الممثل الأردني الراحل  ياسر المصري (أرشيف)
الممثل الأردني الراحل ياسر المصري (أرشيف)
الأحد 26 أغسطس 2018 / 20:57

نمر بن عدوان يموت مرة أخرى

لا يمكن لأحد أن ينكر دور الفن في المجتمعات المستنيرة. ولا يمكن لأحد أن ينكر أن الفنان هو المحور والمحرك الفاعل للمنتج الحضاري والفني. ولذا فلا عجب أن يبكيه المجتمع حين يُفقد أو يرحل، وهذا ما حصل في الأيام الماضية حين فجع المجتمع العربي بأحد صناع معرفته الماتعة، الفنان الأردني ياسر المصري.

لقب بفارس الدراما البدوية، وأبدع في تقديم أعمال ستظل في ذاكرة عشاق المسلسلات البدوية، مثل مسلسل الثأر المر عن قصة امرئ القيس

لُقب بفارس الدراما البدوية، وأبدع في تقديم أعمال ستظل في ذاكرة عشاق المسلسلات البدوية، مثل مسلسل الثأر المر عن قصة امرئ القيس، ومسلسل رأس غليص، إلا أن الدورين الذين لا يمكن أن ينساهما المشاهد العربي هما أداؤه لشخصيتي الفارسين الشاعرين خلف بن دعيجاء الشراري، ونمر بن عدوان العدواني. وكلاهما من شيوخ القبائل البدوية في الأردن، وهما من شعراء وفرسان البادية الذين ما زالت أثارهما تمثل تراثاً شفاهياً ثرياً للأجيال.

ثمة مشاهد فنية في الأفلام والمسلسلات تدخل الذاكرة ولا تغادرها. إنها تكتسب صفة الخلود. لا يُمكن للأجيال أن تنسى أداء الفنان ياسر المصري المتميز في مسلسل نمر عدوان لقصيدة استغفري يا بنت، والتي يقول فيها: نحن عبيد الرب، أسياد المخاليق. أو تصويره المؤثر لحزن البدوي على فراق زوجته ولوعته على موتها، ليدحض صورة ذهنية ترسخت في العقول عن جمود مشاعر البدوي وقسوته على المرأة في مسلسل خلف بن دعيجاء. في القصيدة التي يخاطب فيها ابنه عقاب يشتكي من لوعته على فقد زوجته وضحة:

يا عقاب فلكي بالبحر انكسر هو أو قلعي أضحيت أنا في لجة البحر محتار
راحوا وخلوني بحري ولوعي أبكي عليهم ليلتي وأنحب إنهار
يا اعقاب طول الليل أنوح والعي وأجوح جوح الذيب لن صابه اسعار
أصيح ابعالي الصوت بحس شنعي أسايله وين المحبين يا دار

لقد رحل الفنان ياسر المصري، وبقيت أدواره شاهدة على الفن حين يكون في خدمة الفكر، إن فقده لا يقل عن فقد زعيم وشاعر وفارس كنمر بن عدوان. لكن العزاء ليس للقبيلة هذه المرة، بل للعرب جميعاً.