الإثنين 23 أكتوبر 2017 / 09:01

انتهى ‬داعش ‬ولم ‬ينته ‬الإرهاب

عبدالله بن بجاد العتيبي - الاتحاد

واجهت ‬مصر ‬أزمةً ‬كبيرةً ‬في ‬محاربة ‬الإرهاب، ‬في ‬عملية ‬أمنية ‬تمت ‬على ‬طريق ‬الواحات ‬في ‬محافظة ‬الجيزة ‬بين ‬قوات ‬الأمن ‬ومجموعة ‬إرهابية، ‬ذهب ‬ضحيتها ‬سبعة ‬عشر ‬من ‬الضباط ‬والأفراد ‬من ‬قوات ‬الأمن ‬المصرية ‬الباسلة ‬وخمسة ‬عشر ‬إرهابياً ‬مجرماً. ‬وحجم ‬العملية ‬وعدد ‬الضحايا ‬ونوعية ‬الأسلحة ‬تشير ‬بوضوح ‬إلى ‬أن ‬هذه ‬المجموعة ‬كانت ‬مدربة ‬ومجهزة ‬بشكل ‬محترف ‬لنشر ‬الإرهاب ‬في ‬مصر.

من ‬أهم ‬الجماعات ‬الإرهابية ‬الناشطة ‬في ‬مصر ‬تنظيم ‬"داعش" ‬الإرهابي ‬وتنظيم ‬"حسم" ‬الإرهابي ‬التابع ‬لجماعة ‬"الإخوان" الإرهابية، ‬وغيرهما، ‬لكن ‬المرجح ‬أن ‬يكون ‬هذان ‬التنظيمان ‬هما ‬الأقرب ‬لتنفيذ ‬عملية ‬بهذا ‬الحجم، ‬خصوصاً ‬مع ‬الامتداد ‬الصحراوي ‬للمنطقة ‬وصولاً ‬إلى ‬ليبيا.

سبق ‬الحادث ‬في ‬مصر ‬تفجير ‬في ‬مسجد ‬في ‬العاصمة ‬الأفغانية ‬كابول، ‬وسبق ‬ذلك ‬أيضاً ‬تفجير ‬في ‬الصومال، ‬فمع ‬الاندحار ‬السريع ‬لـ "داعش" ‬في ‬العراق ‬وسوريا ‬بدأت ‬تنظيمات ‬أخرى ‬تسعى ‬للحلول ‬مكانها ‬في ‬رفع ‬راية ‬الإرهاب، ‬وسعى ‬تنظيم ‬"القاعدة" ‬الأم ‬لاستعادة ‬شيء ‬من ‬شهرته ‬التي ‬أثر ‬عليها ‬كثيراً ‬بروز ‬"داعش"، ‬فخرج ‬زعيم ‬التنظيم ‬المصري ‬أيمن ‬الظواهري ‬يؤكد ‬أنه ‬لم ‬يعف ‬أحداً ‬من ‬البيعة ‬له ‬ولتنظيمه.

قدر ‬المنطقة ‬والعالم ‬هو ‬الاستمرار ‬في ‬محاربة ‬الإرهاب، ‬مهما ‬ظن ‬البعض ‬وحاول ‬التسويق، ‬لا ‬من ‬أصحاب ‬الرأي ‬فحسب ‬بل ‬من ‬أصحاب ‬القرار ‬أيضاً، ‬وفي ‬أكبر ‬وأهم ‬دول ‬العالم، ‬بأن ‬الأفضل ‬هو ‬التصالح ‬مع ‬الإرهاب، ‬وهو ‬ما ‬صنعه ‬أوباما خلال ترؤسه ‬الولايات ‬المتحدة ‬الأميركية، ‬ومن ‬قبل ‬ومن ‬بعد ‬عددٌ ‬من ‬الدول ‬الأوروبية، ‬قبل ‬تعولم ‬الإرهاب، ‬وانتقاله ‬لاستهداف ‬العالم ‬بأسره، ‬وهي ‬سنواتٌ ‬كان ‬الإرهاب ‬فيها ‬محمياً ‬بقوة ‬القانون ‬في ‬تلك ‬الدول، ‬طالما ‬أنه ‬لم ‬يصل ‬إليها ‬ويكتفي ‬بالعمل ‬في ‬دول ‬المنطقة.

انتهى ‬تنظيم ‬"داعش" ‬تقريباً ‬في ‬مقره ‬الأساس ‬في ‬العراق ‬وسوريا، ‬لكن ‬الإرهاب ‬لم ‬ينته ‬بعد، ‬ولن ‬ينتهي ‬في ‬المدى ‬المنظور، ‬وسيكون ‬على ‬العالم ‬أن ‬يستمر ‬في ‬محاربته ‬وتجفيف ‬منابعه ‬وقطع ‬جذوره ‬والصبر ‬والتحلي ‬بالنفس ‬الطويل ‬وبناء ‬استراتيجيات ‬ناجعة ‬ومتطورة ‬تتجدد ‬بحسب ‬الحاجة ‬حتى ‬يمكن ‬الحديث ‬عن ‬قضاء ‬مبرمٍ ‬على ‬الإرهاب ‬خلال ‬سنوات ‬طوال ‬قادمة.

منذ ‬بدء ‬الدول ‬العربية ‬الأربع ‬السعودية ‬والإمارات ‬والبحرين ‬ومصر ‬مقاطعة ‬قطر ‬ظهر ‬ضعفٌ ‬واضحٌ ‬في ‬قدرات ‬الجماعات ‬الإرهابية، ‬وهي ‬ستضعف ‬أكثر ‬ضمن ‬المواجهة ‬المفتوحة ‬الكبرى ‬لمشروع ‬إيران ‬الطائفي ‬الدموي ‬في ‬المنطقة ‬من ‬قبل ‬دول ‬المنطقة ‬وبالتعاضد ‬مع ‬استراتيجية ‬الرئيس ‬ترامب ‬الجديدة ‬تجاه ‬طهران ‬ونظام ‬الملالي ‬فيها ‬وحرسه ‬الثوري ‬الداعم ‬الأكبر ‬للإرهاب ‬في ‬العالم.

لكن ‬ضعف ‬تنظيمات ‬الإرهاب ‬لا ‬يعني ‬انحداراً ‬مستمراً ‬ومتصلاً ‬بل ‬ستكون ‬هناك ‬ارتفاعات ‬وانخفاضات ‬في ‬مسار ‬الحرب ‬على ‬الإرهاب، ‬وستختفي ‬جماعات ‬وتخرج ‬أخرى، ‬وإحدى ‬أهم ‬المهام ‬التي ‬يجب ‬إنجازها ‬القضاء ‬على ‬الملاذات ‬الآمنة ‬التي ‬يختبئ ‬فيها ‬الأصوليون ‬والإرهابيون ‬مثل ‬ما ‬تصنعه ‬تركيا ‬باحتضان ‬مجموعات ‬متعددة ‬من ‬الأصوليين ‬الإرهابيين ‬من ‬جماعة ‬"الإخوان ‬المسلمين" الإرهابية ‬ومن ‬عناصر ‬"القاعدة" ‬و"داعش» ‬وغيرهما.

تسود ‬في ‬بعض ‬الدول ‬الأوروبية ‬رؤية ‬مصلحية ‬قصيرة ‬النظر ‬تعتقد ‬بأن ‬ثمة ‬إمكانية ‬للتصالح ‬مع ‬الإرهاب ‬والدول ‬الراعية ‬له، ‬ولا ‬أدل ‬على ‬هذا ‬من ‬مواقف ‬تلك ‬الدول ‬من ‬أهم ‬دولتين ‬راعيتين ‬للإرهاب ‬في ‬المنطقة ‬والعالم، ‬إيران ‬وقطر، ‬مع ‬ضخامة ‬الأدلة ‬التي ‬تثبت ‬بما ‬لا ‬يدع ‬مجالا ‬للشك ‬مسؤولية ‬هاتين ‬الدولتين ‬المباشرة ‬عن ‬دعم ‬وتمويل ‬ورعاية ‬الإرهاب ‬وجماعاته ‬بشقيها ‬السني ‬والشيعي، ‬وهي ‬ستكون ‬وبالا ‬على ‬تلك ‬الدول ‬ما ‬لم ‬تشرع ‬في ‬مراجعتها ‬والنظر ‬للمستقبل ‬وأخطاره ‬برؤية ‬استراتيجية ‬طويلة ‬الأمد.

أخيراً، ‬مصر ‬مستهدفة ‬من ‬قبل ‬الإرهابيين، ‬وكل ‬الدول ‬العربية ‬مستهدفة ‬معها، ‬ويزيد ‬الاستهداف ‬بحجم ‬دور ‬الدول ‬وحزمها ‬في ‬مواجهته، ‬أما ‬إيران ‬وقطر ‬فبلا ‬إرهاب، ‬لأن ‬الحلفاء ‬لا ‬يهاجمون ‬بعضهم ‬بعضاً.