الرئيس الإخواني المخلوع محمد مرسي في قفص الاتهام.(أرشيف)
الرئيس الإخواني المخلوع محمد مرسي في قفص الاتهام.(أرشيف)
الإثنين 25 سبتمبر 2017 / 12:55

تنظيم الإخوان الإرهابي يعيش في عالم آخر (5)

24- زياد الأشقر

يخلص الباحث نواف عبيد في دراسته "الإخوان المسلمون: إخفاق في التطور السياسي"، إلى أن التنظيم الإرهابي حقق العديد من النجاحات ومني بالكثير من الإخفاقات منذ إطلاقه على يد حسن البنا، وخصوصاً بعدما تحول على مدى سنوات من تنظيم ذي هيكلية بالغة السرية يقوده مسنون إلى جمعية سياسية متعددة الأصوات.

إطاحة محمد مرسي تظهر عدم استعداد الإخوان للحكم، على رغم أنهم انتظروا سنوات، ربما ثمانين سنة، لإيصال شخص إلى السلطة

لذلك، تبدو فترات النجاح في التنظيم الإرهابي ناجمة إلى حد كبير من محاولاته البقاء على علاقة بظروف التغيير السياسي. والأمر الواضح هو أن الإخوان الإرهابيين يكافحون من أجل إيجاد مكان في المشهد السياسي العربي نتيجة تاريخهم الطويل من خلط الدين بالسياسة، والاقتتال الداخلي، والإرتباطات بالإرهاب.

الدين والدولة
ويلفت عبيد إلى أنه عندما نقارن الحركة الإسلامية اليوم بالتنظيم الإرهابي الذي أسسه البنا في مصر، يصعب القول إن الجماعة الإرهابية حققت الأهداف التي تأسست من أجلها. ومع ذلك يبدو واضحاً أن جماعة الإخوان الإرهابية التي تفرعت عنها تنظيمات أخرى، كانت هي نفسها مبنية على الإيديولوجيا، وليست عملية بالكامل وهكذا لم يكن في المقدور تحملها. وعلى رغم أن البنا أدرك أن التنظيم السياسي للدول الإسلامية خطا نحو مجتمع ديني-سياسي موحد، فهو لم يتحدث عن السلطات التي يجب أن تمتلكها الدولة-الأمة الحديثة. ومع ذلك، كان البنا واضحاً إزاء عدم تسامحه حيال فكرة الفصل بين الإسلام والدولة – وهو تنازل أقدمت عليه جبهة العمل الإسلامي في الأردن وحزب العدالة والتنمية في المغرب من أجل الحفاظ على موطئ قدم في الحياة السياسية.

إخفاق
وفي نهاية المطاف، يضيف عبيد، إن جماعة الإخوان الإرهابية هي حركة معارضة أخفقت في تحويل نفسها إلى جهاز يمكنه أن يحكم. ويدعي البعض بأن إيديولوجيتها هي في صلب مشاكلها، التي تزايدت نتيجة عادتها التي لا يمكنها الإفلات منها وهي تغذية المعتقدات المتعددة والمتناقضة أحياناً. ويقول خليل العناني مؤلف كتاب "الإخوان المسلمين بعد مرسي" إن مثل هذه المجادلات كانت لها اليد الطولى في عدم قدرة الإخوان الإرهابيين على الاحتفاظ بالسلطة. ويضيف أنه في الوقت الذي كان الإخوان الإرهابيون يتهيؤون للحكم "كان عليهم إحداث انتقال من عالمهم القائم على الأفكار والإيديولوجيا وهيكلية 1956. إن الإخفاق في التطور السياسي أضرّ بعالم السياسة والبرامج الواقعية، التي هي عبارة عن حاجة إلى التكيف والتوازن السياسي والإجتماعي والاقتصادي".

ومهما يكن، فإن الإخوان الإرهابيين أخفقوا مراراً في اتباع هذه النصيحة. وتبدو الجماعة الإرهابية الآن كانها تتحول إلى اتباع نهج أكثر تحفظاً. وكما كتب العناني: "عندما سألت الدكتور محمود حسين الأمين العام للإخوان، عن رأيه في يوم 30 يونيو (حزيران) 2013، أجابني أنه سيكون يوماً عادياً وأن الناس ستدافع عنهم...وعند هذه النقطة، أدركت أن قيادة الإخوان تعيش في عالم آخر، وأن لا صله لها بما يجري".

وفي مقال آخر، قال خالد معطي العضو في حزب الحرية والعدالة: "لا نقبل بهذه الحكومة. هذه الانتخابات إذا ما جرت، لن تكون شرعية لأنهم جميعهم غير شرعيين". ويمكن القول، إن هذا الرفض الحاد للقبول بالحكومة بصفتها حكومة شرعية يمكن أن يضر بصورة الإخوان وبأي فرصة لعودتهم إلى الحياة السياسية.
  
السيسي والإسلام
وأكد السيسي بوضوح أنه لا يريد استبعاد الإسلام، بل على العكس، فإنه يعارض أولئك الذين يسيئون إلى الدين من أجل مصالحهم. ووجه إصراره على الإسلام وإعادة تعريفه، رسالة إيجابية للكثيرين الذين سئموا من رؤية الإسلاميين يقتلون باسم الدين. ومثلاً بعد إطلاق النار في مجلة "شارلي إيبدو" بباريس، دعا السيسي إلى "ثورة دينية"، مفترضاً أن "الفهم المعاصر للإسلام أبتلي بتبريرات العنف، مما يتطلب من الحكومة ورجال الدين فيها تصحيح تعاليم الإسلام".

وحتى أن السيسي تحكّم بنشر الإسلام في مصر من خلال تعيين أئمة في المساجد منسجمين مع إرادة الحكومة، ومن خلال كتابة خطب الجمعة. وقد طُبق خطاب السيسي بجدارة-أكثر جدارة مما كان الإخوان الإرهابيون قادرين على فعله- وقد جرى تعزيزه بمرور الوقت. فبين 1993 2008، كان الناشطون الإسلاميون وراء 60 % من التفجيرات الإرهابية مع عدد كبير من الضحايا. ولسنوات كانت وسائل الإعلام تعتبر الإسلاميين المتطرفين من القاعدة وطالبان على أنهم العدو، لذلك، كانت الصلات بين الإخوان الإرهابيين ومجموعات كهذه كافية لإثارة الرفض لها. وصار تنظيم الإخوان الإرهابي كبش محرقة.

استمرار لـ"التخريب المنهجي"
وأكد الباحث أن إطاحة محمد مرسي تظهر عدم استعداد الإخوان الإرهابيين للحكم، على رغم أنهم انتظروا سنوات، ربما ثمانين سنة، لإيصال شخص إلى السلطة، إلا أنها أثببت أيضاً السهولة التي يمكن فيها الحكومة ان تصير فاسدة. فبينما كان دور مبارك كدمية للأمريكيين مقبولاً من المصريين الذين سئموا من انتهاك السلطة، لم يقدم مرسي وصلاته بالإخوان نفسه كنقيض. لذلك، اعتبر وصول الإخوان الإرهابيين إلى السلطة بمثابة استمرار لـ"التخريب المنهجي" الذي عاناه المصريون لسنوات فاضطهدهم بمزيد من الهيمنة.