الأحد 2 يوليو 2017 / 20:02

قطر ووصية ابن دويد

لما حضرت الشاعر الجاهلي دويد بن زيد الوفاة، وكان قد بلغ من العمر عتيّا، قال لبنيه:
أوصيكم بالناس شرا، لا ترحموا لهم عبرة، ولا تقيلوهم عثرة، ولا تأسوا على فائت وإن عز فقده، ولا تحنوا إلى ظاعن وإن ألف قربه.
ويبدو أن الحكومة القطرية وإعلامها قد تأثرا بهذه الوصية ونفذا جميع وصايات الشر التي وردت فيها، فاستوصيا بالناس شراً، ولم يرحما أحداً من قريب أو بعيد، وقد فعلا ذلك دون أن يرف لهما جفن.

وربما تعتبر قطر نفسها قد نجحت في إشعال ثورات الربيع العربية، وساهمت وشاركت بشكل أو بآخر في إسقاط أنظمة الحكم فيها، وذلك بمباركة ومشاركة مع تنظيم الإخوان الإرهابي، بحجة مساندة الشعوب للحصول على حريتها، والحكم بشرع الله، لكنه إحساسها بهذا النجاح اصطدم مع انكشاف أمرها للعالم أجمع بأنها أكبر داعمة للإرهاب، فوقعت في شر أعمالها، وها هي تتعرض لأكبر أزمة سياسية واقتصادية منذ إعلانها استقلالها في مطلع السبعينيات.

وبإدارة إخوانية، نجحت الحكومة القطرية خلال العقدين الفائتين في تقديم إعلام ظاهره الحيادية وباطنه التحريض، وذلك من خلال قناة الجزيرة الإرهابية، ثم توسعت شبكتها الإعلامية الخادمة لأجنداتها من خلال صحف خارجية ومواقع إلكترونية تتبع السياسة نفسها.

كما نجحت الحكومة القطرية مع الإخوان في تمويل ودعم كافة أشكال التطرف في مختلف الدول العربية، وبمليارات الدولارات، ودعمت وأسست منظمات حقوقية مشبوهة، وعقدت اتفاقيات مع كافة الأنظمة التي توجد بينها وبين العرب خلافات وعداوات قديمة كإسرائيل وتركيا وإيران.

أما تنظيم الإخوان، فقد وجد ضالته مبكراً في نظام الحكم القطري، ليستطيع إقناعه بتبني سياساته، التي لم تكن بعيدة عن السياسة الإيرانية الرامية إلى تحقيق السيطرة على الدول الأخرى من خلال تصدير الثروات إليها ثم إخضاعها إليها بعد سقوط أنظمتها.

إلا أن النظام القطري بلع الطعم الذي ألقى به إليه تنظيم الإخوان الإرهابي وظن أنه سيكون بمأمن من غدره الذي عرف خلال تاريخه الأسود بدمويته ووصوليته، ولنا في حادثة اغتيال التنظيم للرئيس المصري السابق أنور السادات نموذجا واضحاً على هذا الغدر الذي حاق بالسادات الذي أحسن إليهم وأخرجهم من السجون التي أودعهم فيها سابقه الرئيس جمال عبدالناصر.

فهل تظن حكومة قطر أنها ستكون بمنجى من غدر الإخوان؟

مخطئة هي إن ظنت ذلك، ومخطئة إن ظنت بأنها ستكون بمنأى عن الأخطار التي ستلحق بالدول العربية وجيرانها. ومخطئة إن اعتقدت بأن النظامين الإيراني والتركي يريدان الخير بها. ومخطئة إن ظنت بأنها بدعمها الثورات العربية لأجل تقويض نظام الحكم ثم استيلاء تنظيم الإخوان الإرهابي للاستيلاء على الحكم، ستكون هي مركز الحكم والمرجعية لهذا التنظيم الخبيث.

إن تنظيم الإخوان الإرهابي لا يفكر إلا بالحكم، والأمر الوحيد الذي نجح في تحقيقه خلال العقود الماضية وإلى يومنا هذا هو رسم السياسة القطرية الخارجية وتسييرها. إلا أنه يظل تنظيماً فاشلاً ومكشوفا، فها هو يضع قطر اليوم في أزمة حقيقية، تزداد تعقداً يوماً بعد يوم.

والنظامان الإيراني والتركي لا يفكران إلا بمصالحهما التي منها التمدد والسيطرة على دول المنطقة لتحقيق أطماعهما السياسية والاقتصادية التي لا تخفى على كثير منا، وتحالف النظام القطري معهما أشبه بهدية تقدم لهما على طبق من ذهب، والأيام القادمة ستثبت ذلك.