(أرشيف)
(أرشيف)
الإثنين 10 سبتمبر 2018 / 10:15

الحكم بقضية اغتيال الحريري في 2019

تبدأ غداً الثلاثاء، المرحلة الثالثة من مراحل محاكمة المتهمين باغتيال الرئيس اللبناني السابق رفيق الحريري، إذ تشهد قاعة غرفة الدرجة الأولى في المحكمة، في لايدسندام في ضواحي لاهاي، الفرصة الأخيرة المتاحة أمام كل من الادعاء وفريق الدفاع عن المتهمين بالتورط في القضية، إضافة إلى وكلاء المتضررين من جريمة 14 فبراير (شباط) 2005، كي يدافعوا عن وجهة نظرهم وعن الأدلة والقرائن التي قدمها كل منهم، لإقناع المحكمة بالخلاصة التي توصل إليها.

وأكدت الناطقة باسم المحكمة وجد رمضان، أن الجلسات التي دعا إليها رئيس الغرفة القاضي ديفيد راي ستخصص لمرافعات الفرقاء الثلاثة النهائية، والتي سيحاولون من خلالها تثبيت ما سبق أن عرضوه خلال السنوات الأربع الماضية في الجلسات التي عقدت. الادعاء سيسعى إلى تأكيد متانة الأدلة التي قدمها ضد المتهمين الأربعة المنتمين إلى "حزب الله" (سليم جميل عياش، حسن حبيب مرعي، حسين حسن عنيسي وأسد حسين صبرا) وأنها لا يرقى إليها الشك المعقول، ومحامو الدفاع الذين عينهم مكتب الدفاع في المحكمة، سيذكّرون في مرافعاتهم بحججهم المشككة بأدلة مكتب المدعي العام وبالقرائن التي عرضها خلال سنوات المحاكمة السابقة، لا سيما دليل الاتصالات الخليوية الذي استند اليه الادعاء ليبرهن أنهم راقبوا الحريري وتنقلاته، وأنهم تواجدوا في منطقة مسرح الجريمة عند وقوعها وأنهم لفقوا ما اعتبره "الإعلان الكاذب" بتبني أحمد أبوعدس لها عبر شريط مسجل (خصوصاً عنيسي وصبرا)، وفقاً لما ذكرته صحيفة "الحياة" اللندنية اليوم الإثنين.

وكانت المحكمة ألغت المحاكمة عن القيادي في "حزب الله" مصطفى بدر الدين، بعدما كان من بين 5 متهمين في القرار الاتهامي، إثر مقتله في سوريا، لكن اسمه بقي يتردد في وقائع المحاكمة وبعض الشهادات كواحد من المخططين لمراقبة الحريري ثم تنفيذ العملية.

أما وكلاء المتضررين فسيطرحون مدى الأذى الذي لحق بهم جراء الجريمة نتيجة فقدانهم أحبة وأقارب أو إصابتهم بسبب الانفجار الذي استهدف موكب الحريري آنذاك وأدى إلى سقوط 21 ضحية أخرى بينهم عدد من المرافقين الشخصيين لرئيس الحكومة السابق.

وتكمن أهمية هذه المرافعات، بأن الأطراف الثلاثة، وخصوصاً الادعاء والدفاع، سيستخدمون أفضل وسائل الإقناع التي لديهم لإقناع قضاة الغرفة الخمسة بالاستنتاجات التي توصلوا إليها، كي يأتي الحكم الذي سيصدر عنهم، بإدانة المتهمين بالنسبة إلى الادعاء، أو بتبرئتهم بالنسبة إلى محامي الدفاع.

الحكم في 2019
وستستغرق المرافعات بين 10 و15 يوماً، تعلن في نهايتها غرفة الدرجة الأولى اختتام جلسات المحاكمة، لينعزل قضاتها من أجل المذاكرة التي تأخذ وقتاً طويلاً تمهيداً لإصدار الحكم في القضية، فإذا وجدت أن المتهمين أو بعضهم مذنبون صدر قرار بإدانتهم، ثم حددت العقوبة في حق من اعتبره الحكم مذنباً. وفي تقدير مصدر في المحكمة، أن المذاكرة بين القضاة الخمسة قد تمتد إلى ما بعد نهاية العام الحالي فلا يصدر الحكم إلا عام 2019، لأن عليهم مراجعة آلاف الصفحات والوثائق قبل إصدار حكمهم.

مذكرة الادعاء
وتقع مذكرة الادعاء في زهاء 389 صفحة، تروي ما جمعه التحقيق عن الجريمة وتعرض الخلفية والدوافع السياسية للجريمة ومنها التهديد الشهير من الرئيس السوري بشار الأسد للحريري، وتنتهي بالطلب من غرفة الدرجة الأولى أن تعتبر المتهمين مذنبين وفق التهم الموجهة إليهم في القرار الاتهامي واستناداً إلى الأدلة المقدمة من المدعي العام، إضافة إلى مئات الصفحات من الملاحق. ويطلب الادعاء النظر إلى الأدلة بشموليتها وليس في شكل مجتزأ.

مذكرات الدفاع
أما مذكرات الدفاع عن كل من المتهمين الأربعة فتقع بدورها في مئات الصفحات، وعدد كبير من الملاحق التي تتضمن أدلة ووقائع لتبرر طلب المحامين إصدار حكم ببراءة كل منهم. والأمر ذاته بالنسبة إلى مذكرات وكلاء المتضررين. ويحق لكل فريق الرد على مذكرة الآخر.

وقت كثير
وتلخص رمضان حاجة القضاة الخمسة إلى الكثير من الوقت من أجل الانصراف إلى المذاكرة قبل إصدار الحكم بالقول إن "غرفة الدرجة الأولى قد ترى ضرورياً مراجعة وقائع وردت في آلاف الصفحات من مجمل القرائن والأدلة التي قدمها الفرقاء الثلاثة ويبلغ عددها 3128 قرينة، من بينها شبكات الاتصالات التي استخدمها المتهمون، إضافة إلى نصوص إفادات 307 شهود تم استدعاءهم من الادعاء والدفاع (الذي شكك بأدلة الادعاء) ووكلاء المتضررين، من أجل التأكد مما إذا كانت تنطبق على مبدأ أنها فوق الشك المعقول وللتأكد من أن الشكوك التي وضعها الدفاع يمكن الأخذ بها أو لا".

المرحلة الرابعة
وتضيف رمضان: "بعد كل ذلك تنتقل القضية إلى المرحلة الرابعة التي هي النطق بالحكم في جلسة علنية تليها جلسة ثانية علنية أيضاً، تتحدد فيها العقوبة لكل من المتهمين إذا وجدت أنهم مذنبون". وتشير إلى أن "هذه المرحلة تشمل مهلة الـ30 يوماً أمام الدفاع لاستئناف الحكم أمام غرفة الدرجة الثانية مباشرة من دون المرور بقاضي الإجراءات التمهيدية. لكن في هذا الوقت تكون المحكمة طلبت من السلطات اللبنانية أن تجلب الأشخاص الذين تكون اعتبرتهم مدانين بالتورط بالجريمة. وهي المرحلة الخامسة. وتشير رمضان إلى أن غرفة الاستئناف (الدرجة الثانية) تنظر بطلب إعادة النظر بالحكم إذا جرى تقديم طلب بذلك من زاوية وجود خطأ قانوني محتمل ينسف قرار الحكم، أو من زاوية وجود خطأ في الوقائع يمس بعدالة الحكم والعقوبة، لكنها لا تراجع الأدلة".

وفي وقت أخذ بعض الذين يتناقلون أخبار المحكمة يتحدث عن أن الملخص النهائي يذكر اسم نصر الله ومسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، فإن مراجعة النص النهائي هذا تشير إلى ذكر اسم نصر الله في أكثر من حالة: الأولى حين يذكر الادعاء أن نصر الله أعلن أن المتهمين الأربعة هم (أخوة في المقاومة). وهذا قاله الأمين العام للحزب في خطاب علني، والادعاء يقتبسه كبرهان على انتماء المتهمين الأربعة الحزبي. والثانية حين يذكر في معرض عرضه لوقائع مراقبة تحركات الحريري بالاستناد إلى دليل الاتصالات الخليوية، تزايد المراقبة عند اجتماع الرئيس الحريري مع نصر الله عام 2004، في منطقة حارة حريك، من قبل المتهم سليم عياش من باب الدلالة على أنه كان على علم بالاجتماع على رغم سريته. كما يشير الادعاء إلى نصر الله في الفقرات التي تتناول الصفة القيادية لبدر الدين في الحزب وإلى إشادته به بعد إعلان مقتله في سوريا عام 2016.

كما أن الملخص النهائي (المذكرة) يذكر اسم صفا في معرض الحديث عن مقتل مصطفى بدر الدين في سوريا، بأنه كان من بين القياديين الذين شاركوا في تقبل التعازي ببدر الدين الذي وصفه بـ "القائد العسكري" للحزب. ويذكر غيره من الحزب أيضاً. كما يشير الملخص إلى اتصالات مسؤول جهاز الأمن والاستطلاع السوري رستم غزالة بصفا وتردده على منطقة حارة حريك، بعد تفاقم خلافات الجانب السوري مع الحريري.

وكان الممثلون القانونيون للمتضررين طالبوا في مذكرتهم المحكمة بأن يُسجل في الحكم أن المتضررين المشاركين هم، فرادى ومجتمعين، ضحايا الانفجار الذي وقع في 14 فبراير (شباط) 2005، بصرف النظر عن الاستنتاجات المتعلقة بالأفراد المتهمين، وأن يُسجل فيه أيضاً مدى معاناتهم، لكي يتمكنوا من المطالبة بتعويضات أمام المحاكم المحلية. والتمسوا أيضاً من غرفة الدرجة الأولى أن توصي بأن تنشئ الحكومة اللبنانية صندوقاً للمتضررين، وأن عدداً من المتضررين شعروا بأن الاعتذار سيكون مفيداً.