أمير قطر السابق حمد بن خليفة وزوجته الشيخة موزا (أرشيف)
أمير قطر السابق حمد بن خليفة وزوجته الشيخة موزا (أرشيف)
الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 / 23:58

قطر تحرم الغفران من الجنسية والدراسة وتتفاخر بإنفاق الملايين على مدارس في أصقاع العالم

24 - إعداد: ريتا دبابنة

شهدت الأيام القليلة الماضية سلسلة تحركات وأنشطة لقبيلة الغفران القطرية في جنيف، ضمن سعيها للتعريف بمأساتها الإنسانية ومحاولات أبنائها استعادة حقوقهم المسلوبة منذ 22 عاماً على يد النظام القطري، أهمها سحب الجنسية، والتنكيل بهم، واضطهادهم، وحرمانهم من أبسط الحقوق كالسكن، والتعليم، والعمل، والكثير غيرها من الانتهاكات اللاإنسانية القاسية.

وفي الوقت الذي تطالب القبيلة القطرية بحقوقها أمام المجتمع الدولي، تصم الدوحة آذانها عن استغاثة "المضيوم" ونحيب المقهور، وآهات الأمهات والأطفال الذي تقطعت بهم السبل في الداخل والخارج، بعد سلبهم الجنسية وحق المواطنة، وأبسط حقوق الآدميين في القرن الحادي والعشرين.

وفي الوقت الذي لا يجد فيه طفل الغفران، لباساً أو دواءً فضلاً عن فصل دراسي يمهد الحياة الكريمة لاحقاً في بلده، مواطناً كامل الحقوق، تتدفق التمويلات والهبات القطرية على أصقاع العالم المختلفة، من آسيا، إلى أمريكا ومن أفريقيا إلى أوروبا، بحثاً عن "جياع العالم ومشرديه" تحت أضواء قناة الجزيرة، وعدسات الإعلام الإلكتروني الدولي المحايد، والمحلي الموضوعي.

وفي كان أطفال الغفران في الأسبوع يستعرضون في جنيف مأساتهم بعد أن حرموا فرحة الانضمام إلى صفوف مدرسية تحتضنهم، تستعد بارغواي لاستقبال أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، الذي سيزور "آخر العالم" مدفوعاً بالرغبة في إنقاذ أطفال باراغواي المحرومين من التعليم، والمدراس، في بلادهم ووطنهم.

وتناقلت وكالة الأنباء الدولية اليوم، خبر اللقاء الذي جمع بين والدة أمير قطر الشيخة موزا المسند، بسيدة باراغواي الأولى سيلفانا لوبيز موريرا، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

كان سيكون مُثيراً حقاً  لو أن الشيخ والشيخة كلفا نفسيهما مشقة النظر حولهما إلى مئات المشردين من أطفال الغفران، الممنوعين من الدراسة في وطنهم، ولكن الشيخ ووالدته فضلا النظر إلى أطفال باراغواي من أبراج نيويورك الشاهقة لرؤية بؤس أطفال باراغواي بالعين المجردة، على أن ينظرا بالعدسات المكبرة لشقاء أبناء الغفران.

وفي الوقت الذي تطالب فيه القبيلة بأبسط حقوقها، جاء اللقاء بين سيدتي قطر وباراغواي، للنظر في  "سبل التعاون في مجال التعليم للحد من مغادرة التلاميذ للمدارس في باراغواي، من خلال دعم مؤسسة التعليم فوق الجميع التي ترأسها الشيخة موزا، ليؤكد أن أطفال الغفران، ليسوا في وارد اللحاق بما يُمكن أن يشبه مدرسة فضلاً عن مغادرتها، أو التسرب منها، فشمس مؤسسة التعليم فوق الجميع، لا تُشرق على أبناء هذه القبيلة المنكوبة.

مؤسسة مشبوهة
وليس غريباً والحال كذلك، أن تتجاهل "التعليم فوق الجميع" آلاف الغفران في الداخل والخارج، فالعمل الإنساني والاجتماعي، الذي جعل أمير قطر شخصياً يغرد اليوم الثلاثاء على حسابه الرسمي على تويتر قائلاً بعد لقاءاته في نيويورك:"لذا أعلنتُ تعهّد دولة قطر بتوفير تعليم جيد لمليون فتاة بحلول 2021، وعن دعمنا لإعلان شارلوفوا لتعليم الفتيات والنساء" عبر العالم.

تبدو الحكومة ومؤسسة التعليم فوق الجميع مثل الطائرة التي تُحلق على ارتفاعات شاهقة، لا يمكنها رؤية تفاصيل الأراضي التي تطير فوقها، ولكنه تعرف تماما بفضل أنظمة الملاحة، وأهداف الرحلة أين ومتى توزع ملايين الدولارات عبر العالم، وليس غريباً والحال كذلك، أن تتعرض تقارير دولية كثيرة، استخباراتية وسياسية واقتصادية وتربوية لدور المؤسسة المشبوه في أكثر من مكان ومن دولة.

ومن أبزر التقارير التي تعرضت إلى دور المؤسسة المشبوهة سلسلة الوثائق السرية التي كشفتها الشبكة 
الأوروبية التعاونية للتحقيقات، الهيكل العامل على غرار تحقيقات "أوراق بنما" مثلاً بالاعتماد على عشرات المتطوعين عبر العالم من الصحافيين الاستقصائيين، الذين كشفوا مثلاً جوانب من توظيف قطر، للمؤسسة التعليمية الدولية، التي تمول بسخاء منظمة اليونسكو منذ 2010، للشبكات الإعلامية والسياسية لأغراض لا علاقة لها بالتعليم والتربية، وإلا لكان الغفران أولى بالإنفاق بسخاء على المدعي العام السابق لدى المحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو، والفضيحة التي فجرتها التحقيقات الدولية التي عصفت بأوكامبو، وكادت تتسبب في انهيار المحكمة نفسها، بعد أن تبين حجم ارتباط المدعي العام السابق بمؤسسة الشخية موزا، بسبب الرشاوى التي حصل عليها المدعي العام السابق والمسؤول السابق في مؤسسة ترايسبيرانسي انترناشيونال بأمريكا اللاتينية، والشخصية الدولية المؤيدة لهيومن رايتس ووتش، التي ارتبطت أخيراً بعلاقات خاصة وودية مع الدوحة، وبعد زيارة مديرها لأمير البلاد شخصياً قبل أشهر قليلة.

وكشفت التحقيقات التي نشرت نتائجها عشرات الصحف العالمية، دور المؤسسة في افتتاح مدارس في الدول الفقيرة، خاصةً في أفريقيا، وأمريكا اللاتينية ولكنها كشفت أيضاً دورها في تمويل ودعم حركات تمرد مسلحة، وأخرى إرهابية، في السودان، وجنوب السودان، وأوغندا، وليبيا على سبيل الحصر لا المثال.
وكانت المعارضة القطرية في الخارج رغم كل ما قيل ويقال عنها، من أبرز من نبه وحذر من خطورة هذه المؤسسة المشبوهة، وجاء في أحد بياناتها قبل فترة قصيرة إن المؤسسة  تدعي "المساعدة في تعليم الأطفال في الشرق الأوسط وآسيا. لكن بعض الذين اطلعوا عن كثب على عمل هذا الكيان المنافق في دول فقيرة استغل أوضاع شعوبها، قالوا إن الاسم الذي يجب أن يطلق على المؤسسة هو العنصرية فوق الجميع".

انتهاكات صارخة
وبالعودة إلى قبيلة الغفران، فإنها لم تعرف أنها لو كانت قبيلة في أدغال أفريقيا، أو في أحراش أمريكا أو آسيا، لكان سهلاً عليها الحصول على دعم وتمويل مؤسسة الشيخة موزا، ولكن المواطنة المسلوبة حتمت عليها الذهاب إلى جنيف في محاولة لفضح الانتهاكات التي يرتكبها النظام القطري ضد أبنائها، حيث سرد جابر صالح العفراني مثلا، أحد رموز هذه القبيلة المضطهدة في شهادته أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، قائمة الانتهاكات الصارخة التي تعرضت لها قبيلته، من ذلك منعهم من كل سُبل العناية الصحية، والتعليم، والعيش الكريم، منذ 1996.

وبعيداً عن التوظيف السياسي من أي نوع، فلا شك أن أطفال باراغواي مثل كل أطفال العالم، يحتاجون إلى الرعاية والحماية، والتعليم والعلاج، والأمان والشعور به، بالاستناد إلى انتماء وطني واضح وجنسية يُفاخرون بها العالم، مهما كانت ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولكن الذي يحق لأطفال أسينسيون يحق حتماً أو أولاً لأطفال الدوحة، ألم يكن حرياً بقطر، أن تبدأ إحسانها بالاهتمام بأبنائها بتوفير حياة كريمة لهم، وضمان حقوقهم في التعليم، والصحة، والحياة الآمنة والمستقرة.