صورة مركبة للرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
صورة مركبة للرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الخميس 27 أبريل 2017 / 14:22

اتصال ترامب بأردوغان بعد الاستفتاء... خطأ فادح!

وصف الكاتب جورجي غونيف، بمجلة أمريكان ثينكر الأمريكية، المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، غداة الاستفتاء الذي أجرته تركيا مؤخراً حول التعديلات الدستورية، بأنها "خطأ فادح".

تصرف ترامب يعطي الانطباع الخاطئ بأن أردوغان قادر على خداعه بالطريقة نفسها التي نجح بها في خداع أوباما

وينتقد الكاتب في مستهل مقاله أردوغان ويصفه بأنه "إسلامي متشدد" يحلم بتحويل تركيا إلى دولة جهادية، مشيراً إلى تصريحاته منذ فترة طويلة لشعبه بأن الديمقراطية مثل "قطار الأنفاق" الذي يمكن لراكبه (في إشارة إلى أردوغان نفسه) أن ينزل منه عند المحطة التي يختارها.

ديكتاتورية أردوغان
ويقول الكاتب: "انتهى الاستفتاء البالغ الأهمية لتحديد مستقبل تركيا بإعلان أردوغان انتصاره وحصوله على أغلبية أصوات الناخبين رغم أن فوزه المزعوم قد تحقق من خلال أغلبية ضئيلة، ورفضت المعارضة الاعتراف بشرعية محاولة أردوغان لتحويل تركيا إلى جمهورية رئاسية وتأسيس ديكتاتوريته الشخصية، كما أعلنت المعارضة عدداً من المبررات الرئيسية للطعن بنتيجة الاستفتاء وأبرزها استمرار فرض حالة الطوارئ أثناء إجراء الاستفتاء وعدم توفير الظروف الملائمة لإجراء انتخابات نزيهة، فضلاً عن أن التلفزيون التركي كان يبث فقط الأراء والتحليلات السياسية المؤيدة لأردوغان وأنصاره، ومنعت السلطات التركية عقد جميع اللقاءات العامة تقريباً التي خططت لها المعارضة؛ بدعوى عدم تلبية المتطلبات الصعبة بموجب حالة الطوارئ المفروضة على البلاد".

وفي الوقت نفسه، يشير الكاتب إلى سجن العديد من الضباط والعسكريين والصحفيين الأتراك في حملة التطهير الواسعة التي شنها أردوغان، ويخشى أكثر من 70% من الناخبين الأتراك من الممارسات الديكتاتورية لرئيسهم الذي يرغب في أن يظل في السلطة إلى الأبد.

تسرع ترامب
ولا تزال ردود الفعل الدولية تجاه الاستفتاء التركي معقدة للغاية مثلما هي الحال داخل تركيا، وحتى الآن كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الوحيد الذي قدم تهنئة مبكرة لأردوغان على فوزه في الاستفتاء؛ إذ يؤخر قادة روسيا والصين ورؤساء الدول الأخرى وأعضاء الاتحاد الأوروبي اعترافهم بالنظام التركي. وللأسف ينطوي مثل تصرف الرئيس ترامب، بحسب الكاتب، على اعتراف أمريكي رسمي بانتصار أردوغان المشكوك فيه.

ويتساءل الكاتب عن السبب الذي دفع واشنطن إلى قبول سلطة أردوغان المطلقة بهذه السرعة، لافتاً أن تسرع ترامب بإجراء المكالمة الهاتفية مع أردوغان يعكس بشدة غياب المناقشات الجادة لقرارات الرئيس الأمريكي، ويعطي انطباعاً بأن الدورس التي كان يمكن استخلاصها من الأحداث المهمة الحديثة للتاريخ الأمريكي وكذلك التركي قد تم تجاهلها تماماً.

تحالف سري بين أوباما وأردوغان
ويشير الكاتب إلى أن الشعب الأمريكي لم يطلع منذ البداية على وجود تحالف سري بين الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وأردوغان؛ إذ كانت هذه العلاقة المهمة عاملاً جوهرياً في إطالة أمد الحرب الأهلية السورية وجعلها أكثر قسوة، وكان التعاون الأمريكي التركي يسير بسلاسة وفاعلية، ولكن كان من المفترض أن يلتفت أوباما إلى وصول آلاف الجهاديين إلى تركيا وإلحاقهم بالجماعات الجهادية المتعصبة في سوريا، وهي العملية التي تمت تحت إشراف أردوغان. وعلاوة على ذلك كانت المشاركة التركية في الحرب السورية واضحة منذ البداية لأي شخص يهتم بإمعان النظر في خريطة الصراع؛ إذ كان تدريب مقاتلي داعش وحصولهم على جميع مستلزمات الحرب يقع على مسافة لا تتجاوز بضعة أقدام من الحدود التركية.

ويلفت الكاتب إلى بعد آخر للتدخل التركي "الوحشي" في الصراع السوري ويتمثل في تصرفات السلطات التركية إزاء حركة مجموعات كبيرة من اللاجئين إلى أوروبا، ومن ثم فإن أردوغان هو "المذنب الرئيسي" الذي تسبب في تداعيات مأساوية من جراء دعمه الشامل للجهاديين المتعصبين الذين تحركوا بالآلآف إلى سوريا عبر الحدود التركية، وفي الوقت نفسه تم توجيه عدد كبير من ضحايا الحرب النازحين إلى الدخول بشكل غير قانوني إلى دول الاتحاد الأوروبي.

خطأ فادح
وعلى جانب آخر، قاد الفشل الأمريكي في الشرق الأوسط بسبب تصرفات أوباما وسلبيته إلى إتاحة الفرصة لروسيا للتدخل عسكرياً لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، واستعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جميع المكاسب التي خسرها الاتحاد السوفيتي في الشرق الأوسط في الماضي، وفي المقابل أسفر إخفاق أوباما عن خسارة النفوذ الأمريكي في قيادة المنطقة.

ويخلص الكاتب إلى أن غياب إستراتيجية إمريكية للشرق الأوسط يؤدي إلى تداعيات مأساوية وخطيرة، مؤكداً أن المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس ترامب مع أروغان تُعد بمثابة خطأ فادح لسببين، أولهما أن تصرف ترامب يعطي الانطباع الخاطئ بأن أردوغان قادر على خداعه بالطريقة نفسها التي نجح بها في خداع أوباما من قبل، وثانيهما أنه يعطى رسالة للأكراد (أعداء أردوغان) مفادها أن الولايات المتحدة قد تخلت عنهم وخدعتهم.