دبابة تركية في طريقها إلى عفرين السورية( أرشيف)
دبابة تركية في طريقها إلى عفرين السورية( أرشيف)
الإثنين 22 يناير 2018 / 00:47

تركيا: لماذا الهجوم على عفرين السورية الآن وما تداعياته؟

أطلقت القوات التركية السبت حملة عسكرية جوية وبرية تستهدف مواقع لميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا.

لماذا شنت أنقرة هذا الهجوم على منطقة عفرين، وما هي المخاطر والتداعيات التي قد تنجم عنه؟

تعتبر تركيا ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية امتداداً سورياً لحزب العمال الكردستاني في تركيا الذي تصنفه إرهابياً، على غرار ما تفعل دول غربية عدة، لذلك تنظر تركيا إلى هذه الميليشيا على إنها تهديد لأمنها القومي، وسبق أن اتهمتها بقصف بلدات تركية حدودية مع سوريا مرات عدة في الأشهر ال12 السابقة.

وهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً بشن عملية عسكرية ضد عفرين، مؤكداً أن وحدات حماية الشعب الكردية تمثل تهديدا للأمن القومي التركي.

الهدف
وقال مسؤول تركي كبير طلب التكتم على اسمه "الهدف من الهجوم على شمال سوريا، تحرير هذه المنطقة عبر إزالة الإدارة المرتبطة بحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية منها".

ويقول  المحلل في "سنتر فور أمريكان بروغرس" ماكس هوفمان إن "تركيا "مستاءة جداً" من توازن القوى القائم حالياً في شمال سوريا، والذي بات يميل كثيرا لصالح الأكراد والنظام السوري.

وأضاف: "تخشى أنقرة أن ينشأ بحكم الأمر الواقع كيان كردي معادٍ جداً لها في سوريا على حدودها الجنوبية".

والمعروف أن وحدات حماية الشعب الكردية تتلقى مساعدات كثيرة من قوات التحالف الدولي، وكان لها دور كبير في طرد تنظيم داعش من مناطق واسعة في سوريا، خاصةً من مدينة الرقة.

قلق تركي
ومن جهته، قال المحلل العسكري التركي عبدالله أغار إن الدعم المتزايد من واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية بالسلاح "أثار قلقاً شديداً" في تركيا.

وتؤكد السلطات التركية أن أنقرة ستستفيد في حملتها العسكرية هذه في منطقة عفرين من الخبرة التي اكتسبتها خلال توغلها الأول داخل الأراضي السورية بين أغسطس (آب) 2016 ومارس (آذار) 2017 عندما واجهت تنظيم داعش ووحدات حماية الشعب الكردية في الوقت نفسه.

وأضاف المسؤول التركي الكبير: "سنستفيد من الخبرات التي راكمناها في جرابلس وإعزاز والباب"، وهي ثلاث مدن انتزعتها القوات التركية من داعش في تلك الفترة في إطار ما عرف يومها بعملية "درع الفرات".

العملية "صعبة"
وأوضح المحلل أغار أنه لا يتوقع أن تكون العمليات العسكرية "سهلة"، بسبب عدد المقاتلين الأكراد الكبير، واكتظاظ منطقة عفرين بالسكان المدنيين.

وأكد الجيش التركي أنه اتخذ كل الاحتياطات اللازمة لتجنب سقوط ضحايا مدنيين.

ومن جهته قال المحلل أرون لاند من مؤسسة "سنتشوري":  "لن يكون سهلاً على وحدات حماية الشعب الكردية، رغم انضباطها وشراسة مقاتليها، الوقوف في وجه حملة عسكرية واسعة للجيش التركي".

وتابع أن المقاتلين الأكراد "سيقاومون الهجوم التركي بشراسة، لكني لا أعرف بالتحديد نوع السلاح الذي يملكونه، لذلك سيكون من الصعب جداً صد الهجوم التركي".

وأضاف لاند أيضاً: "إذا قررت تركيا النزول بقوة في هذه المعركة، وإذا لم تتدخل روسيا ولا الرئيس السوري بشارالأسد، فإن ميزان القوى لن يكون لصالح الأكراد".

وأوضح أخيراً أن وحدات حماية الشعب الكردية ستسعى للحصول على ضغوط دبلوماسية على تركيا لوقف هجومها.

ومنذ بداية الهجوم التركي السبت، يستاءل المحللون عن التداعيات المحتملة للهجوم على عملية السلام في سوريا، وعلى "مؤتمر الحوار الوطني السوري" المقرر أن ينعقد في سوتشي في روسيا في 30 يناير (كانون الثاني) الحالي.

العلاقات مع روسيا

وكان لروسيا عدد من الجنود في منطقة عفرين بمثابة مراقبين، إلا أنها  سحبتهم قبل بداية هجوم أنقرة رغم أنها تقيم علاقات جيدة مع وحدات حماية الشعب الكردية.

إلا أن المحلل هوفمان يعتبر أن هذه العلاقة بين موسكو والميليشيا الكردية قد لا تصمد بعد الهجوم التركي.

وأضاف هوفمان أن العملية التركية "قد تزرع الشقاق" بين موسكو ووحدات حماية الشعب الكردية، مشيراً إلى بيان لحزب الاتحاد الديموقراطي، الجناح السياسي للميليشيا الكردية، حمل روسيا وتركيا على السواء مسؤولية الهجوم التركي.

كما يعتبر المحلل لاند أن تعثر الهجوم التركي في شمال سوريا، عسكرياً ودبلوماسياً، قد ينعكس سلباً على موقع أردوغان في الساحة الداخلية التركية.

وشرح لاند أن "أردوغان يسعى إلى أكثرية قوية داعمة له في تركيا قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في 2019".

وأمام هذه الاستحقاقات فإن أردوغان قد يسعى إلى تعبئة الناخبين بانتهاج خط قومي متشدد.

ويخلص لاند في هذا الإطار إلى أن "تسجيل نصر عسكري سريع، وبأقل قدر من الخسائر سيخدمه كثيراً، أما أي تعثر فلن يفيد سوى المعارضة".