طفل أفغاني جندته طالبان في مركز احتجاز (أرشيف)
طفل أفغاني جندته طالبان في مركز احتجاز (أرشيف)
الثلاثاء 4 سبتمبر 2018 / 13:57

جيل من الفتيان الانتحاريين ضحايا طالبان...كابول تسعى إلى إعادة تأهيلهم

في غرفة واسعة داخل مركز إصلاحي في كابول، يُحتجز مجموعة من المراهقين تعلو أصواتهم، باستثناء واحد يقبع صامتاً في ركن بعيد عنهم، إنه محمد إحسان، ابن السابعة عشر. وفيما يتميز أولئك المراهقون بالخشونة والجرأة، ينزوي إحسان بنفسه مطرقاً حزيناً. وهو لا يتكلم ما لم يخاطبه أحد، وغالباً ما يجيب بكلمة واحدة.

خذني إلى زعماء في الحركة طلبوا مني زرع قنابل في المدينة لأنني كطفل لم أكن لألفت الانتباه. وعندما رفضت، ضربوني مرات

وكتب روشي كومار، صحافي يعمل من أفغانستان، في موقع "فورين بوليسي"، أنه عندما جلس ليتحدث مع إحسان، ظل الفتى ينظر إلى الأرض، أو يمسك متوتراً بطرف قميصه الأبيض، كأنه يتمنى لو كان في مكان آخر.

دروس قاسية
يقول كومار إن صمت وخوف إحسان ناتج عن دروس قاسية. كان الفتى بين 27 مراهقاً محتجزين في  الإصلاحية، ممن جندهم ودربهم طالبان، أو تنظيم داعش، لزرع عبوات ناسفة في أنحاء عدة من أفغانستان.

واحتجز بعضهم، مثل إحسان، داخل سجن باغرام بالقرب من كابول الذي أدارته سابقاً قوات أمريكية.

وقال شاب سُجن لارتكابه جريمة قتل: "يخشى أطفال آخرون الاختلاط بهم لأنهم مسيسون وخطيرون جداً".

انتشار واسع
ويلفت كاتب المقال إلى انتشار واسع للعبوات الناسفة في العام الماضي، ما أدى لمقتل أو إصابة 1034 شخص.

ويحظى أطفال مثل إحسان قيمة أكبر عند إعدادهم ليفجروا قنابلهم، لصغر سنهم وأحجامهم ما يسهل تسللهم إلى المناطق المختلفة لزرع العبوات. 

ويُشير الكاتب إلى تعرفه، داخل المركز الإصلاحي، على سبعة أطفال، تتراوح أعمارهم بين 13 و17 سنة، دربتهم حركة طالبان لتنفيذ مهام عسكرية.

وأشار تقرير صادر عن "هيومان رايتس ووتش"، في 2016، إلى تدريب طالبان ونشرها مراهقين لتنفيذ عدد من العمليات القتالية، وخاصة زرع المتفجرات،  ومنذ ذلك التاريخ، ارتفع عدد أولئك المجندين.

وفي تقريرها عن حصار إقليم قندوز في 2015، قالت الأمم المتحدة إن طالبان تستخدم مجندين أطفال تقل أعمار بعضهم عن 11 عاماً، جنوداً في الصفوف الأمامية.

ولفتت باتريشيا كوسمان، كاتبة التقرير إلى أن "زيادة استخدام أطفال في عمليات قتالية بدأت في منتصف 2015، عندما حققت طالبان مكاسب في مناطق لم تكن سابقاً تحت سيطرتها".

طفولة هادئة
ويشير كاتب المقال لوجود إحسان في السجن منذ قرابة ثلاث سنوات.

وولد الفتى بعد بضعة أسابيع من إرسال الولايات المتحدة قواتها إلى أفغانستان. ويتذكر سنواته المبكرة بسعادة، حيث عاش في هدوء نسبي بعد سقوط نظام طالبان في 2001. وكان إحسان البكر لعائلة متدينة من شرق أفغانستان، وأمضى سنوات دراسته الأولى في مدرسة افتتحت بعد وقت قصير من الاحتلال الأمريكي، وكانت قريبة من موقع الفريق الأمريكي لإعادة إعمار أفغانستان.

إكراه وضرب
ويقول إحسان أنه عندما كان في الثالثة عشرة من العمر، اقترب منه عمه وقال له: " تعال معي... كنت أثق فيه لأنه عمي، لم يخطر ببالي قط أنه كان يعمل مع طالبان. أخذني إلى زعماء في الحركة طلبوا مني زرع قنابل في المدينة لأنني طفل ولم أكن لألفت الانتباه. وعندما رفضت، ضربوني مرات، وشعرت بخوف شديد، وأكرهوني على التعاون معهم"، ثم أقسم إحسان بحياته، أنه لم يكن يوماً عضواً في طالبان.

و ينقل كاتب المقال عن إحسان اعترافه بزراعة قنبلتين على طريق عام في منطقته، ما أدى إلى مقتل ستة مدنيين وإصابة ثمانية آخرين، وأنه اعتُقل بعد الهجوم مباشرة.

وأثناء وجوده في المعتقل التابع لمنطقته، التقى أبناء أحد الرجال الذين قتلتهم قنابله.

قال: "جاؤوا ليروني داخل السجن. كانوا في عمري. لم نتحدث، لكنها كانت لحظة مؤلمة".