الجمعة 9 يونيو 2017 / 21:12

عندما يكون مصير إيران وتركيا في قطر

تمر علينا الأحداث في الشرق الأوسط بسرعة البرق، خاصة بعد أن انقلب السحر على تميم بن حمد، وباتت قطر لأول مرة امارة هي بطلة الأحداث، والكلمة الأكثر تداولاً وبحثاً على كافة محركات البحث، وبكافة الوسائل الإعلامية، خاصة بعد أن باتت مفعولاً به وليس فاعلاً، وهنا دعونا نقرأ من هو الفاعل، من الفاعل الحقيقي والمحرك لدولة قطر، ولماذا نسيت إيران كل ما فعلته الميليشيات الممولة من قطر ضد حليفها بشار الأسد والعبادي ومالكي وغيرهم، وانتفضت للدفاع عن قطر، ولماذا ضحّت تركيا بآخر درجة فاترة متبقية من العلاقات مع كافة الدول العربية في سبيل التضامن السياسي والعسكري مع قطر.

فعلى غرار الاجتماع السري الذى تم بين وزير خارجية قطر وقائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليمان في بغداد أثناء تواجد الرئيس الامريكي بالرياض، عقد اجتماع هام لحلفاء قطر وببغداد أيضاً يوم الإثنين الماضي، اجتماع ضم وفوداً أمنية وسياسية من إيران وتركيا وقطر والعراق لبحث كيفية مواجهة الدول العربية في الملف القطري، وبعدها بـ 48 ساعة استقبل أردوغان وزير الخارجية الإيراني لبحث كيفية كسر الحصار على قطر وكيفية مواجهة العرب.

والآن وبعد أن أقر البرلمان التركي ذو الأغلبية الإخوانية المنتمية للحزب الحاكم بقانون يسمح بنشر قوات تركيا في قطر، بالتزامن مع الهجوم الإعلامي التركي الشرس على الدول العربية، يكون دخل أردوغان في صراع صريح للدفاع عن عمقه الاستراتيجي في المنطقة، والداعم المادي الأول له، ولمشاريع تخرج الإرهابيين من معسكرات شرق تركيا، وهذا ليس بشيء غريب، أما الشيء الغريب أو بالأحرى الجديد للعين المجردة، هو سرعة تحرك إيران لإنقاذ تميم وبشكل مباشر وعلني دون أي تردد، بينما لم تلجأ إيران لتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك مع سوريا في كل المراحل التي مرت بها الحرب السورية، وهو يفترض أن بشار الأسد هو حليف إيران وليس تميم، والآن سنشاهد القوات التركية والحرس الثوري الذى يفترض وجود حرب بينهم في سوريا، بجوار بعض وكتف في كتف لحماية "حليفهم" الأول تميم بن حمد، فيا له من مشهد.

ولأن قطر وتركيا في خانة واحدة، فمن الطبيعي أن تنتظر قاعدة العديد الأمريكية في قطر نفس مصير قاعدة انجرليك التركية، التي أعلنت المانيا انسحاب قواتها منها والتوجه نحو قاعدة الأزرق في الأردن.

التاريخ الآن يعيد نفسه مجدداً، فالحقد الفارسي والعثماني تجاه العرب لم ولن ينتهي، وهذه المنطقة (الشرق الأوسط) لم تعد تتحملنا جميعاً، والتاريخ هو من يقول ذلك وليس أنا، والجغرافيا تؤكد ما يقوله التاريخ، ويجب علينا كعرب أن نعرف جيداً من هم أعداؤنا ومن هو عميلهم وسطنا، فمعركتنا كعرب لن تنتهي عند الدوحة بل هي البداية للتوجه نحو أنقرة وطهران، والأتراك والإيرانيون يعلمون ذلك جيداً، وإلا ما جاؤوا بجنودهم بتلك السرعة لحماية "حليفهم" في الدوحة، إلا لتأمين أنفسهم قبل أن يكون مصيرهم هو نفس مصيره، وأعتقد أن اختيار مصر كي تقوم سفارة اليونان (العدو التاريخي والجغرافي لتركيا) في الدوحة بالتمثيل الدبلوماسي لها، رسالة من رسائل القاهرة، التي لا يتوقف عقلها للحظة لحماية الأمن القومي العربي.

والعجب فيما يفعله تميم ليس في تمسكه بالإخوان، وإصراره على تأكيد الرسالة عندما انحنى ليقبل رأس الأفعى (القرضاوي) في صورة تم نشرها عمداً قبل ذهابه إلى الكويت لبحث الوساطة، فنحن نعلم تاريخ القرضاوي مع كامل العائلة الحاكمة وليس تميم فقط، ولكن أتعجب تصريحات تميم التي ينشرها الإعلام القطري كل ساعة تقريباً، والذي يرفض فيها تميم (حسب زعمه) الوصاية السعودية الإماراتية المصرية البحرينية على قطر، وهو يجلس في قصره الأميري الذي يحرسه عناصر من الحرس الثوري الإيراني، وأعداد كبيرة من الجنود الأتراك ستصل لحمايته، ويقول عن القوات الأمريكية المتواجدة بقاعدة العديد إنها "تحمينا من أطماع الدول التي لها حدود معنا (السعودية)"، فأي فصام وازدواجية يا أمير قطر.

نعم يا أحبائي قطر أصبحت الآن لطهران أهم بكثير من سوريا، بعد أن أصبحت قطر الواجهة الأولى والملعب الأول للمواجهة بين العرب وطهران وليست سوريا، والعثمانيون يعلمون جيداً أن مصير سلطانهم الجديد مرتبط بمستقبل مكتب رعاية مصالح الإرهاب في المنطقة الذي يديره النظام القطري، فهذا ما هو منصوص عليه في مبادرة حلف الناتو باسطنبول 2004 تحت عنوان دور تركيا في الشرق الأوسط الجديد، ولذلك المواجهة الآن ليست ضد النظام القطري فقط، بل وأدوات الشر في الإقليم كتركيا وإيران، فحفظ الله مملكة الحزم، ومصر العروبة، وإمارات الشرف والعزة، وبحرين السلام والخير.