذا الارتباط الذي بدا جلياً في حرص الإخوان على التمسك بكامب ديفيد التي كانوا يعلنون معارضتهم لها في عهدي الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك، بل إنهم ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك في "رسائل الود" المتبادلة بين محمد مرسي وشمعون بيريز، ولم يتوقف "الود" عند هذا الحد بل فاجأ مرسي المصريين والعرب جميعاً بقطع العلاقة مع سوريا (إقليم الشمال في دولة الوحدة المصرية – السورية التي كانت تسمى الجمهورية العربية المتحدة).

بالطبع، ينكر الإخوان المصريون ومعهم أقرانهم في حماس هذا الارتباط بالمشروع الأمريكي، بل ويتهمون أنظمة اليمين السياسي التي انقلبوا عليها في مصر وغزة وتونس بتشويه صورتهم وترويج الأكاذيب عن أدائهم في الحكم وسياساتهم التي تتميز بصقوريتها المدهشة إزاء كل القوى الأخرى، ووداعتها الحمائمية إزاء إسرائيل، لكن الواقع يؤكد ما نذهب إليه في تشخيص هذا الأداء، كما أن اعترافات قيادات إخوانية سابقة تؤكد حقيقة الارتباط المباشر بين التنظيم الدولي للإخوان وواشنطن.

ولعل ما كشفه محمد حبيب النائب الأول السابق للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر يبدد الشكوك حول هذه العلاقة المعيبة بين الإخوان ورعاتهم الأمريكان.

ويقول حبيب في حواره المنشور في جريدة "الوطن" المصرية إن "الإدارة الأمريكية هي من أوصل الإخوان إلى سدة الحكم في مصر لحفظ أمن وأمان إسرائيل، وهي التي كانت قبل ذلك قد ضغطت على الرئيس الأسبق حسني مبارك لزيادة مشاركتهم في الحياة السياسية في البلاد، وهو الأمر الذي جعل الدولة تنسق معهم في انتخابات 2005".

من جهتهم لا ينكر الأمريكيون هذه العلاقة، ولعل مراجعة التصريحات الواضحة وزلات اللسان أيضا للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون تكشف أن واشنطن لم تكتف برعاية الإخوان ودعمهم بل ذهبت إلى أبعد من ذلك برعايتها ودعمها لجماعات الإرهاب الأصولي التي خرجت من تحت عباء الإخوان مثل داعش والقاعدة.

ورغم هزيمة أصدقاء الإخوان في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، إلا أن الغطاء السياسي والإعلامي الأمريكي لم يرفع عنهم، وما زال لدى الجماعة من يدافع في أمريكا عن وجودها المشبوه في بلادنا، ومن يتطوع في الدعوة إلى شرعنة هذا الوجود. وربما عبرت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية عن هذا الموقف في تقريرها المنشور أخيراً والذي يدافع عن الجماعة ويعارض تصنيفها كمنظمة إرهابية.

في هذا التقرير الذي أعده شادي حميد تقول المجلة إنه "لا يوجد خبير أمريكي في شؤون الحركات الإسلامية يوافق على وضع الجماعة على قائمة التنظيمات الإرهابية". وتعترف المجلة بأن الإخوان "جماعة سيئة ومرعبة ودكتاتورية وغير ليبرالية"، لكنها تختم بالتأكيد أن الجماعة " ليست تنظيماً إرهابياً.

بالطبع، لا يتطوع الأمريكيون الآن، ولم يتطوعوا في السابق، للدفاع عن جماعة بعينها إلا إذا رأوا فيها حليفاً يمكن توظيفه في خدمة مشروعهم سواء في منطقتنا أو أي مكان آخر في الكون، ولا ريب في أنهم يرون في تمكين الجماعة الإخوانية في بلادنا رافعة مهمة من روافع ترسيخ إسرائيل كدولة يهودية، وتحقيق الاعتراف بيهودية الكيان الإحتلالي بغطاء ديني يبدو ضروريا مهما كان زائفاً.

وربما في هذا السياق تتحرك أدوات إسلاموية في دول عربية أخرى، وتنشط في الدعوة للاعتراف باسرائيل والتطبيع معها. وقد بدأت فصائل إسلاموية مشاركة بما يسمى الثورة السورية، بالإعلان عن هذا الموقف، وعبر بعض أراجوزاتها عن قناعتهم بضرورة التطبيع السوري مع إسرائيل بعد تحقيق هدفهم باسقاط النظام الحاكم في الشام، بل إن وفوداً من هذه الفصائل تزور إسرائيل وتشارك علناً في مؤتمرات تقام فيها، ناهيك عن فتح أبواب المستشفيات الإسرائيلية لمعالجة جرحى الحرب من مقاتلي داعش وفتح الشام وفصائل أخرى.

وفي السودان ظهر أراجوز آخر يدعى يوسف الكودة ويرأس حزب الوسط الإسلامي، وينبري للدعوة إلى اعتراف بلاده بإسرائيل والتطبيع معها، مدعياً بأن لا مانع شرعياً لهذا الاعتراف والتطبيع.

خلاصة القول إن واشنطن لم تتغير، وكذلك حلفاؤها في المنطقة، وما زال البزنس السياسي يتاجر بالدين على حساب البلاد والعباد.