الإثنين 20 مارس 2017 / 14:13

" التعليم المبكر" باللعب.. وسيلة عالمية تثبت نجاحها

24 - الشيماء خالد

يُعدُّ التعليم المبكر إقراراً بضرورة استخدام أساليب تعليمية أكثر حداثة من خلال تعليم الأطفال عبر اللعب، بعد تجارب وبحوث ونظريات فلسفية أثبتت جدواها من ناحية تكوين نشء متفاعل مع الحياة العصرية وتطوراتها.. إنه نتاج سنوات من العمل والتجارب الثرية والمتنوعة عالمياً، التي استمدّت جدواها من أهمية وقوّة اللعب ومن دور أُناس من خارج الأسرة مهمتهم التعليم والإشراف والتوجيه.

ويأتي هذا التطور في البرامج التعليمية على المستوى العالمي مستنداً إلى أن باحثين ومعلمين يرون الآباء في مرحلة الطفولة المبكرة جزءا لا يتجزأ من عملية التعليم في تلك المرحلة، وهذا يتم في الغالب من خلال ترسيخ الفكرة القائلة: الآباء والأمهات هم مثل، بل هم،" المعلم الأول والأفضل" للطفل، وهي في حقيقتها تقرًّ واقعاً، إذ كما هو ملاحظ، وأيضا كما وصلت إليه الدارسات والبحوث، أن الأسرة هي البيئة الحاضنة والمؤثرة في الاكتساب المعرفي لدى الطفل، لذلك أصبح من الضروري وقوع نوع من الشراكة بين الأسر والمؤسسات التعليمية، في تلك المحلة المبكرة من عمر الطفل.
 
ادخال المؤسسات التعليمية باعتبارها طرف أساسي وفاعل ومسؤول في برامج التعليم المبكر، يدفع الأطفال إلى التعلم بكفاءة أكبر ويجعلهم يكتسبون معرفة أكبر عن طريق النشاطات القائمة على اللعب مثل: المسرحيات الدرامية، والفن والألعاب الاجتماعية، كما يحفز هذه الأطفال ويفجر طاقاتهم، وهذا يجعلهم، مستقبلاً، قوى فاعلة ومتفاعلة مع المجتمع، ومبدعة في مختلف المجالات.

"الرِّعاية النهارية".. وداعاً
وبحسب موقع "إديوكيشن وورلد" المتخصص، فكون التعليم المبكر يتطلب مستوى يتعدَّى الإشراف أو التعليم التمهيدي، كما هو في دور الحضانة" أو رياض الأطفال عموماً ـ أو ما يعرف بالرعاية النهارية، خاصة لأطفال ما بين سن 3-6، إلى استخدام أساليب تعليمية أكثر تأثيراً وفاعليةً، فإن التوظيف في مؤسسات التعليم المبكر، أصبح يتطلب مؤهلات تعليمية مختلفة تتناسب مع طبيعة التعليم في تلك المؤسسات.

لاشك أن للعمر تأثير على مدى تقبل الطفل للتعليم المبكر ـ حتى لوكان ذلك يتم عبر اللعب ــ لذلك من الضروري التركيز في معظم العامين الأولين من حياة الطفل على تنمية" الشعور بالذات" الأولي لديه، ذلك لأن غالبية الأطفال تكون قادرة على التفريق في العام الثاني، حيث يبدو التميز بين طفل وآخر، مما يشكل جزءًا حاسما من قدرة الطفل على تحديد كيف ينبغي أن يتعامل مع الأشخاص الآخرين، هنا لابدّ من تأكيد برنامج التعليم المبكر على الروابط الأسرية والثقافية واللغة الأم عن طريق العناية الخاصة بكل طفل.

دور الأسرة.. وحنانها

لقد أثبتت نتائج الدراسات الاجتماعية والنفسية أن التعليم المبكر لا يعتبر بديلاً عن الأسرة، لأن فوائد التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة تأتي من تجربة المشاركة، وأن أكثر من ساعتين ونصف الساعة في اليوم لا يضيف كثيراً إلى نتائج نمو الطفل، خصوصاً عندما يسلب جانباً من التجارب الأخرى والاتصال بالأسرة، وهذا يتناقض مع اعتقاد خاطئ ساد لوقت طويل، يعتقد أصحابه أن الساعات الإضافية للتعليم الرسمي للطفل الصغير يضفي فوائد أكبر من التوازن بين التعليم الرسمي ووقت الأسرة.

من الناحية العلمية، فإن التعليم المبكر يطبّق عدة مناهج منها: المنهج التنموي التفاعلي، وفكرته الأساسية تقوم على إشراك الأطفال في الحصول على الكفاءة عن طريق التعلم من خلال اللعب والاكتشاف، وهذا المنهج آت من نظريات جان بياجيه وإريك إريكسون وجون ديوي وميتشل لوسي سبراغ وغيرهم، مع إمكانية احداث تغيير فيها مع ما يتناسب مع كل بيئة تعليمية، وطبقاً للثقافة المكتسبة، وللدين، وللأعراف ولعادات المجتمع.

مؤتمر موسكو
لقد أصبح التعليم المبكر لغة العصر، وهو اليوم يحظى باهتمام دولي واسع النطاق، ظهر جلياًّ في أول مؤتمر حول رعاية وتعليم الطفولة المبكرة عقد في موسكو في 27 و29 من سبتمبر عام 2010، اشتركت في تنظيمه اليونيسكو، وتركزت أهدافه الرئيسة على ما يلي:

* التأكيد مجدداً بأن التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، هو حق من حقوق جميع الأطفال، وهو أساس للتنمية.

 * تقييم تقدم الدول الأعضاء من أجل تحقيق هدف التعليم للجميع.

* تطبيق قيود ملزمة لزيادة الفرص بشكل عادل من أجل الحصول على جودة خدمات التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة.

* وضع أهداف ومقاييس فعالة لتحقيق هدف التعليم للجميع في عام 2015 وما بعدها.

* تحديد الركائز الرئيسية التي من شانها مساعدة الدول الأعضاء في الوصول إلى الأهداف المحددة.

* تعزيز التبادل العالمي للممارسات الجيدة.

ومن الواضح بالنظر لكل ما سبق أن اتساع تجارب البشرية في هذا المجال، خاصة لدى الدول التي تولي عناية خاصة للتعليم، ومن بين الدول العربية تظهر الإمارات من خلال البرنامج الذي طرحه، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، والذي سينطلق من خلال فروع مؤسسة التنمية الأسرية في بداية أبريل(نيسان) المقبل.